كثير من الأمور التي تقلقنا وتخيفنا وتتعبنا نفسياً إنما تكون مصادرها ناجمة من عدم معرفتنا لما يخبئه لنا المستقبل في ثناياه ومن عدم معرفتنا الأكيدة لمشاعر الآخرين تجاهنا وتجاه ما نكنه لهم من مشاعر جميلة فياضة الله سبحانه وتعالى أعلم بها. يتعبنا أننا نبذل كل ما نسطيع كي نلفت نظر من نحب كي نريه كم هو غال لدينا وعزيز علينا، ومع ذلك فهو كما هو لا نشعر بشيء غير عادي أو مميز في معاملته لنا يوازي تلك المحبة الكبيرة والمكانة الغالية التي نكنها في قلوبنا له. يتعبنا أننا حينما نجلس بمفردنا ومع أنفسنا وحينما نسأل أنفسنا ترى هل لدية فكرة ولو بسيطة بما يشغل بالنا؟ هل لديه فكرة بما نعانيه بسببه؟ وهل لديه فكرة عن حجم التضحيات التي ضحينا بها من أجله ومازلنا على استعداد للتضحية بها؟ وهل لديه فكرة عن حجم الإحراجات التي تعرضنا لها بسببه بسبب حبنا له ودفاعنا عنه وتفكيرنا به وحديثنا عنه؟ وأمام هذه التضحيات وأمام هذا القلق الذي نشعر به لانجد يداً حانية تطبطب على رؤوسنا لتمسح على شعرنا أو تربت على أكتافنا. أمام هذه التضحيات لا نشاهد ابتسامة حلوة موجهه لنا تشعرنا أنه اكتشف ما بداخلنا وعرف حقيقة مشاعرنا من مجرد النظر إلينا. أمام هذه التضحيات المتواصلة منا لا نسمع حتى كلمة شكر أو عرفان بالجميل يشعرنا بحلاوة الدنيا وطعمها اللذيذ. ولكن هل راحة القلب هي في تحقيق ما نريد وسماع الكلمات التي نريد ورؤية مانريد؟ أبداً ان متطلبات راحة القلب كثيرة وكثيرة جداً وكل متطلب بحد ذاته أمر صعب تحقيقه بالصورة التي نريد. فنحن نريد أن نرتاح حينما تحيط بنا المشاكل من كل جانب، ولا سيما تلك المشاكل التي تكون من أقرب الناس إلينا من أقربائنا ومن أسرنا أيضا. نريد أن نرتاح لأننا بطبعنا لا نحب المشاكل أو حتى الاقتراب منها والتحدث عنها. نريد أن نرتاح بجانب من تعودنا عليهم وألفنا وجودهم بيننا، لأننا بحق نجد أنفسنا أحياناً وبحكم ظروف الحياة بعيدين عن أهلنا نجد أنفسنا فجأة ونحن لوحدنا لا نعرف أحداً نأخذ ونعطي معه! نجد أنفسنا بحكم وضعنا الجديد بأن علينا أن نبدأ من جديد وأن نكون علاقات من جديد وكأن العملية هكذا بمنتهى السهولة! ومن دون ان نشعر أيضا نجد أنفسنا ولكي تتأقلم مع الوضع الجديد نجد أنفسنا نتنازل عن أشياء كثيرة كان من الصعب أن نتنازل عنها من قبل. ولكن ماذا نفعل وهذا هو الوضع؟ أن السبب الآخر في عدم شعورنا بالراحة النفسية يكمن في الفهم الخاطىء للراحة النفسية، لأن الكثير منا عاده ما يربط هذه الراحة بجوانب كمالية أو استهلاكية ليست جوانب أساسية ومهمة في حياة الإنسان. فجانب الروح واشباعة بالشكل المطلوب أمر يعد في آخر الأولويات بالنسبة لبعض الناس ولا يحاولون أن يدعموه بشكل يومي حتى في ظل المناسبات كما هو الحال مع رمضان الذي نعيشه الآن شرفه الله وأكرمه. إن مسألة الفهم الصحيح لكل الأشخاص والأشياء من حولنا على جانب كبير من الأهمية فنحن نخسر أشخاصا في حياتنا ونفقد أشياء غالية بسبب عدم فهمنا الفهم الصحيح وبالتالي عدم قدرتنا على التعامل الأمثل معها والنتيجة طبعاً ضياعها من أيدينا وخسارتنا لها رغم اننا أحوج الناس لها في هذه الظروف والأوقات الحرجة التي نمر بها وما يتعبنا فعلا هو التفكير المتواصل في أشياء لا تستحق التفكير أصلاً ولكن كيف لنا ذلك ونحن لا نهيئ الاجواء المناسبة للتفكير كيف لنا أن نتأكد من ذلك ونحن في معزل عن الآخرين ؟ وكيف لنا أن نصل إلى ما نريد ونحن مازلنا قابعين في الظلام مازلنا نسير ببطء في نفق مظلم ونحن لا نفكر أن هناك بصيصا من نور سوف تتفتح أعيننا عليه في نهاية هذا النفق؟ ورغم هذا التعب الجسدي والقلق النفسي والتوتر نسعد أيما سعادة حينما نفاجأ بكلمة حلوة أو ابتسامة رقيقة أو هدية جميلة ممن كنا نتوقع أنه بعيد عنا ومنشغل بغيرنا بل بأي تلميحات تشعرنا أن هناك اهتماما خاصا بنا من أي نوع. نسعد بذلك وننسى كل همومنا لأننا بشر لأنني انا وأنت وهو هي انسان في المقام الأول بحاجة إلى الراحة النفسية مهما كان ما لديه ومهما كان حجم من حوله وحتى لو لم يتفوه باحتياجه أو يكابر. ولم المكابرة ونحن تجد ضالتنا فيمن نحب؟ لم المكابرة والحياة عناء، والحياة تريد من يشاركنا إياها كي نسعد بها ونعرف من خلال المشاركة والتعاون مفهوم الراحة والسلام والأطمئنان. قد يكون ثمن الراحة كبيراً لا نستطيع عليه في بادىء الأمر كأن نسافر إليه ونتعب من أجل الحصول عليه أو الجلوس معه إن كان شخصاً أو مكانا ولكن أحساسنا أننا وصلنا للسعادة وطرق بابها ينسينا كل شيء حتى أنفسنا المهم الراحة فلا تبخل على نفسك بها ولا تستكثرها عليك جعلها الله ثوبك وظلل بها وأدامها عليك. همسة أعرف أنك قد تتقلق بشأن حبي لك وبشأن اهتمامي بك وعدم سؤالي عنك أحياناً أو ردي عليك أحيانا اخرى وأعرف أيضا أنك تقول لنفسك ترى هل يشعر بحبي له ؟ هل يحبني كما أحبه؟ هل يدرك مدى هذا الحب.. الذي أكنه في قلبي له ؟ وتلك المعزة الكبيرة.. التي احتفظ بها له في داخلي ؟ .... وأعرف أيضا أنك تريد أن تعرف أكثر وأكثر من أنت بالنسبة لي وما أعنية بالنسبة لك وما تشكلة في حياتي أليس كذلك؟ اليس هذا ما يقلقك كثيراً ؟ ... ولكن لا أستطيع أن أقول سوى: أرح قلبك إطمئن من ناحيتي لا تقلق بشأن حبي لك وحرصي عليك وسؤالي عنك واهتمامي بك لا تقلق بشأن هذا كله ... لا تقل أبداً ان هناك أحداً في قلبي غيرك يشاركك حبك لي أو يشاركني في حبي لك أو سوف ياخذني منك ... لا تقل أبداً لي إنك قلق من المستقبل وخائف منه وانت معي لا تقل لي أنك ضائع وتائه في دربي وأنا بجانبك ... لا تقل ذلك كله حتى لنفسك أنت لا تفكر فيه أبداً لا تشغل نفسك به لانه لم يأت ذلك اليوم ولن يأتي بإذن الله طالما انا على يقين من صدق مشاعرك لك .... ألم تعرف بعد أننا أقوياء بإيماننا ؟ بحبنا لبعضنا ؟ وبصراحتنا لبعضنا ؟ وبخوفنا على بعضنا ؟ وبتضحياتنا من أجل بعضنا ؟ ..... إنه أنا من يحدثك الآن فهل تسمعني أنا من هو أمامك الآن فهل ترى ؟ أنا من هو ممسك يديك الآن فهل تحس بي ؟ انا من يطلب منك الآن ويرجوك أن تكون معه ورفيق دربه فهل تلبي رغبتي؟ هل تحققها لي ؟ .... هلا أشعرتني بحق أنني حينما أطلب شيئا فلا أطلبه من غريب؟ وحينما أريد شيئاً فإنني اطلبه من نفسي وأعطيه نفسي وحينما أبحث عن الراحة فإنني أجدها معك كما هي السعادة وكما هو الأمان .... أبعد هذا تقلق بشأني تتعب حينما تفكر بي أرح قلبك اراحه الله بالإيمان وطاعة الرحمن