اختتمت فعاليات المؤتمر الهندسي السعودي السادس الذي احتضنته قبل ايام جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، وقد حظي المهندسون المشاركون في هذا المؤتمر برعاية كريمة من لدن صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وكان لهذه الرعاية الابوية الحانية الاثر الكبير في نفوس جميع المشاركين من مختلف حقول المهنة الهندسية. عوامل النجاح من وجهة نظري ان المؤتمر قد حقق نجاحا ملفتا وقد كانت هناك ثلاثة عوامل رئيسية عززت من تميز المؤتمر وهيأت له الكثير من فرص النجاح وهي كالتالي: العامل الاول كان رعاية سلطان الخير والعطاء صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز لهذا المؤتمر وتشريف المشاركين فيه بافتتاحه، العامل الثاني ان هذا المؤتمر يقام في صرح علمي عملاق وهو جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، اما عامل النجاح الثالث الذي ساعد في انجاح المؤتمر فقد كان صدور المكرمة الملكية المتمثلة في اعتماد واقرار نظام الهيئة السعودية للمهندسين قبل انطلاق فعاليات المؤتمر باسابيع قلائل وهو ما حرك مشاعر المهندسين وجعلهم يتفاءلون باحداث نقلة نوعية في مسيرة هذه المؤتمرات وفي العمل الهندسي في المملكة. وهذه العوامل الثلاثة كانت من ابرز مسببات نجاح المؤتمر، بالاضافة الى ما تم بحثه ومناقشته من قضايا مهنية وعلمية ملحة والخروج بتوصيات هامة في جميع المحاور التي غطاها المؤتمر وكانت ابرزها تلك التوصية بانشاء امانة عامة للمؤتمرات الهندسية السعودية تحت مظلة الهيئة السعودية للمهندسين، وهو المطلب الذي تكررت التوصية به في المؤتمرات الثالث والرابع والخامس على التوالي؟؟ جهود اللجان ان نجاح هذا المؤتمر يجير لجميع المخلصين الذين اعدوا لهذا المؤتمر منذ سنوات وعلى رأسهم معالي مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالعزيز الدخيل ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور محمد عمر بدير وجميع اللجان العاملة في المؤتمر، ويعد هذا النجاح امتدادا لنجاحات جامعة الملك فهد وتميزها الاكاديمي الرفيع الذي اصبح مصدر فخر لجميع المهندسين السعوديين على اختلاف مشاربهم. جهود الاعلام نعم جميع الجهات الداعمة للمؤتمر كان لها جهد واضح وملموس وخصوصا امانة مدينة الدمام ووزارة المواصلات وشركة ارامكو واللجنة الهندسية والادارة العامة للاشغال العسكرية بوزارة الدفاع والطيران، وكانت هناك جهة اخرى لم يتم تكريمها مع المكرمين على الرغم من ان عطاءاتها وجهودها المخلصة لا تقل عن جهود الجهات السابق ذكرها الا وهي (جريدة اليوم) التي كان لها السبق الصحفي وكانت بحق في مستوى الحدث فافردت مساحات كبيرة ومنذ وقت مبكر للتعريف بالمؤتمر وغطت جميع الفعاليات منذ الافتتاح وحتى الختام، وكان يتم توزيع (جريدة اليوم) مجانا على جميع المشاركين بشكل يومي في معظم القاعات وفي المعرض المصاحب للمؤتمر، وهنا اتوجه بالشكر الجزيل باسمي وباسم زملائي المهندسين المشاركين في فعاليات المؤتمر لسعادة رئيس تحرير جريدة اليوم الاستاذ محمد الوعيل وجميع