10.1 تريليونات قيمة سوق الأوراق المالية    1% انخفاضا بأسعار الفائدة خلال 2024    تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلامة ابن عقيل الظاهري: أشهد الله على بغضي ل «تركي الحمد».. والقصيبي مشغول ب«إلحاقاً لخطابنا» !!
نشر في المدينة يوم 08 - 01 - 2010

... ونقف في هذه الحلقة من " مواجهة" العلامة الكبير أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري في مشهد حواري لا يخلو من الصراحة كما هي عادة الشيخ في الجوانب الثقافيّة، والفكريّة، والفنيّة ؛غير مكترث بالصدى الذي يحدثه؛ والحراك الذي سيقيمه، ما دام يؤمن بما يعتقده حقًا وصدقًا، مستنيرًا بالدليل السّاطع والبرهان البيّن.. لهذا لن أكسر على القرّاء السطور في هذه الحلقة.. فكل جملة نطق بها تستحق أن تكون عنوانًا مبرزًا أو مقدمة تشحذ همّة القراءة والمتابعة.. فقال في أبرز ما يحتضنه مشهدنا الثقافي بدءًا بالدكتور القدير عبدالله الغذامي وليس انتهاء بالروائي عبده خال وتركي الحمد.. مرورا بأبرز المفكرين العرب كطه حسين وعباس محمود العقاد، ونصر حامد أبوزيد، ويوسف شاهين، وزكي مبارك، والماغوط ، وأنسي الحاج وغيرهم كثير.. ناهيك عن آرائه في كثير من القضايا والمسائل النقدية والأدبية... فإلى سطور المواجهة.. إذا أردتُ أن أستعير من أصول الفقه فالجواب أن العبرة بجمهور ذوي الأهلية لا بالدهماء الذين فيهم العامي وشبه العامي والمثقف غير المتخصص..والشعر الحداثي ونقده عطاء حضاري لباسه القيمة الجمالية؛ فليكن النظر إلى أهلية المتلقي الذي سميته جمهوراً (ومنهم يكون التواصل والتثقيف لعموم المثقفين كما فعل الرواد كطه حسين مثلاً؛ فقد ثقَّفوا الجمهور)، ولتكن معايشتنا نقدية من نظرية الحق والخير وفي قمتهما كل شرع مطهر ثبت دلالة ونقلاً، ولتكن بتذوقٍ مستقصٍ للنظرية الجمالية؛ فكل إضافة نقدية لاستجلاء محاسن النص، وكل نموذج جمالي إبداعي مطلب للأديب المسلم، وقد أسلفت فيما مضى المِحكَّ بأن لا نقبل أي أدب حداثي يُسترحل ضد هُويتنا وديننا وكياننا، وجعلت الإبداع قيمة؛ لأنه طارد للسأم، ولكل جديد لذة، وطرد السأم من المقاييس الجمالية..والتذوق الجمالي الواعي للنص نوع من الإبداع، وتراث العرب ليس نهائياً مطلقاً، وليس معصوماً؛ وإنما العصمة في الدين إذا صح دلالة وثبوتاً، والغاية أن نبدأ حيث وقف غيرنا، ونأخذ الميزة. ضد الثوابت إذن الحداثة بهذا الاستدراك هي ضد الثوابت؟ - نعم هي ضد الثوابت، وفيها جمال وقيم نحتاجها، ولا تناقض في هذا؛ لتعدُّد المحمول عليه وهم مبدعو الحداثة ؛ فالحداثة ليست نصاً واحداً لمنتج واحد . قبل الآن شيخنا إنني أقصد بذلك حداثة اليوم. أَوْجُ الحداثة كان قبل الآن، وقد ضعف إن لم أقل فُقِدَ دَفْقُ الحداثة اليوم، ولا فرق بين الآن وما قبل الآن؛ ، فالمعايير النقدية واحدة.. وأُلحق الآن رأياً موجزاً، وهو أن السجال مع الحداثة سجال فكري علمي إلا في مظاهر قليلة أخذت خيوطاً من الرومانسية؛ فكانت ألصق بالقيمة الجمالية كما في ديوان (مدينة بلا قلب) لأحمد عبدالمعطي حجازي، وكما في بعض شعر البيَّاتي وعبدالصبور. شروط الريادة كثيراً ما يُحرِّك بعض النقاد الأدباء قضيَّة الريادة في الأدب؛ فهل في الأدب السعودي ريادة ؟ التأهيل للريادة أولاً استقصاءٌ علمي يُسمَّى في لغة العصر تخصُّصاً، وحضور فكري مُنظَّم مدرَّبَ، وللنصِّ الفني والفنون الجمالية وعطاء القيمة الجمالية مزيد عناية من موهبة فطرية أو بالتدريب على رهافة الحس الجمالي .. وهناك ريادة محدودة كقولنا: الشيخ حمد الجاسر رحمه الله رائد في رسم المنهج لتحديد المواضع البلدانية في جزيرة العرب، وآل شاكر افتتحوا الريادة في منهج تحقيق المخطوطات، والإمام ابن فارس قديماً رحمهم الله تعالى رائد في التأصيل والتطبيق لاستخراج المجاز المعنوي من المفردة اللغوية .. وأما الريادة الكلية في نطاق التخصص فمثل ريادة من ذكرتهم أدبيَّاً أمثال طه حسين وأحمد شوقي وكامل الشناوي على قلة إنتاجه مع تألُّق جماله، ولكنه أنشأ أجيالاً .. وفي غير المجال الأدبي الفني كان شيخنا عبدالرزاق عفيفي رحمه الله تعالى رائداً؛ لأنه خرَّج أجيالاً من العلماء ورسم لهم المنهج، وما دمت أسلفت أنه ليس للسعودية مدرسة أدبية فالريادة لا وجود لها. لم توجد بعد إذن برأيك من الذي يستحق الريادة في الأدب السعودي؟ الريادة لم توجد بعد، ولكن يمكن التنبؤ بها لوجود مُقوِّمات الريادة فكراً منظَّماً، وعلماً تخصصيَّاً في إطار ثقافة عريضة في علوم مساعدة، وإبداعاً، وخبرةً بالنظرية الجمالية، وتمرُّساً على استجلائها من الذات والموضوع، وقدرةً على الإحساس بها بذوق مرهف.. وكلما تحسستُ ذلك فيمن حولي ولستُ وكيلاً لآدم عليه السلام على ذريته لم أجده متضافراً في شخص واحد؛ فكانت الريادة عندي مثل الجائزة المحجوبة. هذا يحرجني ولكن يقال: ( إن الريادة في الأدب السعودي الحداثي يستحقها عبدالله الغذامي)؟ تحديد أشخاص يحرجني حفظكم الله، وما دمتم حَدَّدتم فلا بد مما ليس منه بدٌّ، فمن ناحية انبهار الغذامي بالبنيوية فالبنيوية ليست ذات مساحة عريضة في أدب الحداثة، ثم إن الريادة كما أسلفت لكم في رأيي كالجائزة المحجوبة ، وأما رأي الآخرين فلا أملكه.. وههنا سر سأعلنه، وهو أني لما عجزت عن الالتزام السريع للجرائد؛ لكثرة ارتباطي، ولحرصي في آخر العمر على أن أحك العلم حكاً على منهج شيخي عبدالفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى ؛ فلا أترك كلمة واحدة تعبر فيها أدنى تسامح علمي أو فكري: لهذه الأسباب ، ولتلك البواعث صرتُ أعمل في موضوع أعشقه على مهل بالتتبع والتقصي؛ فإذا قنعتُ به دفعت به مفاجأة إلى جريدة الجزيرة، وهو في حكم كتاب الشهر.. خَبال البنيوية وأعمل