هل يفعلها مرة ثالثة؟ وهل استطاع السيد بوش رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية ان يملي كل شروطه العنيفة والقاسية والمريرة على مدن العراق وارصفته وعلى الليل والشطآن والغابات المظلمة وهل استطاع الغارقون في عالمنا العربي في الدموع والضياع والتشرد والهزيمة ان يصحوا ولو قليلا بعد حرب (الصدمة والترويع) التي اجتاحت بلدا عربيا شقيقا وهل يمكن لهذا الجيل الذي تجرع مرارة الالم والانكسار ان يحقق ولو جزءا يسيرا من طموحه في العدل والديمقراطية واذا كانت ديمقراطية العسكر في كثير من بلدان العالم النامية قد فشلت فهل تستطيع امريكا ان تحقق هذه الديمقراطية.. ولو القدر اليسير منها بالقنابل والصواريخ واسلحة الفتك والدمار وما هي تلك العدالة التي تمنحها لميت!! لقد قتلوا اشجار النخيل وسمموا الآبار والانهار واحرقوا المدن واعالي الجبال ولن يبقى شيء يمكن ان يتحقق فيه ما زعموا انهم جاءوا لتحقيقه. @@ ان الدماء والجراح التي لاتزال تنزف جراء هذه الحرب لم تتوقف بعد. @@ كلنا نعلم ان العراق مر عبر ثلاثين عاما مضت بكابوس ثقيل ما ان يصحو منه حتى يفاجأ بكابوس آخر ثلاثة عقود من الحروب والدمار وألف حدوتة ورواية وقصة تعذب هذا الجيل وترعبه وتؤلمه وتحكم حوله العديد من الحلقات وما زال رموز الهزيمة وابطالها تمتلئ الشاشات الفضائية بصورهم حتى ضقنا بهم وضقنا بأنفسنا. لقد عاش العراق تحت وصاية ابطال الفزع والمرارة والألم من حكامه السابقين ولكن ما ان تخلص منهم حتى افاق على بشاعة ودمار اكثر عنفا واكثر هولا فما ان خرج هذا الشعب المغلوب على أمره من مدار الى مدار آخر الا وتفاجأ بظلام دامس حالك يغرقه ويستمر الطواف في متاهات لا نهاية لها وضياع لا نهاية له. @@ اليوم ماذا ينبغي ان نفعل؟ والحلقة متصلة والكابوس مازال يجثم على أنفاس العباد في كل أرض العراق وما ان تهدأ الحرب في مدينة حتى تشتعل في مدينة اخرى وتستمر عمليات النهب والسلب ويمنح اللصوص حرية السطو على املاك الناس. ان البطولة اليوم في العراق هي التي ينبغي ان تصنع الامان قبل القلق وتصنع السلام قبل الحرب وتصنع الوحدة قبل الشقاق وان يكون العراقي سيدا في بلده باغصان الزيتون لا بالبنادق والقنابل صانعة الموت وان يكون فخرهم بالحكمة والعقل لا بالتهور والجنون. @@ لقد مات الكثيرون في حرب العشرين يوما وفقد هذا الشعب الكريم من دماء ابنائه ما يكفي وعليه الآن ان يسلك طريقا آخر في سبيل الحرية والكرامة ولكي ترتسم بسمة على شفتي طفل في البصرة او الناصرة ولكي يأتي جيل الاصحاء عقليا وبدنيا جيل لا تلوثة الحروب ولا البغضاء جيل لا يحقد على احد ولا يصحو على راجمات الصواريخ وطائرات الشبح المخيفة وينام تحت الارض هلعا وخوفا من مدافع الهاون بعيدة المدى، جيل لا يدس رأسه في التراب خوفا من جلاديه. @@ كل هذا نأمل ان يتخلص منه شعب العراق ولن يحدث ذلك الا بجلاء المحتل الامريكي عن ارضه ولا أزيد..