حينما يستكثر علينا الآخرون والغرباء السعادة فهذا قد يكون له ما يبرره اما ان نستكثرها على أنفسنا فهذا أمر غير مقبول خاصة اذا كنا بحاجة ماسة لتلك السعادة وخاصة أكثر اذا كان مصدر هذه السعادة أناس مميزون لهم منزلة خاصة لدينا ومكانة غالية في قلوبنا. ومهما كانت المبررات التي تحتكم اليها فهذا لا يمنع أبدا ان نكون سعداء ولا يمنع ايضا ان نعبر عن سعادتنا بالأسلوب الذي يريحنا ويدخل البهجة الى نفوسنا. ولو نظر الإنسان الى الأجواء المحيطة به وبالذات هذه الأيام المباركة ونحن في العشر الأواخر من رمضان مثلا لحق له ان يسأل نفسه: (ولم لا أكون سعيدا؟ لم لا أكون كذلك وأبواب الخير مفتوحة أمامي وطرق الأجر لا حصر لها)؟ لم لا أكون سعيدا وكل الأجواء من حولي مهيأة لي لأن أكون إنسانا آخر تماما كما أريد؟ إنسان يعرف قيمة نفسه ويستطيع ان يجعل لحياته معنى يرضى به. ان استمتاعنا بالسعادة يعتمد بعد الله سبحانه وتعالى على مدى ما نفهمه منها وعلى تركيزنا على الجوانب الايجابية المضيئة منها التي تدفعنا للعطاء والتضحية والاستفادة من الوقت والطاقات والمواهب التي حبانا الله بها واستثمارها لصالحنا وصالح المجتمع وليس على تلك الجوانب السلبية القاتمة التي كثيرا ما جعلت نظرتنا للحياة وكل الأشياء من حولنا سوداوية متشائمة أثرت سلبا في عطاءاتنا وفي انتاجيتنا وبالتالي في مستوى طموحاتنا. ولم لا أكون سعيدا؟ سؤال لو وجهه الإنسان لنفسه لعرف حقيقة نفسه ولحول بإذن الله هذه الحياة من حوله الى واحة خضراء غناء هو من يزرعها بنفسه بورود الحب والرياحين والمودة والتضحية والعطاء وهو بنفسه أيضا من يجنيها ويحصد ثمارها حبا أكبر وعطاء أكثر وراحة وسعادة أكثر وأكثر. ولما لا أكون سعيدا؟ سؤال حينما يوجهه الإنسان لنفسه سوف يقول لنفسه وما المانع من ذلك؟ ما هي تلك الموانع التي تحول دوني ودون السعادة التي أنشدها؟ هل أنا السبب فيها؟ ان كان كذلك فكيف يمكن لي ان اتخلص منها او على الأقل اتناساها ولو قليلا كي اشعر بالسعادة ولو قليلا أيضا. ونحن لا ننكر انه ليس هنا إنسان سعيد دائما لان الحياة لا تخلو من المشاكل والأزمات لكنه مع ذلك أي الإنسان يكون قادرا على ممارسة الحياة في هذه المواقف ممارسة سعيدة فيها تفاؤل ورضا وصبر وتحمل فيعمل من خلال مشاعر الألم والتوتر دون يأس او عجز حتى يتخلص من الألم والتوتر ويستعيد سعادته وصحته وهذا ما يتفق عليه علماء النفس. كما ان السعادة التي يبحث عنها الإنسان انما تنبع من داخله ولا تأتي من خارجه بمعنى ان السعادة مستمدة من إدراك الإنسان للموقف الذي يتعرض له وطريقة تفكيره فيه وما يشعر به من مشاعر وانفعالات وعواطف. وبمعنى أدق, فالمواقف التي يعيشها الإنسان ويتفاعل معها لا تجعله سعيدا ولا شقيا بذاتها لكن طريقة تفكيره ومشاعره نحوها. وهذا يجعل مشاعر السعادة والشقاء نسبية تختلف في الموقف الواحد وفق طريقته في التفكير والانفعال. نحن لا نريد ان ندخل في مقومات السعادة وهو موضوع كبير جدا انما نريد ان نجيب على السؤال الذي طالما كررناه وهو ولم لا أكون سعيدا؟ ان هذا السؤال يجعلك تقول لنفسك وهل أنا أقل من غيري في شيء؟ يجعلك تعري نفسك أمام نفسك وتبحث عن تلك الظروف والأشياء من حولك التي تجعلك متشائما او غير طموح او انسان ليس له هدف يسعى الى تحقيقه ومن هنا تبدأ رحلة البحث والتي تكتشف من خلالها مدى العلاقة الوطيدة بين السعادة والشعور بالرضا عن الحياة, تلك العلاقة التي لا بد ان توطد لدى كل منا ولا بد ان نفهمها جيدا في البداية كي يتسنى لنا التعامل معها بشكل جيد ومعقول ومرض وان كان مستوى تحقيق الرضا نفسه امر مستحيل للجميع. ولكن هذا لا يمنع أبدا ان نكون نحن جزءا من سعادتنا. تلك السعادة التي نوجدها بأنفسنا حينما نعرف حقوق ربنا علينا وحينما نحب بصدق من أجل الحب وحينما نضحي بصدق دون انتظار عائد وحينما نكون أنفسنا وليس أناس آخرون غرباء منا. ذلك هو أنا حينما أكون سعيدا وذلك هو أنت حينما تكون مصدر سعادتي فما أكثر! همسة قد تتساءل: لم تلك السعادة على محياي وانا أحدثك واستمع إليك؟ ولم تلك البسمة على شفتي وأنا معك أنظر إليك؟ @@@ ولكن.. لم الاستغراب والتعجب من حديثي وانصاتي لك؟ ومن تصرفاتي وتعاملي معك؟ ومن اعجابي وتعلقي معك؟ لم كل ذلك؟ @@@ ولكن.. لم لا أفرح كغيري؟ ولم لا أكون سعيدا وأنا معك الآن في هذه المناسبة الحلوة يظللنا حبنا الطاهر وتقوينا ثقتنا بأنفسنا؟ واحترامنا وتقديرنا لبعضنا؟ @@@ لم الاستغراب من كل ذلك وهذا اليوم الذي اعيشه يذكرني بلحظة معرفتي بك وهذه الأشياء من حولي تذكرني بمواقفي الحلوة معك @@@ لم لا أكون سعيدا وبين يدي وتحت ناظري كنز لا يقدر بثمن إنسان مختلف عن كل إنسان @@@ لم لا أكون سعيدا وكل دقيقة من حياتي وكل لحظة أمضيها معك وأنا اشعر بيوم جديد يطل عليَّ باشراقته بابتسامته وتفاؤله يفتح لي يديه يدعوني اليه لأن استمتع به ولأن أرحل معه عبر أجواء رائعة عبر رحلة طويلة ليس فيها سوى انا وأنت سوى حبنا الذي يغنينا عن كل شيء إلا حاجتنا لرضا ربنا عنا سوى حبنا الذي يحمينا من كل شر بإذن الله @@@ لم التعجب والاستغراب وما بين ايدينا من سعادة وما في قلوبنا من حب من لو وزع على الجميع لكفاهم لرواهم حبا ولأشبعهم عاطفة ولأغرقهم حنانا بل ولأغناهم عن كل سنين الحاجة والحرمان @@@ قد تقول في نفسك أخبرني ما هذا اليوم ما تلك المناسبة الحلوة وما تلك المواقف الجميلة ذكرني بها كي اشاركك فرحتك بها @@@ قد تقول: أنا كذلك في نظرك؟ وأقول لك: نعم وأكثر من ذلك ولكن هل لا بد ان أضع تاريخا محددا لهذا اليوم الرائع ولهذه المناسبة الجميلة كي احتفل به او بها؟ او نحتفل بها سويا @@@ إنني منذ عرفتك وحتى ساعتي هذه وتاريخ سعادتي مفتوح معك الى غير نهاية ومنذ احببتك وأنا أشعر بصدق ان هذا العالم بكل ما فيه هو ملكي أنا خاص بي وحدي لا يشاركني فيه أحد فلم لا أكون سعيدا؟ لم لا وأنت جزء من سعادتي؟ بل كل سعادتي؟! لم لا وحلمي بين يدي؟ وأمام ناظري؟ أبعد تلك سعادة؟