عملية مستوطنة أوتنيل قرب الخليل في الضفة الغربية مساء أمس الأول حيث سقط على إثرها أربعة اسرائيليين وجرح ثلاثة قبل ان يقتل الاستشهادي الذي نفذ العملية التي اعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عنها، هذه العملية الجريئة لاتجئ كردة فعل مباشرة على الأوامر التي اطلقها وزير الدفاع الاسرائيلي بزيادة الضغوط على الفلسطينيين واستخدام كل القوة الضرورية ضد من سماهم (الارهابيين) أينما وجدوا فحسب، ولكنها تجئ ايضا كردة فعل طبيعية لسلسلة المجازر شبه اليومية التي يمارسها شارون ضد شعب فلسطين لتصفيته وتصفية قضيته العادلة والحيلولة دون قيام دولته المستقلة على تراب أرضه، فعمليات الإعدام الميداني والاغتيالات ضد الناشطين الفلسطينيين من سائر الفصائل وهدم البيوت على رؤوس أصحابها وحرق المزارع والمنشآت الأمنية والمؤسسات الحكومية الفلسطينية هي عمليات لايمكن ان تمر دون انتقام فوري او بعد حين من قبل الفلسطينيين، وتلك ردود فعل طبيعية يحاول شارون جهلها او تجاهلها، فالوهم الذي غرقت في بحره الحكومة الاسرائيلية الليكودية الدموية الحالية بقدرتها على قمع الانتفاضة الفلسطينية خلال اشهر قليلة منذ انتخاب شارون تكسر على أرض الواقع، فهاهي سنتان واكثر مرت على هذه الانتفاضة الباسلة دون ان تضعف ارادة الفلسطينيين او يخور عزمهم او يدب اليأس في نفوسهم، ويبدو ان ذلك الوهم عاد اليوم بمنغومة مهترئة جديدة اطلق عليها شارون (عام الحسم العسكري) حيث يحاول ادخال وهم آخر الى عقول الشعب الاسرائيلي بأن العام الجديد هو عام الحسم للقضاء على الانتفاضة الفلسطينية، وهو وهم سوف يلحق بالوهم الأول بفعل جهل قادة اسرائيل او تجاهلهم بأن كل فعل له ردة فعل مناسبة له في الحجم والثمن، وسيبقى مسلسل العنف دائرا طالما ركب اولئك القادة رؤوسهم وتجاهلوا كل الحقائق والمبادئ والأعراف والمبادرات والقرارات الدولية وضربوا بها عرض الحائط، وستبقى الافعال وردود فعلها مستمرة الى ان يعود الرشد الى أذهان أولئك القادة ويتعلموا ان المقاومة لن تتوقف طالما بقي الاحتلال قائما.