الزملاء الصحفيين والمصورين الذين تفانوا في تغطية فعاليات المؤتمر بمستوى رفيع ومهنية متجلية وعلى رأسهم مهندس التغطية الاعلامية للمؤتمر الاستاذ مشاري العفالق وجميع زملائه الصحفيين. ملاحظات من المؤتمر ونعرض موجزا لبعض الملاحظات على المؤتمر الهندسي السعودي السادس التي نثق بان المعنيين سيتقبلونها بصدر رحب وهذا ما تعودناه من المسئولين في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وهم قبل كل شيء اساتذة اكاديميون وعلماء وباحثون يؤمنون بان هناك رأيا ورأيا مقابلا ويدركون بان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. تساؤلات عديدة اثيرت اثناء انعقاد المؤتمر بشأن الرسوم المفروضة على المشاركين بما فيهم طلاب كليات الهندسة والعمارة ومقدمي الاوراق العلمية وقد اثار هذه الاشكالية الحضور المتوسط للمؤتمر الذي كان اقل من التوقعات، بنظرة موضوعية نجد ان هذه الرسوم غير المبررة قد حدت من المشاركة والاقبال على المؤتمر ونحن نعلم جميعا بان احد مقاييس نجاح المؤتمرات يتمثل في كثافة الحضور والمشاركة، بعض المسئولين في المؤتمر لم يتقبلوا هذا النقد الموضوعي بحجة ان الرسوم رمزية، فاذا سلمنا بان الرسوم كانت (رمزية) كما يقولون فهل المؤتمر بحاجة اليها في ظل الدعم المالي الكبير الذي تقدمت به مشكورة الجهات الداعمة. لقد شاركت انا شخصيات فعاليات المؤتمر من خلال مشاركة الدكتور مشاري النعيم في تقديم ورقتين بحثيتين قمت بتقديم العرض الخاص بهما، ولكنني تفاجأت كما تفاجأ غيري من حضور جلسة (ممارسة المهنة) بان الجلسة تعقد في احد الفصول الدراسية المسمى قاعة (ه) وهذه القاعة لاتتسع لاكثر من عشرين شخصا، فبدأنا الجلسة مرغمين بالرغم من كثافة الحضور الذي غطى الممرات المجاورة للقاعة، وبعد ان بدأنا الجلسة قاطعنا احد المنظمين واخبرنا بأنه سيتم تبديل جلستنا مع الجلسة في القاعة المجاورة ذات الحضور المتوسط، فانتقلنا الى هناك واكملنا الجلسة، الغريب ان المنظمين للمؤتمر كما افادوا في الصحف يتوقعون حضور اكثر من (2500) مشارك الا ان القاعات المخصصة لعرض الاوراق العلمية وعددها خمس قاعات فقط غير مهيأة لاستقبال ربع هذا العدد اذ ان ثلاث منها على الاقل (فصول دراسية) لا تستوعب الا العشرات؟؟ لقد تساءلت كما تساءل غيري من المشاركين عن اسباب التحيز في اختيار المتحدثين في جلسات النقاش، فقد لاحظنا تكرر المشاركات من قبل بعض المسؤلين في بعض الجهات مثل شركة ارامكو التي شاركت في الجلستين والغياب الواضح للمسئولين في جهات اخرى مثل امانة مدينة الدمام ووزارة المواصلات، لاشك ان لشركة ارامكو تجربة ثرية في العمل الهندسي والتدريب والتأهيل كان يتوجب ابرازها في المؤتمر الا اننا كنا بحاجة ماسة لمتحدثين عن العمل الهندسي والتدريب والتأهيل في القطاعات الحكومية التي تحتاج بالفعل للنقاش والبحث لكي تصبح في نفس مستوى شركة ارامكوا او قريبة منها. على الرغم من ان اللجنة المنظمة قد وعدت الداعمين للمؤتمر بوضع اسمائهم وشعاراتهم على (جميع المطبوعات) الصادرة عن المؤتمر الا ان ذلك لم يحدث على الوجه المطلوب مما اثار استغراب بعض الجهات الداعمة. فقط تم الاكتفاء بكتيب صغير تم طبعه باستحياء عن الجهات الداعمة وهو (مخبأ) في الحقيبة التي تم توزيعها على المشاركين اما سجلات الابحاث (الخمسة) فلم تحو اي شعار او اسماء للجهات الراعية للمؤتمر بخلاف اسماء اعضاء اللجان المنظمة التي تم طباعتها (مرتين) في بداية كل مجلد وفي نهايته؟