أثارت حلقة الأسبوع قبل الفائت من برنامج الاتجاه المعاكس الذي بثته قناة الجزيرة حول دور الأردن في المخططات الأمريكية لضرب العراق جدلاً واسعاً، أردنياً وعربياً، خصوصاً وأن أحد ضيوف الحلقة(د. أسعد أبو خليل) شن هجوماً على الأردن والعاهل الأردني بتأليب من مقدم البرنامج فيصل القاسم الأمر الذي اخرج الحلقة عن سياقها. وأدى إلى ردود أفعال أردنية وصلت حد إغلاق مكتب الجزيرة في عمان واستدعاء السفير الأردني من قطر. المشارك الأردني في حلقة الاتجاه المعاكس عضو مجلس النواب محمود الخرابشة، تحدث كثيرا عن ظروف وملابسات ما حدث. . عن الخدعة التي كانت في البداية ، والورطة التي فوجيء بها .. وكان هذا الحوار: البداية ..خدعة ! @ كيف طلب منك المشاركة في الحلقة.. وما ملابسات ما حدث؟ -كانت هناك مجموعة اتصالات من محطة الجزيرة لاستضافتي في الماضي، وبالنتيجة لم اذهب، إلى أن كان الاتصال الأخير وجرى خلاله حوار بيننا حول الموضوع، وقالوا إن الحلقة ستكون عن موقف الأردن من العراق والعلاقات الأردنيةالعراقية والتسريبات الإعلامية التي تقول إن الولاياتالمتحدة ستستخدم الأراضي الأردنية لضرب العراق، وهذا هو العنوان الرئيسي والأساسي للقاء. وكما تعلم فإن العلاقة الأردنيةالعراقية موضوع شيق على اعتبار أن موقف الأردن وعلاقة الأردن مع العراق وعلاقة العراق مع الأردن، علاقة أخوية قائمة على الاحترام المتبادل والمودة وتقديم المصالح، وعدم تدخل أي من الطرفين في شؤون الطرف الآخر . وبالتالي فإن الحديث عن هذا الجانب من العلاقة موضوع معقول ومنطقي، وبعد اتصالات متعددة وافقت على المشاركة في الحلقة. وفعلاً سافرت إلى الدوحة، ولم أقابل أي شخص إلا يوم إجراء الحوار. وفوجئت عند بدء الحلقة بالشخص الآخر، وأنا بالطبع لم أكن سألت عن الطرف الأخر على اعتبار أنه بغض النظر عن الأشخاص، طالما لدينا عنوان وموضوع رئيسي وأساسي، وليس لدينا ما نخفيه أو نخجل منه وسياستنا واضحة ومواقفنا واضحة ولدينا الكثير مما نقوله من خلال مواقف عملية للأردن وشعبه وقيادته وليس كلاما في الهواء. إضافة إلى تطابق وجهات النظر الشعبية والحكومية والرسمية بخصوص قضية العراق وكيف أن الأردن يقف تجاه قضية العراق موقفاً موحداً، ولا مجال للتشكيك بهذا الموقف أو القفز عنه. ابتداء قلت انه ليس لدي مشكلة من هو الطرف الأخر الذي سيحمل وجهة النظر المعاكسة، بما أن ثوابتنا واضحة وسياستنا واضحة وأوراقنا مكشوفة، ولنا مواقف ودور مشرف وموقفنا قوي ومبدئي وأخلاقي وانساني. لقد فوجئت؟! @ إذًًن فوجئت بالطرف الأخر يبدأ حديثه بالهجوم؟ * نعم لقد فوجئت به يركز هجومه على الأردن وعلى جلالة الملك بشكل خاص، فوجئت..لأن الهجوم تم في هذا الظرف الدقيق والحساس من تاريخ هذه الأمة: ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق الصامد على أرضه من قمع وإرهاب وإبادة جماعية من الكيان الصهيوني وهو يتصدى لآلة القهر والطغيان بصدور أبنائه وأطفاله.. وشيوخه، وبالتالي هو يدافع عن الأمة العربية وكرامتها وعن مقدسات الأمة الإسلامية. وجلالة الملك يحمل الهم الفلسطيني ويؤكد على ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية ووقف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قمع وإرهاب وإبادة جماعية، خصوصاً في ظل السياسة الشارونية التي تقوم على تفريغ الأرض من السكان وابتلاع المزيد منها ، وتأكيده على إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في ممارسة سيادته وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني. وأيضاً