يدلف كل من اختار الصحافة مهنة, او رديفا لمهنة الى ما يسمى بعالم (مهنة المتاعب) وكلا منهم وان ادعى (وصلا بليلى).. الا ان الحقيقة كل الحقيقة هي (ان كلا منهم يغني على ليلاه) وان اختلفت طريقة (الغناء) من شخص لآخر طبقا لمقتضيات الحال والمنال. فهناك من يبحث على مهنة أي مهنة يتكسب منها لقمة العيش فلم يجدها سوى في عالم الصحافة الذي دخله كتحصيل لحاصل ليس الا وبالتالي فقد ترك جميع الخيارات مفتوحة امامه في البحث عن أي مهنة اخرى لها مكسب مادي يفوق مهنة الصحافة. وهناك من اضناه طريق (البحث عن الشهرة) فوجد باب الصحافة مشرعا مالبث ان دلف منه دون ان يعد للامر عدته الذي لا اخالهابخافية على احد وبالتالي فليس هناك داع للاسترسال في شرحها. وهناك من مد ببصره الى حيث (بريق السلطة) اما (طالبا) لها او (مغازلا) وفي كلا الحالتين فقد وجد باب المهنة مفتوحا فدلف منه وسخر من قلمه مطية لبلوغ الهدف راميا بكل اخلاق المهنة عرض الحائط. ولانها لو (خليت لخربت) كما يقال فهناك من اختار عالم الصحافة حبا في المهنة ورغبة في تسخير امكانات هذه (السلطة الرابعة) لخدمة قضايا الانسان في وطنه انه خيار (الصحافة من اجل الصحافة) مع مايعني ذلك من معايشة دائمة لمشاكل المجتمع وارتقاء بالحس والضمير عن كم مغريات المهنة. اننا ونحن نتحدث عن هذا التقسيم فاننا ننطلق في الحقيقة من التجربة الحياتية لبني البشر والتي جعلتهم على الدوام منقسمين الى نوعين لا ثالث لهما: ... فهناك من فهموا الحياة على انها (اخذ) فقط. ... وآخرون على انها (عطاء). ... وبين سلوك هذا وذاك تختلف الرؤى وتتشعب الاهداف وتبقى الحقيقة الابدية في ان (الزبد يذهب جفاء) مصداقا لقول الحق جل وعلا. ولان الحديث عن السلوك البشري عموما هو (حديث ذو شجون) فانني سأترك الى حين الحديث عن النماذج التي ذكرت وادلف مباشرة لى قضية تهم القراء جميعا لاسيما وانها تترجم آمالهم والامهم وتطلعاتهم تجاه مخرجات العمل الصحفي عموما كمواطن اولا وكقارئ ثانيا وكهاو للكتابة الصحفية ثالثا. أكاد (اجزم) بان الكثيرين من القراء الاعزاء عاتبون على بعض كتاب اليوميات في صحفنا عتابا شديدا قد يصل في كثير من الاحايين الى درجة (الحنق) على اسلوب طرح وتناول الكثير من الكتاب للكثير من القضايا الحياتية المهمة والذي يأخذ في الكثير من الاحاييين شكل ذاك (الذي لا يسمن ولا يغني من جوع) ولعلني هنا استدرك مقدما لاقول بان لهم في هذا كل الحق في ذلك. فلا احد منا يستطيع الانكار بان اسلوب تناول صحافتنا لبعض من القضايا الاجتماعية (الساخنة) هو اسلوب يثير علامات استفهام اكثر مما يقدم حلا لمشكلة او على الاقل يلقي الضوء (الساطع جدا) على جميع جوانبهااملا في ان يتصدى من يملك القرار لدراسة وبحث ابعادها. فهناك اسلوب (تصفية الحسابات) والذي نجده (واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار) في كتابات البعض ممن واجهتهم بعض المشاكل اثناء تأديتهم لغرض من اغراضه الشخصية وبالتالي فهو لم يقابل ويعامل المعاملة التي كان يتوقعها (لكاتب يشار اليه بالبنان) فأخذ منه الحنق كل مأخذ مفرغا اياه في سطور مقالة. وهناك اسلوب (الترانزيت) الذي يمر مرورا عابرا على المشاكل الاجتماعية مكتفيا بالاشارة (الخجولة) و(العابرة) اليها ولذا نراه بدلا من ان يلقي الضوء على الجوانب المتعددة للقضية او المشكلة محل البحث وتناول الابعاد نراه يمر عليها مرور الكرام لا لشيء سوى ان يثبت للقراء انه متابع لكل مايهمهم من القضايا. وهناك (اسلوب جبر الخواطر) الذي يحاول ارضاء الجميع على حساب القضية الاساسية ان هذا الاسلوب ناهيك عن انه اسلوب قديم قد عفى عليه الزمن فهو يتسبب كثيرا في غموض الفكرة ويضعف في نفوس القراء الحماسة في المتابعة والنتيجة دائما هو قتل فكرة المقالة برمتها مهما كانت اهميتها. ويستطرد هؤلاء الاحبة في عتابهم (الاخوي) مرددين ان خلو المقالة من الامثلة الحية التي تساعد على وضوح الفكرة وتضفي عليها عنصري التشويق والاثارة اللازمين لاي عمل صحفي ناجح هو امر لابد وان يأخذه الكاتب بعين الاعتبار بل ويشكل بؤرة الاهتمام لديه اذا ما اراد متابعة من القراء لما يكتب. من هنا فلا غرو ان وجدنا هذا البعض من الاحبة يجتهد كثيرا في محاولة فهم الدافع او الدوافع لانتهاج هذا الاسلوب مرددين في ذلك اسبابا هي في حد ذاتها (تهما) قد تصل في كثير من الاحايين الى درجة (وصم) الكاتب بمجموعة من التهم التي تبدأ ولا تكاد تنتهي اقلها (مجاملة) بعض المسئولين على حساب معاناة افراد يفترض ان قلمه قد جند لخدمتهم وانتهاء باطلاق صفات ك (الجبن) و(الخوف) وغيرها والتي يكون سببها في الغالب تحاشي الكاتب اغضاب بعض هؤلاء المسئولين (لغاية في نفس يعقوب). الى هنا نفترق مع وعد بلقاء قادم نستكمل فيه حديثنا عن العتب.. المحبة واشياء اخرى.. فإلى ذلك الحين دمتم. وعلى الحب نلتقي