المشهد الأول: ينشأ الطفل في أحضان والديه، في الغالب يحاط بالخوف، وفي بعض الحالات يُعامل بدلال زائد - حسب الظروف - لكن السمة الغالبة هي توجيه السلوك بطريقة الأوامر، وتنمية الشعور لدى الطفل بأن الوالدين يملكان الحلول والقرارات وإجابة الرغبات. ويكبر الطفل لكنه لايكبر في عيون والديه. تستمر الأوامر والمنتظر من الطفل أن ينفذ دون تفكير أي لايشارك، وعليه ان يسير في الطريق المرسوم المحدد في كل شيء بما في ذلك الميول الرياضية. في البيت يعتمد الطفل الشاب على السائق والعاملة المنزلية، لايشارك في الرأي، ولايشارك في أعمال البيت ويتحول وقته بنسبة كبيرة إلى وقت للتسلية والترفيه. المشهد الثاني: في المدرسة، مسار واحد لكل الطلاب، لا أحد يبحث عن الفروق الفردية، تعليم تقليدي، حفظ واختبارات ومدرس خصوصي، ودروس تقوية مع الحرص على بدء الإجازة والغياب عن المدرسة قبل الموعد الرسمي للإجازة ومن لايفعل ذلك فهو طالب يدعي المثالية وهي صفة مرفوضة. في المدرسة لاتوجد مشاركة من الطالب، فهو يتلقى، ويلقَّن، وعليه أن يكون صامتا وهادئا حتى يصنف بأنه (شاطر). في المدرسة تعليم بدون تربية، وتربية تعتمد على الخطاب التقليدي الذي يعتمد على التوجيه المباشر والعبارات الإنشائية ويفتقد الفعاليات والأنشطة العملية التي تحقق الأهداف التربوية المنشودة. المشهد الثالث: في الجامعة طالب يبحث عن الملخصات، وخدمات الطالب، ويعامل كما يعامل الطالب في المرحلة الابتدائية. عليه ان يجيب وليس عليه ان يسأل وكيف يسأل وهو لم يتعود على ذلك في مراحل تعليمه الأولى، وفي تربيته الاسرية؟! في الجامعة تلقين، وضغط، واختبارات، وحوار مفقود بين الطالب والاستاذ، وفرص محدودة لتنمية المهارات واكتساب الخبرات وتعزيز الاتجاهات الإيجابية. في الجامعة لاتتوفر فرص كافية لمشاركة الطالب وبناء شخصيته واكتشاف مواهبه. المشهد الرابع: في بيئة العمل، اتصالات نازلة من أعلى إلى أسفل تتمثل في التعليمات والقرارات والأوامر والتوجيهات، وموظف ينتظرها حتى يعمل، وبدونها يتوقف عن العمل، لايبادر، ولا يجد فرصا للمشاركة. موظف يظن أن رئيسه يمتلك الحلول والقدرات والقرارات. المطلوب إذن نقل المشكلات اليه كي يحلها. ذلك الطفل الذي وجد الأجوبة والحلول عند والديه يجدها الآن عند رئيسه ولذلك فليس عليه ان يفكر ويقدم المقترحات والآراء وانما عليه ان ينتظر المذكرات المكتوب عليها (لاكمال اللازم) وان يرفع المذكرات المكتوب عليها (للتوجيه). وللمشاهد بقية أتركها لخيال القارئ.