تأكيد جلالة الملك في جولاته الدولية على ضرورة إيجاد حل للقضية العراقية وحصار العراق وما يتعرض له من خلال الحوار، دون اللجوء للقوة، ويؤكد جلالته على أن استعمال القوة سيدخل المنطقة في فوضى إقليمية وستكون له نتائج سلبية جداً على مجمل أوضاع دول المنطقة وقد يؤدي إلى كوارث لا تعلم نتائجها. وكان الملك طبعاً في هذا الظرف الدقيق عبر عن هذه السياسة بشكل واضح وجريء وصريح في زيارته لفرنسا وبريطانيا وروسيا وأمريكا وكان جلالته يحاول تشكيل رأي عام دولي ضاغط يعاكس السياسة الأمريكية، لمنع ضرب العراق ابتداء، وإجراء حوار للأمم المتحدة مع العراق، لوضع الحلول المناسبة التي تضمن عدم تعرض العراق والشعب العراقي لضربة عسكرية، وكان الملك أكد على مرتكزات هذه السياسة للرئيس الأمريكي من خلال زيارته وأشار له بكل وضوح وجرأة. وكان الإعلام الصهيوني والأمريكي قد سرب قبل لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأمريكي المعلومات المتعلقة باستعمال الأراضي الأردنية لضرب العراق لاحظوا التوقيت وجاء هذا التسريب أيضاً بعد زيارة ناجحة جداً لوزير الصناعة والتجارة الأردني لبغداد، واجرائه حوارا وتوقيع اتفاقيات تضمنت مكاسب اقتصادية للعراق والأردن، والحديث عن اتفاقية التجارة الحرة بين العراقوالأردن. وكما هو معروف لدى الأمريكان موقف معارض لتوقيع اتفاقية تجارة حرة بين عمان وبغداد ولا يريدون لهذا المشروع أن يرى النور، وكان هناك في مرحلة سابقة توجه لتوقيع هذه الاتفاقية، لكن الأمريكيين دخلوا على الخط ووقعوا اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن وأمريكا، واعتقد أن هذه الاتفاقية ستحل مكان اتفاقية التجارة الحرة مع العراق، لكنهم لا يعلمون حجم العلاقة الحميمة والأخوية والصلات التي تربط بين العراقوالأردن قيادة وحكومة وشعباً. وان العراق هو العمق الاستراتيجي والسوق الاقتصادية للأردن وأن الأردن هو الرئة التي يتنفس منها العراق منذ حرب الخليج الثانية وحتى الآن، وفي كل المجالات، سواء من حيث الاستيراد والتصدير وقضاء حاجات العراق وسفر المسؤولين العراقيين.. ونحن عندما نذكر هذه المواقف نذكرها للتذكير فقط، وليس من قبيل المن أو تحميل الجمايل، هذه مواقف قومية ونعتبرها من قبيل الواجب بأن ندعم الأشقاء العراقيين، وأن نكون في خندق العراق وندافع عن العراق وندعم صمود الشعب العراقي. إثارة الفتنة @ ما الهدف برأيك من الهجوم الذي شنه أبو خليل؟ فوجئت كما أسلفت بهذا الكلام على اعتبار أن جلالة الملك يقود سياسة منهجية واضحة في أهم قضيتين مركزيتين محوريتين في تاريخ الأمة وهما القضيتان اللتان تشكلان تحدياً كبيراً لجميع أبناء الأمة العربية، وبالتالي جاء هذا الهجوم غير المبرر على الأردن وجلالة الملك في هذا الوقت الدقيق الذي يبذل فيه جهوداً كبيرة لإيصال حقيقة موقف السياسة الأردنية والعربية وطبعاً ما تفوه به هذا الشخص كلام عار عن الصحة، ويهدف إلى التشكيك وإثارة الفتنة وإثارة النعرات دون أن يكون له أي مردود إلا خدمة أعداء الأمة العربية، ولكن لا بد لي أن أتصدى لهذا الشخص والحقيقة كما قلت في البرنامج أنني منذ البداية شعرت بأن هذا الشخص يحمل الكثير من الحقد والسموم التي يبثها على موقف الأردن وسياسته وتاريخه، وكان لا بد لي أن أقيّم الأمر فيما إذا كان علي أن انسحب أم استمر في الحوار. @ أحد المتصلين من الأردن دعاك للانسحاب من البرنامج؟ * الواقع أنني وجدت أن الانسحاب خطأ كبير، ويعني أن أترك هذا الشخص ينفث أكاذيبه وأباطيله وافتراءاته لمدة ساعة ونصف دون أن يكون هناك من يوقفه أو يجيبه، كما أن الانسحاب قد يعني في لحظة من اللحظات أن ما يقوله هذا الشخص صحيح، وأنه لا يوجد لدي ما أقوله لدحض وجهة نظره وأفند أباطيله ومزاعمه ، وبالتالي قررت أن أواصل الحوار وأن أواجه هذا الشخص بكافة الحقائق والمعلومات عن الأردن وقيادته وموقفها ودور الاردن في التاريخ العربي الحديث ومواقفها القومية بخصوص قضايا الأمتين العربية والإسلامية. أجندة مختلفة @ باعتقادك أن أبو خليل جاء لمناقشة موقف الأردن من العراق أم جاء على أساس أجندة أخرى.. لا تعرفها، بالتنسيق مع القناة ومقدم البرنامج؟ * واضح لي تماماً من خلال استقراءاتي ومشاهداتي وما حدث، أن هذا الشخص كان يحمل أجندة خاصة، وكانت هناك علاقة ومعرفة سابقة بينه و بين معد البرنامج و مقدمه.. @ فيصل القاسم ..؟ -: نعم، فيصل القاسم، وقد سأل فيصل القاسم، قبل الحلقة، إن كان الكتاب الذي أرسله مع أخته قد وصله!! فأجابه بأنها تحدثت معه لكن الكتاب لم يصله، فقال له أبو خليل أن الكتاب قد أرسل مع أحد الأشخاص العاملين في محطة الجزيرة، وطلب منه أن يقوم بالاتصال معه ليستفسر عن الكتاب وبالفعل قام بالاتصال معه.وأكد له أنه احضر له الكتاب، مما يدل بشكل واضح وقاطع على أن هناك علاقة سابقة وتنسيقا بين القاسم وأبو خليل، وكما قلت فانه كان يحمل أجندة خاصة هدفها الأول والأخير التشكيك بموقف الأردن، وتاريخ الأردن وما قدمه الأردن للقضيتين الفلسطينيةوالعراقية. @ إذن كان هناك استهداف للأردن من القناة ؟ * واضح أنه كان هناك استهداف لاضعاف موقف الأردن أولاً، لكي يحشر الأردن في خانة الدفاع عن النفس، بأنه لا توجد هناك قوات أمريكية ولن يتم السماح للقوات الأمريكية باستخدام الأراضي الأردنية لضرب العراق، حتى لا يكون هناك دور أكبر للأردن فيما يتعلق بالدفاع عن قضايا العرب وخاصة القضيتين الفلسطينيةوالعراقية. يريدون أن يبقى الأردن يدافع عن نفسه، وان لا يقوم جلالة الملك بمهامه السياسية والقومية في الدفاع عن أخطر قضيتين محوريتين سبق أن ذكرتهما، بنفس الحماس والنشاط والحيوية والاندفاع، تجاه إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ووقف الإرهاب والإبادة الجماعية التي يتعرضون لها، وضرورة فتح حوار مع العراق وعدم اللجوء إلى القوة فيما يتعلق بالقضية العراقية. ولأن الملك كان فاعلاً ومؤثراً في هذا المجال وصاحب رسالة واضحة لجميع قيادات العالم، وكان له تأثيره في السياسة الدولية، خاصة أن معظم الدول التي زارها جلالته أكدت على ما قاله ، وأكدت على عدم ضرب العراق، وتدرك حجم النتائج الخطيرة التي ستترتب على ضرب العراق ، وعدم ضمان هذه النتائج، في حال حدوث الضربة العسكرية، وبالتالي كان هناك هجوم واضح لإضعاف السياسة الأردنية وأضعاف جهود الملك، وثنيه عن القيام بمهامه الوطنية والقومية، وحتى يبقى الأردن في وضع اضعف مما يجب أن يكون. وهذا كما تعلم في صلب السياسة الأمريكية والصهيونية.هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى، يستهدف تشويه تاريخ الأردن ومواقف جلالة الملك عربياً وإقليميا ودولياً، وبالتالي إضعاف المحاورة والمفاصل الأساسية للسياسة الأردنية. طبعاً مجمل هذه القضايا كانت ضمن أجندة معدة مسبقاً بالاتفاق مع هذا الشخص الذي يحمل الجنسية الأمريكية، كما فهمت وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، ولم يسبق أن سمعنا أن كان له أي موقف تجاه أية قضية عربية أو يكون قد قدم ما يمكن أن يذكر أو ينسب إليه، كما يدعي، أو بحرصه