الآن بالتراوح في خَبال البنيوية ومشتقاتها، وفي تفاعل مع كامل الشناوي رحمه الله وجيله الظريف، ولا أدري أيهما تكون به المفاجأة.. ولكنني في غير الهمِّ الأدبي الجمالي شَرِ قٌ بالبنيوية ومشتقاتها ديناً وكياناً وفكرة؛ لأن مجملها الذي لا مأخذ عليه دينياً وكيانياً تراكمٌ ثقافي عبثي لسنا في حاجة إليه، وفيه خلط بأصول لغة العرب التي ضفَّر مرائرها علماء السلف والمحقِّقون في العصر الحديث، ولأنها تَصُدُ عن هذا التحقيق الواعي، ولأنها استُرحلت من قبل أعداء أمتنا كما يفعل العابثون من خلال دعوى التأويلية السيميائية في صرف النصوص الشرعية عن دلالتها إلى أهواء بشرية كيدية، وليست تلك الدلالة لو قُبِل شيئ منها مما يجوز أن يُفسَّر به النص السابق المقنَّن بنص القرآن باللسان العربي، وهذا يعني التمسك بأوجه الدلالة العربية وملاحنها.. والتراكم الفكري والعلمي والأدبي مضرٌّ جداً لو لم يكن فيه إلا ضرر التراكم، ونحن نعاني التراكم في تراثنا ككتب التفسير والفقه التي هي تكرار لصفحات من كتاب؛ فكيف نستأنف التراكم من جديد ؟.. ومن معاناتي الفلسفية رأيت التمزق الفلسفي في مذاهب الفلسفة الحديثة بتراكمٍ من المصطلحات المُسْتَغْنى عنها بجهد سابق؛ فقد خُدِمَتْ معاني المصطلحات الحديثة بمصطلحات تاريخية وافية بالدلالة جمعاً ومنعاً حسب القدر المقدور عليها من الرسم والتعريف, والدكتور عبدالله الغذامي طُلعة مِلْءُ العين والبصر، ولكن كما أسلفت فإن دائرة الحداثة أشمل من البنوية التي قامت الحداثة نَفسُها بدونها، وقد أسلفت شروط الريادة . احتواء الغذامي الدعوات التي نادى بها الغذامي في موت المؤلف ما هو رأيك فيها ؟ - هذا خبال احتواه الغذامي، والذي قال به الأفندية، وتقليد الخواجات بلا محاكمة علمية وفكرية أشد تخثُّراً من تقليد المشايخ المعمَّمين.. قال ذلك ونادى به أهل التأويل السيميائي الذين يريدون إبداعاً فنياً جديداً للنص من ابتكار قارئ النص الذي لا يلتفت إلى مناخ النص وكاتبه، ودلالة اللغة التي كتب بها المؤلف؛ وهذا معنى موت المؤلف.. وأناقش هذا الخبال باختصار من وجهين: الوجه الأول أنه يلزم من هذا الخبال إماتة الشرع وقوانين الأمم ؛ فإذا كان للدكتور الغذامي صك تملُّكٍ على بيته أحلناه إلى ذوي التأويل السيميائي؛ فيقرؤون الصك قراءة جديدة فربما خرج من قراءتهم الجديدة التأويلية طرْدُ الدكتور الغذامي عن ملكه.. المؤلف مبرأ والوجه الثاني أن الجمال في البنيوية ومشتقاتها محدود جداً ومشروط؛ فكونه محدوداً لأنه عن إبداعٍ معنىً جديدٍ من قارئ النص، وكونه مشروطاً؛ لأن المؤلف مبرأ من إرادة الدلالة الجديدة، وإرادته التاريخية باقية؛ فإن جعلنا القراءة الجديدة هي المراد من النص، وألغينا إرادة المؤلف من دلالته التاريخية: كان هذا عبثاً وهدماً في آن واحد ؛ وبهذا يستعجم علينا مأثورنا وكل مأثور