مع إطلالة صباح هذا اليوم تأهب حشد من البيروقراطيين لترديد نشيد (راجعنا بعد العيد) وكأني بالكثير منهم كانوا يرددون هذا النشيد من مطلع هذا الأسبوع.. ولناأن نتخيل كم من معاملة ستتعطل وكم من مشروع سيتأخر وكم هي الخسائر الاقتصادية المترتبة على ذلك. وبدل أن يكون هاجس الموظف هو ضرورة إنهاء جميع المعاملات لديه قبل بدء الإجازة لشعوره بالمسئولية ضرورة انهاء جميع المعاملات لديه قبل بدء الإجازة لشعوره بالمسئولية وتأنيب الضمير الذي يدفعه للاهتمام بمصالح المواطنين وتيسير معاملاتهم نجد أن الموظف يرى أن قرب الاجازة مبررا كبيرا ومنطقيا لعدم إنجاز العمل وتأخير المعاملات وتعطيل مصالح المواطنين. ومع الحديث حول البيروقراطية والبيروقراطيين نجد أن كثيرا من الموظفين يتحدثون ويشتكون من البيروقراطية ولا يرونها في أنفسهم.. أي أن الموظف يمارسها دون أن يدرك ذلك أو انه يدرك ويبرر لنفسه وما أسهل التبرير. ومع هذا النموذج البسيط من البيروقراطية والتعطيل المتمثل في عبارة (راجعنا بعد العيد) التي يهنىء بها الموظفين البيروقراطيين مراجعيهم بمناسبة قرب العيد السعيد نستطيع أن نقيم مناخ الاستثمار ومدى جاذبيته.. فكيف يمكن أن نتحدث عن جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الاستثمارات المحلية وعودة الأموال المهاجرة اذا لم يدرك كل موظف ومسئول أهمية تيسير المعاملات وسرعة انجازها وأهمية تذليل العقبات وتبسيط الاجراءات. إن المراقب للحركة الاقتصادية والتجارية يلاحظ مؤشرات لجوء المستثمرين للأنشطة التي لا يحتاج المستثمر فيها للتعامل مع الجهات الرسمية مثل المساهمات العقارية والأسهم وفي الفترة الأخيرة الاستثمار مع موظفي الأموال وذلك تجنبا لمراجعة الجهات الرسمية واجراءاتها البيروقراطية. إن اقتصادنا الوطني يملك مقومات كبيرة ومميزات عديدة ولكن في ظل العوائق والعقبات البيروقراطية لن نستطيع الاستفادة منها ولن تنعكس على اقتصادنا الوطني. وأنتهز الفرصة لأدعو كل موظف لإنهاء المعاملات التي لديه اليوم قبل مغادرته عمله كمساهمة منه في تسهيل أمور المواطنين والمستثمرين وحتى ينفي البيروقراطية عن نفسه وعن الجهة التي ينتمي اليها.. وليبدأ إجازته وهو مرتاح الضمير.. ونسأل الله لنا ولكم القبول وكل عام وأنتم بخير.