عندما تقوم بعض الجهات الحكومية في أوقات عدة بوضع بعض الإجراءات أو تطويرها، يصبح القائمون على تلك المهمة تحت المسئولية الكاملة لأن اعتماد الإجراء أو تطويره من الناحية الإدارية يحتاج لدراسة شاملة وتدقيق بهدف أن يحقق هذا الإجراء الهدف المطلوب منه في تيسير شئون الناس دون تأخير أو تعطيل، أي أن الهدف من الإجراءات وما يندرج تحتها من تشريعات وقوانين أو أنظمة يجب أن تحقق شرطين: هما البساطة والسرعة وليس التعقيد والبطء... في المقابل وعندما نتفحص إجراءات الكثير من الدوائر الحكومية نجد أنها "معقدة" وتعطل صاحب الطلب وكأنها تهدف إلى تطفيشه، وتساهم بشكل كبير في خلق أنظمة بيروقراطية والكثير منها لا تجد له معنى من الأساس. أي تشعر بأن تلك الشروط التي تم وضعها هي عبارة عن تعجيز أو تعطيل ولا تساهم في خلق رضى لدى الجهة المعنية أو المواطن صاحب الحاجة، بل إن بعض الجهات الحكومية أصبحت معروفة لدى الجميع ببيروقراطية إجراءاتها فهي مملة وقاتلة، وتكاد تشعر بالاختناق والضيق حالما يرميك القدر وتدعوك الحاجة لمراجعة طلب أو حتى الاستفسار عن معاملة! لا أدري لماذا هؤلاء المسئولون لا يضعون أولوية لمراجعة أنظمتهم وإجراءاتهم بشكل مستمر؟ فهي من أهم القضايا التي تحتاج لتحديث ومراجعة، فالتحديث مطلوب وخصوصا في الوزارات الخدمية التي لها علاقة مباشرة بمعاملات المواطنين، وأكاد أجزم أن الملايين من الناس لديهم تجارب سيئة مع جهات عدة معروفة بالاسم... هذا الوضع المزعج يساهم بشكل كبير في خلق بيئة عمل فاسدة ويساهم في انتشار البيروقراطية والمحسوبية والواسطة والبحث عن استثناء حتى يتفضل صاحب الصلاحية بتسهيل إنهاء المعاملة أو الطلب، وهو في الواقع ليس له "فضل" لأن هذا من أحد واجباته ومسئولياته، وواجبه كمسئول أن ييسر على الناس أعمالهم وحاجاتهم لا أن يساهم في تعطلها حتى يبحثوا مجبرين عن استثناء! نحن بحاجة فعلية لغربلة إدارية لتطوير العمل الحكومي! لماذا لا نبحث عن أصحاب الفكر الإداري الجديد من شباب هذا الوطن؟ هنالك الكثير من الكفاءات المؤهلة وعشرات الآلاف من المبتعثين الشباب القادمين للعمل ويبحثون عن الفرص المناسبة؟ يجب أن يكون لدينا خطة إستراتيجية ترتكز على إحلال الكفاءات الجديدة لو أخذنا بعض الأمثلة لتجارب دول مجاورة سنجد أننا متأخرين في تقديم الخدمات كما يجب والتيسير في الإجراءات، فعلى سبيل المثال بإمكان المستثمر من استخراج سجل تجاري عن طريق الصراف الآلي في دبي خلال دقائق بينما تأخذ هذه العملية، لدينا عدة أشهر حتى "تكره الساعة" التي قررت فيها الدخول في عمل تجاري سيستفيد منه الوطن والمواطن! العمل الإداري بحاجة لمحترفين ومختصين على قدرٍ كافٍ من المسئولية، والواقع يقول عكس ذلك...