لو تلمسنا دلالة العدول في المعجم العربي لوجدناه يدور حول الخروج والانحراف ففي القاموس المحيط:"عدل عنه يعدل عدلا وعدولا واليه عدولا رجع، والطريق مال، والفحل ترك الضراب، والجمال الفحل نحاه وفلانا بفلان سوى بنيهما، وماله معدل ولا معدول مصرف، وانعدل عنه وعادل الموج والعدال ككتاب ان يعرض امران فلا تدري لايهما تصير فأنت تروي في ذلك". وفي تراثنا النقدي يدور العدول حول عدة مدولولات: اولا: العدول عن طريقة السابقين. ثانيا: العدول عن الحقيقة الى المجاز. ثالثا: العدول عن الصور القريبة الى الصور الغامضة. رابعا: العدول عن الابنية والصيغ. تعددت مفاهيم العدول اذن في تراثنا النقدي كما تعددت المصطلحات للمفهوم نفسه، الا ان المفاهيم تدور حول مفهوم عام هو الخروج عن السائر أو المتعارف عليه. وهذه بعض النصوص التي تشير الى العدول: 1 يقول ابن جني: "وانما يقع المجاز ويعدل اليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة وهي الاتساع والتوكيد والتشبيه". 2 يقول ابن الاثير في المثل السائد: ولما كان الامر كذلك عدل ابوالطيب عن سلوك الطريق وسلك غيرها فجاء فيما اورد مبرزا. 3 بعد ان يورد قدامة بن جعفر ابيات الرماح بين ميادة: الم اك في يمني يديك جعلتني فلا تجعلني بعدها في شما لكا ولو انني اذنبت ما كنت هنالك على خصلة من صالحات هالكا يقول: "فعدل ان يقول في البيت الاول انه كان عنده مقدما فلا يؤخره، أو مقربا فلا يبعده" 4 يورد ابن الاثير الآية الكريمة: (انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) ثم يقول: "فانه انما عدل عن اللام الى (في) في الثلاثة الاخيرة للايذان بأنهم ارسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره باللام". 5 وفي معرض حديثه عن الخطاب بالجملة الفعلية والجملة الاسمية يقول: "وانما يعدل عن احد الخطابين الى الآخر لضرب من التأكيد والمبالغة". 6 يقول حازم القرطاجني: "وقد قدمت ان ضروب التغييرات التي تصير غير الموزون متزنا هي: اسكان متحرك أو تحريك ساكن، او زيادة في اللفظ أو نقص".