على القومية، وبالنتيجة طبعاً نحن لا ننطلق من أي منطلق شخصي، نحن ننطلق من منطلقات وطنية وقومية، لان قضايا الأمة العربية هي قضايانا، والأردن معروف عبر التاريخ بأنه لم يكن في أي يوم من الأيام إلا لأمته ومع أمته وفي خندق الأمة العربية والإسلامية. وهي مواقف ليس بإمكان أي كان أن ينكرها حتى لو عمد إلى تزوير الحقائق والتاريخ واعتقد أنكم سمعتم الإجابات الوافية والكافية التي دحضت وفندت أباطيل هذا الشخص ومزاعمه والأكاذيب التي كان يدعيها بمختلف الجوانب التي أثيرت من خلال البرنامج. أؤكد أنه يحمل أجندة خاصة تخدم أعداء الأمة وتخدم الصهيونية بشكل أو بآخر كان لأن ما أثاره لا يوحي بأن هناك أية رغبة بمساندة الأمة العربية وبدعم قضاياها، بقدر ما يعني اثارة الفتن والنعرات والقضايا التي يمكن أن تضعف الأمة العربية. @ كنائب في البرلمان.. كيف تنظر للإجراءات الحكومية التي اتخذت بحق قطر وقناة الجزيرة؟ * أولاً أؤكد انني عندما أدافع عن الأردن أدافع عن الأمة وسيادتها وهويتها، ثانياً بقدر إيماني بأننا لسنا بحاجة لإثارة أية فتن وإحياء النعرات خاصة في هذا الظرف الدقيق، خصوصاً كما قلت بأن هناك قضيتين كبيرتين تتطلبان منا جميعاً أن نتنازل عن خصوصياتنا وننبذ جميع أشكال الخلاف والفرقة وأن نلتقي لأننا نواجه تحدياً مشتركاً في وجودنا وحضارتنا وهويتنا. الواقع ان دفاعنا عن الأردن أو العراق هو دفاع عن فلسطين وعن أنفسنا، والخطر الذي يهدد فلسطين يهدد العراقوالأردن وسوريا ومصر الخ، وبالتالي نحن في خندق واحد وأصحاب مصير واحد ومشترك. ونحن الأردنيين وحدويون بتركيبتنا وقضايا الامة هي قضايانا. لكني أريد أن أوجه إلى ضرورة إيجاد سياسة إعلامية واستراتيجية واضحة للأردن للدفاع عن المكتسبات والمنجزات وللدفاع عن المحاور الأساسية والرئيسية التي تم تحقيقها للأردن وعن الجهود الدبلوماسية التي يقودها جلالة الملك دفاعا عن قضايا الأمة العربية وأن يكون هذا الإعلام للوطن والدولة وليس إعلاماً لحكومة أو لشخص معين وأن لا يتعامل إعلامنا بردود الفعل أو الفزعات في حال تعرضنا لأي إشكالية وأن يكون التعامل ضمن استراتيجية، وبغض النظر عما كان يمكن أن يقال، نحن جميعاً ندرك أن محطة الجزيرة كانت موضع شك وشبهة وريبة، من خلال الإمكانيات التي تتمتع بها، وقدرتها على الوصول إلى المعلومات في قلب الحدث وتحديداً في أفغانستانوفلسطين دون بقية وسائل الإعلام الأخرى، فما معنى أن يسمح لمراسل الجزيرة في أفغانستان بأن يصل إلى جميع المواقع ويحصل على المعلومات وأن لا تكون هناك حواجز إضافة إلى ذلك ما يحصل على ارض فلسطين وقدرتهم على الوصول إلى المعلومات مع اظهارهم الجانب الإسرائيلي وعدم إظهارهم ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قمع واضطهاد وإرهاب. الجزيرة كانت تصل إلى مخيم جنين، بينما بقية مراسلي الفضائيات يمنعون، مراسلو التلفزيون الأردني وتلفزيون أبو ظبي تم اعتقالهم ومنهم من أصيب وطرد، ما معنى ألا يصاب مراسلو الجزيرة في جميع هذه المواقع وأن يتم السماح لهم بتخطي جميع هذه الحواجز؟. وتقديم كل التسهيلات لهم ؟.ما أريد قوله أن محطة الجزيرة خلال استعراضنا لمجمل إنجازاتها وسياستها كانت تبحث عن النقاط الخلافية والقضايا التي تثير الفتن والطائفية مما يسبب فرقة وتناحرا وتناثرا. أنا حقيقة بغض النظر عما قيل ويقال، أرى انه كان يفترض ألا يكون الرد بهذه الطريقة وأن تعطى القضية حقها من النقاش ، و أرى ان يتم مواجهة هذه الأكاذيب والافتراءات بشكل أكثر وضوحا وجرأة من خلال الإعلام.