بعد اسبوعين من إحكام القوات الامريكية سيطرتها على العاصمة العراقيةبغداد وتمكنها من بسط نفوذها على مجمل الاراضى العراقية وفيما يجرى التلويح باحتمال اقامة قواعد عسكرية امريكية دائمة فى هذا البلد يتساءل حلف شمال الاطلسى مجددا عن دوره فى فترة مابعد الحرب. وتطرح العديد من الاسئلة حاليا بمقر الناتو فى بروكسل وفى عدد من عواصم الدول الاعضاء حول الدور الفعلى للمنظومة العسكرية الغربية فى فترة ما بعد المواجهات العسكرية ليس داخل العراق فحسب بل فى عدد من مناطق العالم الاخرى. وشهد الحلف اعتى ازمة على الاطلاق منذ تأسيسه ابان احتدام الجدل بين الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الاوروبية حول شرعية الحرب الاخيرة ضد العراق وخروجها عن اطار تعامل الناتو نفسه حتى الآن مع المستجدات او الاحداث الدولية. وقامت ثلاث دول منتمية للحلف وهى فرنساوالمانيا وبلجيكا بتفجير ازمة حقيقية استمرت اكثر من شهرين داخل الحلف الاطلسى بشأن المساعدات الواجب تقديمها اطلسيا لتركيا ضمن افق الحرب التى كان يجرى الاعداد لها كما ان عدة مسؤولين امريكيين هددوا علنا فرنسا وحليفتيها باجراءات قسرية ضدها تتراوح بين استبعادها من اتخاذ القرارات الرئيسية داخل الحلف الى نقل الناتو نفسه من مقره الحالى وكذلك عدد من قواعد الناتو فى المانيا ودول اخرى. ويعتبر دور حلف الاطلسى رئيسيا فى آلية الامن الجماعى الاوروبى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الا ان هذا الدور بات يتقلص مع انهيار حلف وارسو السابق وانضمام معظم الدول الشيوعية السابقة الى حلف الناتو خلال السنوات الاخيرة. ومثلت الحرب الاخيرة ضد العراق فرصة لبعض دعاة توسيع صلاحيات الحلف خارج اوربا للدفع نحو هذا الاتجاه والذى يعتبر محل الجدل الرئيسى حاليا داخل المنظومة العسكرية الغربية. وتقول مصادر حلف شمال الاطلسى فى بروكسل ان اتصالات بدأت بالفعل بين دول الناتو وعلى مستوى المندوبين الدائمين لتحديد الخيارات الممكنة للحلف فى التعامل مع الشؤون الدولية لفترة ما بعد الحرب فى العراق. ويدافع الامين العام للناتو لورد جورج روبرتسون والذى تنتهى مهامه رسميا مطلع ديسمبر عن توسيع صلاحيات الناتو ليشمل مناطق خارج اوروبا للمرة الاولى على شرط ان يتم ذلك اما وفق قرار واضح من الاممالمتحدة او عبر قرار يتم اتخاذه باجماع الدول الاعضاء تجنبا لحصول تصدع جديد بين هذه الدول.وكان مساعد وزير الدفاع الامريكى بول فولفوفيتز احد المتشددين داخل الادارة الامريكية الحالية اول من اطلق فكرة توسيع صلاحيات الحلف خارج اوروبا وتحويل الناتو الى اداة فى خدمة النهج الجديد الذى يروج له البنتاجون وهو موقف رفضته المانياوفرنسا فى حينه. الا ان وزير الخارجية الامريكية كولن باول الذى اجرى مؤخرا محادثات مع عدد من نظرائه الاوروبيين جدد هذه الدعوة الامريكية. وتريد كل من اسبانياوفرنسا وايطاليا حاليا اسناد مهام جديدة لحلف الناتو على خلاف الدول الاخرى الاكثر تشبثا باطار اوروبى بحت لاية مهام للحلف. ويقول السفير الامريكى لدى حلف شمال الاطلسى نيكولا بيرنس ان الحلف يمكنه ان يلعب دورا فى مهام حفظ السلام فى اشارة الى احتمال الركون اليه فى العراق فى المستقبل ولكن الرئيس الفرنسى جاك شيراك صرح مؤخرا وخلال قمة سانت بطرسبرج ان الاممالمتحدة تظل الجهة الوحيدة التى تحدد مهام حفظ السلام ليس فى العراق فحسب بل فى مجمل مناطق العالم. ويقود الناتو مهام لحفظ السلام فى البلقان منذ عدة سنوات ويستعد الى تعويض قوات (ايساف) الدولية فى افغانستان اعتبارا من الصيف المقبل أى خروجه الفعلى عن الاطار الاوروبى للمرة الاولى منذ تأسيسه.