للأمم، ونبقى في لعب العواصف دائماً.. وأما مدلول القراءة المعاصرة التي تُجيب على أسئلة فضاء النص فذلك استنباط مشروع، ولكنه مشروط بقرائن الأحوال التي تفيد منها الدلالة التاريخية كالمناخ التاريخي للنص وكاتب النص، وقد أسلفت لكم وجهاً مليحاً رجحانياً هو ما أضافه الدكتور طه حسين رحمه الله من دلالة في قصيدة المتنبي الميمية بوصل الهاء. لا تضره الهفوات ماذا عن النقد الثقافي ؟ - النقد الواعي عن أهلية فكرية هو الذي يُحقِّق الميزة لتراث الأمم، وهذا موجود في تراثنا بألق علمي لا يضره هفوات في مثل الردود على ابن حجة الحموي، ومثل الصراع بين السيوطي والسخاوي، وفي مثل جراءة القاضي أبي بكر ابن العربي المالكي الأشعري على الأئمة العدول البحور، وباعثه تلقين تقليدي بغيض.. والنقد الثقافي والأدبي والعلمي أثمر في تثقيف الشعوب العربية على يد رُوَّاد النهضة العربية الحديثة، وفجَّر الينابيع العلمية والفكرية لعلماء الأمة من أمثال مشايخ الأزهر .. والنقد الذي أراه اليوم في جملته إسفاف في الصحافة، وحجاب خانق في الكتب أحكمه نسيج التقليد الأعمى. من قال لك هذا؟ كأني بك تسقط كتاب الدكتور عبدالله الغذامي الذي أصدر كتاباً في النقد الثقافي؟ - من قال لك حفظك الله:(إنني أحرم الدكتور الغذامي من الموهبة والعلم والتوفيق، وأنه لا يعلم أكثر مما لا أعلم مما حجبني عنه فقدان لغة ثانية ؟)، ولكن حديثي عن الريادة السعودية فهي محجوبة عن الدكتور الغذامي وغيره، وعن رفيقكم ذي اللحية الحمراء أبي عبدالرحمن.. كما أن حديثي عن البنيوية، وعموم النقد الثقافي. هداك الله استجدَّ بعض أنواع الفنون الأدبية مثل قصيدة النثر..هل اطلعت عليها؟ - هداك الله يا ساري يا مثير بعض أسراري: أهذا سؤال؟..ألا اطلع بقصيدة النثر وهي كالعجوز الشمطاء أرادوا دَفْنَ تجاعيدها بالأصباغ في شعر ومواقف وحوار، وتلك الدوريات سراديب الكائدين من المليين والنحليين والطائفيين الشعوبيين، وأما آداب الدكتور سهيل إدريس فإن النية النظيفة موجودة إجمالاً، ولكن هناك حسن ظن، وهناك داء الحواة والتمظهر الأدبي .. وكيف لا أسمع بقصيدة النثر وقد تأذيت منها عند الماغوط وأنسي الحاج وغيرهما ؟!.. ولو تواضعنا فجعلناها نثراً لم نجد الشرط الجمالي الذي يجعلها نثراً فنياً، وهناك ركيزة علمية، والإبداع الجمالي غير محروم من الركائز العلمية.. الركيزة أن لغات الأمم حدَّدت هُوِيَّات الموجودات والمتوهَّمات، وعلى سبيل المثال من لغة العرب التي أفقهها لا أسمي القرد غزالاً، ولا أسمي مصر تونس، ولا اسمي طه حسين حسين طه؛ ولو حصل هذا العبث فلن يستقرَّ للأمم أي مفهوم؛ إذن الشعر لا يكون نثراً أبداً؛ فإذا رجعنا لمعايير الوجود الثلاثة وبالأخص القيمة الجمالية وجدنا أن هوية الشعر في شكله يقوم بأمشاج من مصادر العطاء الجمالي غير ما يوجد في النثر، ووجدنا هوية النثر الجمالي تقوم على عناصر مشتركة بين النثر والشعر، ولا نجد في النثر بعض المكونات الجمالية للشعر؛ إذن الخُلف في الشعر المنثور حكمه كحكم ( 4+4=50) . المزاجية والطبع يقال: إنك لا تتعاطف مع الأعمال الأدبية المحلية سواء أكانت سرداً أو شعراً).. مع العلم أنها لا تزال تثير الكثيرين ؟ تغلب عليَّ مزاجية الطبع؛ فهذه المدة لا أحب أن أقرأ فيها في غير التفسير، وتلك المدة لا أحب أن أقرأ فيها في غير اللغة متناً أو تأصيلاً، وتلك المدة أهيم مع شعر العشاق.. وهكذا، وهكذا، لكنني إذا قرأت فتعاطفي أو انفعالي بالطبع أقل من قراءتي، وعن التعاطف مع الشعر المحلي كان كتابي عن الشعر في البلاد السعودية الذي نشر قبل ذلك في الصحافة، وعن انفعالي مع الشعر المحلي وجد مثل موقفي من نصٍّ سمَّوه شعراً لأخي علي الدميني تناوله بالتمعلم والاحتواء أخي الدكتور معجب الزهراني؛ فكانت المعركة الأدبية بيننا مما آنس المتفرِّجين، وقلبي في نقاء الطهور من السماء اليوم ودوماً، وإنني لعظيم السرور بمعركة ثقافية
أو فنية أو جمالية أو علمية أكون فيها خاسراً؛ فأحظى من غيري بالتقويم والتطلُّع.. وليس الشعر السعودي في قليل من وقتي يغريني وعندي آفاق أرحب!!. بغض من يشائعه هل يثيرك أمثال غازي القصيبي، وتركي الحمد، وعبده الخال، وغيرهم ؟ - أما غازي القصيبي فيعجبني ويطربني سابقاً، وأما الآن فمشغول بمثل:( إلحاقاً لخطابنا)، ولا يعطي حرفة القلم لا باليمين ولا بالشمال؛ فأسأل الله أن يرده إلينا رداً جميلاً.. وأما تركي الحمد منذ أن قرأت كتابه (الكراديب) فأُشهد الله على بغضه وبغض من شايعه ، فوالله إن بطن الأرض خير لنا من ظاهرها إن عجزت الأمة عن صَّدِّ مَنْ يسومها في عقيدتها ودينها، وهذا التجديف تهون عنده صبواتي التي تتجاوز اللمم أحياناً كتهويمات الطرب.. وأما عبده الخال فقد ثرت عليه ثورة عنيفة حول مسألة الرقابة، وهي ثورة أب، ولا أكن له ولا لأمثاله إلا كل خير، وكل طرح أخَّاذ يأخذني بالتلابيب؛ لأنه أخاذ، ولكن المساحة حولي أوسع من العطاء المحلي؛ وأنا كالنحلة أنتقل من شجرة إلى شجرة، وتعجبني أشجار الأجواء الملبَّدة بالغيوم والسحب التي تنساب من أرضها الأنهار. حقيقة لا تهمه تتهم بأنك لا تكتب في الشأن الاجتماعي، وأكثر كتاباتك في الجانب التراثي والتحقيق ووضع هوامش بل حواش، ولا تكتب في الموضوعات التي تهم الناس؟ - هذه حقيقة لا تُهمة، ومن كتب في غير ما يعشقه فلن يبدع، ومن كتب فيما لا يحذقه فقد تكلَّف وجاء بجهلٍ مركب؛ لهاتين الظاهرتين ملت إلى ما ملتُ إليه، وللاستدراك على ما تفضلتم به( وهو أن عطائي مقصور على ما ذكرتم)؛ فجوابه أن أكثر عنايتي بالنواحي الفكرية، والنواحي الجمالية، والبث الوجداني لما أعايشه بالحس الظاهر وانفعال الحس الباطن، وعنايتي بمثل اللغة العربية لا يقال مثلاً: (إنها تراثية)؛ لأنني أتصل بالمدِّ الخواجي الأفندي؛ فآخذ ما شهدت به قيم الوجود الثلاث؛ لهذا تسقط دعوى أنني أكتب مالا يهمُّ الناس، بل كل ما أكتبه يتجاذبه همان: هم التفاعل مع ذوي الاختصاص، وهم ترغيب غير ذوي الاختصاص وتأنيسهم للعلم التخصصي بلغة مفهومة مباشرة، وبلغة عند الاقتضاء جميلة الإيقاع.. وبإيجاز فإن طرحي نتاج ما أخذته من تخصُّص متعدِّد أو مثاقفة متنوِّعة، والحواشي حفظكم الله جمال العلم وضرورته لما فيها من بيان، وثقافة نص، وتوسيع مدارك، وإزالة لبس. هضم حقي لك روايتان..ماذا أردت أن تقول فيهما؟، وهل في النية طباعتهما مرة أخرى؟ روايتي المطبوعة بعنوان:(حي ميري) نُشر بعضها في مجلة اليمامة قبل أن تصدر في كتاب، وقد هضم الجمهور حقها فكيف تعتب عليَّ إذا كان اهتمامي بالعطاء المحلي ضئيلاً ، ولا أستثني غير قارئ فاضل من الجوف كتب عنها، واستغرب انصراف النقاد عن استجلائها، وهي أسلوب شاعري يعالج شيئاً من الكيد الصهيوني وأقطاب الماسون مثل ابن صفدر جمال الدين الأفغاني البهائي من أسرة انشق عنها مذهب الشيخانية المتطرف الذي تعرفونه.. الانصراف عن الكتابة والرواية الثانية (عبد ربه في المعترك) كتبت منها صفحات، ثم انصرفت عن الأسلوب الروائي الفني؛ لأن موضوعها يحرجني إن أردت أن أعطي فنية الرواية حقها؛ لهذا طبعت منها جزأين بمسحة روائية واقعية، ولكن مضمونها علمي بحت، ولا غضاضة في ذلك؛ فالرواية ( الإخوة كارامازوف) للمؤلف دوستويفسكي تضمَّنت في ثناياها جميع إلحاد سفر أيوب الإلحادي المختلق المكذوب، وقد تبرَّأ منه النصارى ، واعترفوا بأنه من افتراء اليهود.. كما اشتملت الرواية على فكره الفلسفي الذي يحتاج إلى دقة نظر، ولي قصص قصيرة من البيئة طبع منها ثلاث قصص في كتابي عن هموم القرية؛ وإنني بحمد الله أملك الحس الروائي حبكة وتصويراً وإيقاعاً، ولكن المهموم بالتحقيق العلمي والفكري تتبلَّد قدرته الروائية والشعرية. عاجز عن المتابعة انتشرت الرواية النسوية في العصر الأخير.. ماذا تقرأ منها؟ - لا أذكر أنني قرأت فناً قصصياً محلياً لرجل أو امرأة من رواية أو غيرها ، لأنني عاجز عن متابعة ما تقذف به المطابع، ولأن غُرْمي في هذا المجال أكثر من ربحي، وأنا مهموم بأمور علمية وفكرية وجمالية أجدى من ذلك، كما أنني عاشق رواية رومانسية بحافز جمالي لمثل بلزاك وإميل زولا، وعاشق لقصص قصيرة لأمثال موسبان، وقد عني به الزيات في الرسالة، وسبق أن حللتُ مع الأخ سليمان الحماد قليلاً من قَصَصِه بإحدى الجرائد المحلية، وأظنها الجزيرة أو المدينة.. كما أنني عاشق لرواية فكرية مثل الإخوة كارمازوف، ولا أقرأ إلا في وقت قصير عند كلال القوى الفكرية؛ لهذا عجزت عن إتمام قراءة ما أعددته لذلك. صيغة أخرى يقال بأنك لا تملك مشروعاً ثقافياً أو فكرياً، وليس لك مشروع واضح المعالم؟ - لعلكم سمعتم هذا الرأي بصيغة أخرى عن موضوع آخر، وهو أنني غير متخصِّص في زعم بعضهم، ولا أُفخِّم نفسي ولا أزكيها ، ولا أغمطها حقها؛ لهذا أجيب عن نفسي بإنصاف وانتصاف منها معاً؛ فأما عدم التخصص الذي لم تذكروه فليس بصحيح؛ فلي تخصُّص مجيد في اللغة ولا سيما الاشتقاق المعنوي وعلوم المتن والصيغة والرابطة، ولي تخصص مجيد في نظرية المعرفة، ولي تخصص مجيد في النص الفني ومشتقات النظرية الجمالية، ولي تخصص مجيد في الفقه الظاهري، ولي تحقيق مجيد في تفسير كلام الله.. ومن حذق لغة القرآن ونظرية المعرفة أشرف على دلالات النص من أوسع أبوابها، ولي تخصص غير مجيد في الشعر العامي وأسرار الطرب العربي وفلسفة الحب، ولي ثقافة خطَّافية انتقائية في حقول علمية أخرى أردت بها خدمة تخصُّصاتي، وقد أنتجت لي خبرتي العلمية أن الثقافة العامة من الحقول العلمية تُنتج حقلاً علمياً بكراً هو(العلاقات والفوارق بين الفنون). على مذهب فلان وهذا يخدم كل حقل علمي؛ فتنشأ الموسوعية التي تُجنِّح بالفن التخصصي؛ فمن لا يحسن مثلاً إلا النحو، أو لا يحسن إلا الفقه على مذهب فلان من الكتب الفروعية فستجد عمله إرشيفياً؛ وأما المتمرِّس في فنون كثيرة كالإمام ابن حزم رحمه الله فيجنِّح بك علماً وفكراً وجمالاً وعاطفة، وتلتقط منه المعلومة بعقلك؛ فلا تفر من قلبك أبداً، ويكون هذا الالتقاط بسهولة واشتياق؛ لأنه يزف إليك المعلومة كزفاف العروس الحسناء.. ولعل الذين نفوا عني التخصص لم يجدوا لي كتاباً خدم تخصصاً واحداً ، ورأوا قلمي كعقرب الساعة لا يرسو على اتجاه واحد إلا أن يصيبها توقُّف. وأما أنني لا أملك مشروعاً ثقافياً أو فكرياً فذلك بهتان عظيم ؛ فأين ذهب خمسون عاماً من عمري منذ بدأت الكتابة والنشر، فهذه كتبي ومقالاتي معروضة فليرصدوا مشروعاتي العلمية والفكرية بل والفنية، ثم ليطرحوا عليَّ بعد ذلك إشكالهم عن علم وعدل لا عن كلمة مجلس غير مسؤولة كَتُغْرِة من يتجشَّأ. صيغة مؤذية ماقصة عدائك للأدب الإسلامي، وموقفك المناوئ له؟ - صيغة السؤال مؤذية تعبِّر عن وَهْمٍ، ولا تعبر عن الإشكال الحقيقي، وكلمة (العداء) أيضاً ضخمة في هذا الموضع؛ لأن المسألة (عدم إقرارٍ) لا عداء.. لست أرفض الأدب الإسلامي؛ فحاشا لله، وأنا أتعبد لله بذلك؛ وإنما أرفض (مصطلح الأدب الإسلامي)، ولا أرفض ( الأدب الإسلامي)، والتسامح في التعبير مَضَلَّة وَمَزَلَّة.. أرفض ذلك لأن أدبنا بدأ بالأدب الجاهلي وليس إسلامياً، ومنذ العصر العباسي دخله فرقة سياسية ومجونية أغضى عليها الخيِّرون ما لم تكن فسقاً مكشوفاً؛ لأن السيرة العملية تسامحت توسعة على المسلمين منذ ( بانت سعاد)، ولأن الشاعر يقول ما لا يفعل إذا دق على وتر تطرب له الأمة..