إيمان القائد الكامل بقيمة كل فرد، وقيمة عمله، وبقدراته وكيف يستطيع أن يؤهله لتنمية هذه القدرات وتطويرها من الأمور الضرورية والواجبة لنجاح العمل وتطويره، والعلاقات الإنسانية عنصر هام وأساسي، وضروري لنجاح العمل، لأن القيادة تأثير متبادل بين القائد ومن يقود. ولكن للأسف الشديد قد يحدث العكس من بعض المديرين (أقول بعض المدراء وليس جميعهم ) نتيجة قلة الخبرة والمعرفة بهذا المجال، وللأسف أيضا ان أسباب سلبيات القائد يكون في الغالب سببها الموظف نفسه، كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، هذا في حالة اعتراف القائد بالخطأ، وليس هذا ما أود الحديث فيه ولكن حديثي عمن يخطئ من الرؤساء ولا يجد من يقومه . خوف الموظف من بطش المدير مثلاً، أو خوفا من جرح مشاعره، أو من إحراجه أو محاباة ونفاقاً كما يفعل بعض (الإمعات) من الموظفين مما يؤثر على الرئيس ومرؤوسيه بل وفي إنتاجية العمل ككل ويكون مصيره السقوط لا قدر الله . فالسكوت على الخطأ وعدم المبادرة في التقويم بأسلوب الناصح الأمين، لا الناقد المتربص للأخطاء . السكوت على ذلك من افظع الأخطاء التي ترتكب في حق المجتمع بأسره، لما ينجم عن هذا الخطأ من سلوك مستهجن ينمو مع الأيام ويترعرع ويتجذر، وتمتد هذه الجذور وتتعمق وتصبح مع طول الوقت من المستحيل اقتلاعها، ويذوب هذا السلوك في شخصية القائد ويصبح جزءاً منه، فبدلاً من نصرته على هذا السلوك ومساعدته على نجاح العمل ندفعه للتورط اكثر فاكثر في أخطاء كان من المفترض أن لا تقع لو وجد من ينتشله ويلفت نظره ويقوم اعوجاجه، ويحسسه بخطئه أولا بأول .. وقد يفيق هذا الرئيس يوما ويعرف هذه الأخطاء ولكن يكون ذلك بعد أن استفحلت هذه الأخطاء في نفسه وتعمقت واصبح من الصعوبة الخلاص منها بل أصبحت صفة ملازمة له لا يستطيع الفكاك منها مهما حاول . فلو وجد المخلص الوفي والصديق الحميم من موظفيه لما وصل إلى ما وصل إليه . ومن أمثله سلبيات بعض الرؤساء .. عندما يسبحون في عالم المثالية والخيال، ويرسمون صوراً خيالية لأداء الموظف ويطالبونه بتنفيذها وهي من رابع المستحيلات فلو فكر المدير نفسه في تنفيذها لعجز كل العجز .. منها مطالبته بعدم الغياب ولا يوما واحداً بإذن أو بدون إذن، الانضباط مطلوب بل هو جوهر العمل، ولكن الظروف قد تحكم الموظف ولا يستطيع أن يحكمها وتكون خارجة عن إرادته فيضطر للغياب المسبوق بإذن وهذا لا يكفي بالنسبة للمدير، فيعتبر هذا الموظف مقصراً في عمله، ومتسيباً فلو تكرر بالفعل هذا الغياب لوضع هذا الموظف في القائمة السوداء في نظام العمل والعمال وليس فقط في قائمة المدير فحسب واستحق هذا المكان، ولكن عندما يكون الغياب أو التأخير لظروف قاهرة فلا أظن انه يصبح في نظر الآخرين من أصحاب السوابق هذا فقط على سبيل المثال، وهناك هفوات كثيرة تحسب وتسجل ضده والإنسان بطبعه خطاء فكيف لو كان تحت المجهر، ولا تغفر له اصغر هفواته ؟ وعندما يمتلئ سجله الوظيفي بنقاط الضعف التي يجهلها وكثير من المديرين سامحهم الله يعتبرونها تقارير سرية .. هي فعلاً على جميع الناس باستثناء الموظف صاحب التقرير الذي يجب أن يعرفها ليقوم نفسه قبل أن تصدر بحقه أحكام بالعجز، والكسل، وعدم الصلاحية وضعف الإنتاج والكفاءة العملية وهو يجهل السبب، والحكم عليه بعدم أحقيته لمناصب عليا، النظر لصغائر الأمور والمحاسبة على الهفوات، وعدم تقدير الجهود المبذولة يسبب ردود أفعال أهمها الإحباط، وقلة الإنتاج وربما كساده، ويحدث الخطأ ومن الخطأ تنشأ أخطاء أخرى .. طلب المثالية مستحيل، وثمة مسافة هائلة بين الواقع والخيال ولا ننسى أننا بشر لا أجهزة آلية . فالإنسان إنسان له طاقاته، وقدراته واستعداداته على حسب فطرته التي فطر عليها، وتحكمه الفروق الفردية، فلابد إذن من منح الموظف الثقة بنفسه، وبقيمة كل عمل يقوم به، وهذا هو السبيل الوحيد لنضج الموظف ونموه . فعدم الإيمان بقيمة الفرد والعمل الذي يقوم به يفقد الثقة والتفاهم بين الرئيس والمرؤوس، ويشيع الانقسام، فتضطرب العلاقات وتقل بالتالي الكفاءة الإنتاجية . فبدلا من تنمية وتسخير جميع الإمكانيات التي يمكن تنميتها لخلق جو صالح وتوفير مناخ مناسب، لنجاح العمل ولتحقيق الثقة المتبادلة ونشر العلاقات الودية، والابتعاد عن المواقف السلبية، فبدلا من ذلك يحدث العكس، وفي اتخاذ قرارات فردية مساوئ فلا يجب أن تتخذ قرارات فردية لأن الرئيس والمرؤوس والعمل وحدة واحدة لا تتجزأ ومثلث لا تتحقق خواصه الا بالأضلاع الثلاثة مجتمعة فلابد أولا من أن يقوم سلوك أي فرد من أفراد المجتمع، وفي أي شريحة من شرائحه قبل أن يستفحل السلوك وتتولد مشاكل لم تخلق أصلا دفعة واحدة وإنما تركت تنمو وتكبر والنار تنشأ من مستصغر الشرر، وهذا هو المهم .. أما إذا ترك هذا السلوك بدون تقويم، وتابع الرئيس تصيد الأخطاء، وإنزال أقسى العقوبات على المتسبب فيها ولم يتبع منطق العقل والحكمة انقلب هذا الفعل إلى فعل مضاد له نتائج سيئة أهمها الكره والتحدي وعدم الاستجابة للتوجيهات ورفض هذا الأسلوب، وإعلان التمرد أو التضاؤل والإحباط والعداء، والتنافر بين الرئيس والمرؤوس وقبله تشتت العمل وضياع الإنتاج . الواقعية في التفكير، وإدراك الطبيعة البشرية، ومراعاة الفروق الفردية والقدرات، والاهتمام بالعامل الإنساني والإيمان بقيمة الفرد وما ينتجه، كما إن العلم والخبرة الطويلة تسهم إلى حد كبير في الاقتراب من الواقعية، والبعد عن المثالية والخيال، فإذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع فلا يطلب من المرؤوس ما يعجز عن تحقيقه الرئيس، فيصاب الموظف بالتخاذل ودنو الهمة أو بالعكس بالتحدي والتمرد، والتسيب ويصبح الانضباط لديه شذوذاً وأسباب هذه الأخطاء أخطاء. وبحكم عملي كمديرة لأكثر من عشرين عاماً وبخبرتي المتواضعة كتبت .. وقد اكون اصبت في بعض وأخطأت في بعض ، وقد لا أكون والتمس العذر إن أخطأت .