يندرج موضوع التخصيص في اطار برنامج للتصحيحات الهيكلية للاقتصاد ، هذه التصحيحات التى يفترض ان ترسم وتصمم وفق الاحتياجات الخاصة لكل بلد، وبالتالي فان التخصيص كاحد بنود هذا البرنامج سوف تتفاوت اهمية المساحة التى يحتلها بضمنه ، واولويته من بين التصحيحات الاخرى وفق حاجة البلد المعنى. ان هذا المدخل للحديث عن التخصيص له اهميته ، خصوصا بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجى ، حيث يفرض منهجية معينه في تناوله وبالتالي التنويه بقضايا اساسية يأتي في مقدمتها التأكيد على عدم جدوى وجود برنامج للتخصيص دون ارتباطه ببرنامج اكبر للاصلاحات الهيكلية تشمل الاجراءات الضرورية الاخرى المطلوب اتخادها مثل الاجراءات السعرية والمالية والنقدية اللهم الا اذا كانت هناك ضغوط اقتصادية واضحة تفرض تطبيق هذه السياسة. ان ايجاد برنامج للاصلاحات الاقتصادية الشاملة سوف يقود بصورة ضمنية الى تحديد المرحلة الاقتصادية التى يمر بها بلد ما ، وطبيعة ما يعانيه من مشاكل خلالها ، والمرحلة اللاحقة التى يريد بلوغها وقيامه بتحديد مستلزمات تحقيق ذلك من اصلاحات وسياسات وبرامج وغيره. وفي هذا الاطار فان التخصيص قد يكون وقد لا يكون واردا على قائمة هذه المستلزمات في مرحلة ما ، ولكنه قد يكون مطلوب في مرحلة لاحقة. وللأسف فان دول مجلس التعاون لم تنشء بعد فلسفتها الخاصة للاصلاحات والتصحيحات الاقتصادية المطلوبة ، ومن ثم فان تحديد دور واضح ومحدد لسياسات التخصيص يبقى في اطار الاجتهاد. ولعل هذا ما يفسر لنا اسباب غياب طرحها في بعض هذه الدول وبروزها في دول اخرى، وكذلك اسباب التباطؤ في تطبيقها حتى بالنسبة للدول التى اعلنت عن العزم بتنفيذها. اما القضية الثانية فهى تحوى جملة من الحقائق والتى نعتقد أن لها صلة بتحديد سياسة واضحة اتجاه التخصيص في دول المجلس واولى هذه الحقائق ان اقتصاديات دول مجلس التعاون عموما قد استطاعت ان تحقق مراحل متقدمة في مجال تشييد البنى التحتية المتطورة وقد بادرت الحكومات بما تملكه من موارد مالية كبيرة الى اقامة الصناعات الرئيسية الكبرى سواء بمفردها او بمشاركة دول خليجية اخرى. واذا ما استثنينا قطاع المرافق العامة كالتعليم والصحة والكهرباء والماء التى تعتبر ظاهرة تقديمها كخدمات مجانية او باسعار مدعمة ظاهرة عالمية وان تفاوت مدى وحجم هذه الخدمات ومستوياتها بين بلد واخر ، نقول اذا استثنينا ذلك فان اهم خاصية تميز المشروعات الصناعية التى تولت الحكومات تنفيذها سواء بمبادرة منها مثل سابك في المملكة العربية السعودية والمنيوم البحرين في البحرين او كمشروعات مشتركة مثل مؤسسة الخليج للاستثمار وشركة الخليج للصناعات البتروكيماوية نجد ان غالبيتها قد حققت نجاحا واضحا في المقابل فان عشرات من المشروعات الخاصة لاقت فشلا بينا. ومع ذلك فان رفع كفاءة اداء القطاع العام يبقى مطمحا لا غنى عنه طالما آمنا بأن الدولة لابد ان تلعب دورا اقتصاديا معينا في التنمية الاقتصادية. ان عنصر كفاءة الاداء والجدية في التخطيط والمثابرة في التنفيذ تمثل جميعها عوامل تفوق في اهميتها تغيير شكل الملكية ، وكما ذكرنا فان القضاء على او على الاقل تهميش اجراءات الكبح الاقتصادي واطلاق قوانين السوق في اطار اجتماعي يأخد بالاعتبار حاجات التنمية لعموم فئات المجتمع سوف يوجد بيئة موضوعية تلزم مشروعات القطاع العام ان تحافظ على كفاءة اداءها باستمرار.