كل من يملك رأيًا وفكرًا، وله باع طويل في الكتابة الصحفية، ينظر للمسائل بصفة عامة ولا يختصرها فقط على مسألة معينة، ينظر لمجتمع بقضاياه، ومعظم الكتاب المتواجدين في الصحافة الورقية خاصة والصحافة الإلكترونية بصفة عامة يتناولون القضايا الحديثة التي حلت بالوسط الاجتماعي، هؤلاء كتُاب (اجتماعيون) يختلفون عن الكاتب الذي يحمل رؤية وفكرًا ونظرة تتسم بالأهداف، الكاتب الاجتماعي ينظر للمجتمع بمايحتاج من دعم، ومايحتاج من تصحيح لأن الكاتب يجب أن يكون متعايشًا مع الوضع ومتداولًا داخل البيئة ومتقصيًا للمجتمع بأطيافه. وتوجه الكاتب وتفكيره يختلف من كاتب لآخر، لا يعني ولا يكترث للأقاويل ففي النهاية الكاتب لديه رؤيه وطرح، يستفيد منه القارئ، هناك الكثير من المقربين والزملاء من لديهم رأي ومن لديه مشكلة، تلك الآراء والمشاكل لا تخصه وحده فهي ملموسة ووصلت للمجتمع برمته، يحتاج المجتمع النظر لتلك المسائل من دعم أحد الأقلام، فالإعلام رسالة وجسر ممتد بين المواطن والمسؤول، فالكثير من القضايا والأطروحات والمسائل وجدت لها طريقًا، بل وجدت الحلول بعد أن نالت متسعًا من الحرية وتواجدت بالصحافة واطلع عليها المسؤول ووضعها بالحسبان. المجتمع من اسرة وفرد يحتاجون الكاتب الذي يوصل المعاناة، يوصل الرسالة، لا تقتصر المسألة فقط على وضع المسألة وننتظر الجواب من المسؤول، بل هناك الحلول التي يجدها الكاتب ويدلي بدلوه بها فهناك اختلاف بين الاعلام المرئي والمقروء، فكلاهما رسائل اعلامية، ولكن الاعلام المقروء يتلمس الحقيقة من رأي الكاتب وحده بعكس المرئي الذي يحمل الكثير من فريق كامل من معدين وفنيين للظهور بحلقة عن موضوع معين، فالكاتب لديه الأسلوب ولديه التوجه المعروف بقضية معينة ورأي مملوك له، والدور مأمول عليه ويضع المجتمع أمام عينيه بأنه أمس الحاجة لتلك الرؤية والقضية، فالحدس يجب أن يكون ملامسًا للكاتب! الصحافة في العالم تتشابه تقريباً في هيكلها التنظيمي عن طريق متابعة المطبوعة، ابتداءً من كيفية نشر الخبر أو متابعة حدث ما أو استقبال (الأطروحات) والمقالات من القارئ، ومهنة الكاتب الصحفي والذي لا نعتبره (تخصصاً) إنما مزاول مهنة إعلامية، ترتقي تلك المهنة بالاحتكاك والخبرة، وتتسع قدرات الكاتب من اطلاعه وثقافته، وأيضاً مع الأيام وما يصادف من تدوين ملحوظة ينتفع بها كثيراً في المستقبل، ووضع (معايير) باستبيان (مدى فائدة القارئ بما أطرح) هي ما يشغل كثيراً من الكتّاب الصحفيين، وهي من المفترض أن نجدها لدى كل كاتب (يهتم كثيراً) بموهبته أو بمهنته الصحفية، يتوجب على الكاتب أن يقيس جميع النتائج من خلال ما يطرح إذا كان له عمود يومي أو أسبوعي؛ لأنّ الرأي الآخر هو مواكب لحضارة تطلّعات الرؤية التي يجب أن تكون بقناعة لدى الكاتب، الكاتب يكتب ويهمه كثيراً الرأي الآخر، لديك ثقافة عالية ومُطلع وتسطر ما يدور في مخيلتك، ولكن هناك التضاد من الآخر، فلا تجزم أو تبصم أنّ رأيك هو السديد أو هو ما يريده كل قارئ، الاختلاف سنّة إلهية وضعها البارئ. هذا الاختلاف هو ما يجب أن نوظفه بالاحترام والتقبُّل، لا ننجرف خلف بعض التيارات أو بعض الممارسات الخاطئة، والتي نجدها (حلقة) قذف وشتم، ومسألة عدم المواجهة هي أفضل وسيلة للهروب، ولكن (الاختباء) هو شعار من يرى المسائل من عين واحدة فالكاتب الصحفي يجب أن يعي أنّ هناك من يقرأ من الصحيفة من مسؤول ومن شخصيات لها مكانتها الاجتماعية والوظيفية، ولا بد أن يكون حواره الكتابي مليئاً بسمات الاحترام وبث روح الأخلاقيات بالمقالة. فالمجتمع بأمسّ الحاجة للكاتب بالقضايا المتعلقة بالأسرة وبالقضايا الدارجة من تعليم وصحة، الملحوظات موجودة في كل بلد، ولكن الإصلاح والنقد الهادف هو ما يتمناه المواطن، ويأتي ذلك بكشف كل مصلحة عبر قلم معيّن. فمن مصلحة الكاتب أن تكون هناك علاقة بينه وبين القارئ، هذه العلاقة تستمد من الوقت ومعرفة ما يدور في عقول القرّاء، الكاتب يكتب لمصلحة ما، ويرى أنّ هناك فجوة وضياع ومصلحة وغيرها من المهام التي تعطي اهتماماً أوسع إلى (بوح) ما يريد القارئ. فالكتابة الصحفية تعتمد كثيراً على ثقافة الكاتب وما يملك من مقوّمات كثيرة من الثقافة، وقد تكون ثقافة اجتماعية وسياسية أو دينية وغيرها من الثقافات الأخرى، وأيضاً وجود الكاتب في المجتمع والاحتكاك بعقول كثيرة، وما يصادف من اختلاف فيما بينهم، له دور كبير في دعم ثقافته. والصحافة إن جاز التعبير هي أقرب إلى المتلقي، وهي الانطلاقة الحقيقية لمشكلة ما تتعلّق بالمواطن، ولعلنا نكون قد وفقنا ولو بقليل بتدوين ما يدور في المجتمع من قضايا كثيرة، وما يدور بها من أحداث وهي تستهدف ما يتعلّق بالشخص من أمور اجتماعية واقتصادية (متعلّقة بالحراك الاجتماعي) بذلك تكسب القارئ والرأي العام لصالح قضية أو مسألة ما مربوطة بالشخص المعني. وما نقرؤه عبر الصحف من المقالات اليومية هو وجهات نظر من الكاتب إلى المتلقي (الأمر في النهاية عائد للمتلقي، وله الخيار أن يتقبّلها أو يرفضها، ففي النهاية اجتهاد من الكاتب. والكاتب الصحفي حين يهم بطرح خبر أو مقال معيَّن يسعى لتقديم معلومات تفصيلية (بعد الاجتهاد) ويركز على أمور عدّة تبدأ ب: كيف ولماذا ومتى؟ والمقالة وإن جاز التعبير، هي لمسات واجتهادات كاتب لما يراه والمتلقي هو الفاصل الحقيقي.