، ربما لم تكن تلك اللافتات الصغيرة عن الجهات الداعمة والمعلقة في الصالة الرئيسية اثناء حفل الافتتاح كافية لابراز الدور الهام الذي قامت به تلك الجهات الا ان التكريم الذي حصل عليه الداعمون من سمو النائب الثاني كان له اثر معنوي كبير وخفف كثيرا من تجاهل اللجنة المنظمة الذي نثق بانه لم يكن مقصودا. لقد فوجئ مقدمو الاوراق العلمية (وهي المادة الرئيسية في المؤتمر وتبلغ اكثر من 230 ورقة علمية محكمة) تفاجئوا جميعا وانا واحد منهم بتكريم اللجنة العلمية لهم في هذا المؤتمر بطريقتها الخاصة والمستغربة فلم يكن التكريم هذه المرة كما هو معتاد في مثل هذه المناسبات التي توزع فيها الدروع او الشهادات الورقية (التي لا تكلف شيئا) فبعد ان بذلوا جهودا مضنية في اعداد اوراقهم البحثية التي تم تحكيمها واعادتها اليهم للتعديل عدة مرات وبعد ان تكبدوا عناء السفر ومتاعب اعداد العرض وتقديمه للمشاركين وجدوا ان اللجنة العلمية للمؤتمر كرمتهم فقط بالزامهم بدفع رسوم مالية نظير مشاركتهم بدون ادنى تقدير لجهودهم العلمية والبحثية. السؤال المطروح هنا هل كانت الجامعة بالفعل بحاجة للرسوم المفروضة على طلاب كليات الهندسة والعمارة مقابل تمكينهم من الاستفادة من فعاليات المؤتمر، هل كانت بحاجة للحد من مشاركة شريحة اكبر من المهندسين من مختلف القطاعات بفرضها رسوما مقابل حضورهم المؤتمر، هل الطريقة التي كرم بها الباحثون من مقدمي الاوراق العلمية طريقة لائقة من مؤسسة اكاديمية رفيعة المستوى، هذه تساؤلات موضوعية يجب ان يسألها المعنيون بالمؤتمر لانفسهم قبل ان تتم اثارتها من قبل الآخرين. يجب ان نتخلص من حساسيتنا المفرطة تجاه النقد، واذا كنا نتطلع للتطوير فلن يتحقق ذلك الا من خلال النقد الموضوعي والبناء وليس من خلال التطبيل والتصفيق والاطراء، نعم لقد اثنينا على جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ووصفناها بما هي اهل له من الريادة والتميز وشكرنا جميع المسئولين واعضاء اللجان المشاركة في التنظيم على جهودهم المخلصة وعلى رأسهم معالي مدير الجامعة وسعادة رئيس اللجنة المنظمة الدكتور محمد عمر بدير الذي لم تغب ابتسامته طوال فترة انعقاد المؤتمر وكانت ابلغ ترحيب بجميع المشاركين، وبعد ذلك ها نحن نذكر ببعض الملاحظات التي لا نقصد بها التقليل من جهود الجامعة ولا التشهير بها بقدر ما نستهدف التذكير ونتطلع للاصلاح والتطوير واذا كان بعض من هذه الآمال والمطالب لم يتحقق في هذا المؤتمر فان الامل سيبقى معقودا بالله سبحانه وتعالى ثم بجهود ومبادرات المخلصين لتحقيقها في المؤتمرات القادمة التي نتمنى ان تكون اكثر فاعلية، وهذا هو المهم. والله الموفق. المهندس علي محمد السواط