حصلت مؤخرا على تقارير من لجنة خدمة المجتمع في الاحساء والتي تحمل آراء طبية واجتماعية ودينية ورسمية تطالب بضرورة الفحص الطبي لكل شخص مقبل على الزواج وقد تحدثت سابقا عن هذا الموضوع في العدد رقم 10571 بتاريخ 13 ربيع الاول 1423ه وبودي ان اتحدث هنا عما تم انجازه في البحث والدراسة لامراض الدم الوراثية ولايمكن ذكر ذلك مفصلا الا انني سوف اوجز اهم بحث تم القيام به لمعرفة طبيعة المرض ومدى انتشاره ودراسة النوعية الجرثومية في المريض المنجلي اثناءالاصابة بالالتهابات وامكانية الشروع في تطبيق او معالجة وقائية ضد المكورات الرئوية ويعتبر هذا المشروع من اكبر المشاريع التي تم القيام بها في المنطقة الشرقية لدراسة هذا المرض وذلك في جامعة الملك فيصل بالدمام وبتمويل من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية حيث استغرقت هذه الدراسة ست سنوات كاملة وقد قمت كباحث رئيسي للمشروع مع زملائي المشاركين في البحث بجمع عينات من دم حبل السرة للاطفال المولودين حديثا لامهات سعوديات في المستشفيات الحكومية مثل مستشفى الدمام المركزي ومستشفى الولادة والاطفال بالدمام/ مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر، المستشفى المركزي بالقطيف، ولم يتم جمع عينات من جميع المستشفيات الخاصة الموجودة بالمنطقة وقد قام الباحثون بدراسة 29246 عينة دم وذلك في الفترة من فبراير 1982 حتى ابريل 1987م حيث تم تشخيص مرض فقر الدم المنجلي سوي الامشاج في 291 مولودا تمت متابعتهم اكلينيكيا ومخبريا لمدة ست سنوات وقد شكلت نسبة فقر الدم المنجلي متغير الامشاج ما مجموعه 27% بالنسبة لمنطقة القطيف، 6% في الدمام، 5% في منطقة الخبر كما وجدت مورثة جين الالفاتلاسيميا بنسبة تصل الى 50% من مجموع الحالات كما ان المشاركة فقر الدم المنجلي / بتياتلاسيميا حوالي 10% وخلال الدراسة تم اكتشاف 81 وليدا لديهم هيموجلوبين شاذ آخر غير الهيموجلوبين المنجلي فالهيموجلوبين اي (E) والمنتشر في منطقة شرق آسيا شكل ثاني هيموجلوبين في انجرافات وشذود سلسلة بيتا كما تم تحديد ثلاثة انواع من الهيموجلوبين الشاذ تحديدا جزئيا وهي : هيموجلوبين اف (F) دمام (اكتشف لاول مرة في العالم) والهيموجلوبين ساتيف والهيموجلوبين هاندزورث ومن خلال دراسة خميرة (G6PD) لدى الاطفال المصابين بفقر الدم المنجلي وكذلك لدى ابائهم تبين ان هناك نسبة عالية (حوالي 50%) من هذه الخميرة غير الطبيعية في المنطقة، وقد قمت بنشر كثير من هذه البحوث في مجلات طبية مشهورة في امريكا وسويسرا وانجلترا والمانيا وهولندا وكثير من دول العالم كما تم نشر العديد من هذه البحوث في المجلة الطبية السعودية لدينا بالمملكة، وخلاصة القول لقد تمت معرفة الكثير عن مرض فقر الدم المنجلي ومرض الثلاسيميا بالمملكة خلال العشرين سنة الماضية وذلك بفضل جهود الباحثين والقائمين على المؤسسات العلمية والصحية وعلى الخصوص وزارة الصحة التي مدت يد العون والمساعدة لكل الباحثين في انحاء المملكة وسخرت كل الامكانيات لهذا الغرض وسهلت على الجميع ودون عناء الحصول على المعلومات المطلوبة كما قامت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بتمويل العديد من البحوث وبسخاء رغبة في الحصول على الهدف المنشود واعتقد وكما يذكر الكثير انه يجب الآن وضع استراتيجية وطنية تضمن الحد من هذه الظاهرة مرحليا والقضاء عليها نهائيا على المدى الطويل، لقد شعرت بعض الدول المتواجد بها امراض الدم الوراثية مثل مرض فقر الدم المنجلي ومرض الثلاسيميا بخطورة الموقف فعملت على حل هذه المشكلة جذريا وذلك بالفحص الطبي قبل الزواج وقد استطاعت قبرص بعد مدة زمنية من تطبيق هذا الفحص ان تتخلص من ولادة حالات جديدة لمرض الثلاسيميا ويقوم الخبراء والعلماء في هذا المجال بنشر تجاربهم في المحافل الطبية المتخصصة لدراستها، كما يبذلون جهدا كبيرا في اقناع زملائهم على الاخذ بها. * استاذ طب الاطفال وإستشاري امراض الدم والسرطان