ودخله مجون قذر كالغزل بالمذكَّر، ودخله كفر وتجديف وشكوك في شعر القرامطة وأبي العلاء وابن شبل. تسمية غير صحيحة وما أقبح قول ابن هانئ في مخلوق منتن: ماشئتَ لا ما شاءت الأقدارُ فاحكم فإنك أنت الواحد القهار !! فبصق عليه الخيِّرون، وحذَّروا منه، وبصقوا عليه شعراً ونثراً.. إذن ما أبقاه الخيِّرون وإن كان لمماً فإنه إحسان ظنِّ بحقيقة ذائقة جمهور المسلمين، وتوسعة على المسلمين الذين يَتَقَوَّون على الطاعة بشيئ من الداد: فهو سلوك من المسلمين قد يعتريه ما هو فوق المكروه؛ فكيف نسميه إسلامياً وليس الداد عطاء إسلامياً، وغاية ما هنالك أنه رفع الثواب والعقاب معاً مع احتمال الكراهة وما فوقها؟!.أخشى أن تتَّسع الدائرة فيكون:(فغض الطرف) أدباً إسلامياً والإسلام لا يأمر بهجاء المسلم، ويكون:(ألستم خير من ركب المطايا) أدباً إسلامياً والإسلام لا يدعو إلى الكذب، ويكون( ليت هنداً أنجزتنا ما تعد) أدباً إسلامياً والإسلام لا يدعو إلى تمنِّي الغرام .. وأيضاً هندسة النجار لصنع خشبي نتعلَّم توظيفه من الإسلام، ولكن لا نتعلم من الإسلام كيفية صنعه، وهكذا الشعر لا يأخذ كل قيمه الجمالية من الإسلام؛ وإنما يأخذ قيماً جمالية من تذوق النص الشرعي؛ فكيف نفتري على الإسلام ونجعل أدبنا إسلامياً ؟.. ونحن مسلمون لنا إنتاج بشري كثير فهل نسميه إسلامياً غير مكتفين بأننا مسلمون ؟ .. هل نسمي مطعم المثلوثة المطعم الإسلامي؛ لأن الذبيحة ذُبحت على الطريقة الشرعية وليس فيه لحم خنزير هل نصف سمر الأدباء الظرفاء عند أبي عبدالرحمن بالسهرة الإسلامية؟. هداك الله.!! ولكن في المقابل يوجد الأدب اليساري، والأدب الشيوعي، والأدب الوجودي.. إلخ ؛ فما المانع من وجود أدب إسلامي؟ - هداك الله !!..إنني أرى النغمة التقليدية تلاحقنا حتى في طرح الأسئلة الصحفية؛ فكأننا مضطرون إلى الاصطلاح بالأدب الإسلامي؛ لأن غيرنا اصطلح باسم آخر، وعن الإشكال الذي طرحتموه أُبَيِّن أن أدب المسلمين مصنَّف عند الآخرين بأنه إسلامي، ومصنَّفة مطاعمنا بأنها إسلامية، ومصنفون من النواصي إلى الأقدام بأننا إسلاميون، ونحن نعتزُّ بذلك جعلنا الله خيراً مما يقولون.. وأما ما يصدر عنا فنعلن للناس أننا أمة مسلمة، ولكن لا نزكِّي إنتاجنا البشري فنصف أدبنا بأنه إسلامي، ولا نضيِّقه مما يأنس به المتلقي ويطرب له على الإباحة الشرعية وإن اكتُشِف من السر أن صاحب النص صدر في شعره عن فجورٍ لا تخيُّلٍ غزلي .. ولا يضيرنا أن نخطئ فننسب إلى الماركسية أو الوجودية ما ليس من أدبهما؛ لأنه لا حُرْمة دينية عندنا للمدرستين، وأما الإسلام فنتحرج من نسبة شيئ إليه قد لا يكون منه. ميزان العدالة وماذا عن الرمز الفكرية في مشهدنا العربي؟ - الرموز حفظكم الله هُمْ مَن جمع أهلية العلم والفكر وأهلية العدالة سلوكاً ؛ فالرمز مَن كان مشعلاً مضيئاً.. وعدو الملة والنحلة، والطائفي، والأجير، وبائع مبادئه بالتلميع كيف يكون رمزاً مضيئاً ؟.. ولأجعل القارئ في ميزان المعادلة أسرد له أسماء أناس عَدَّهم أناسٌ رموزاً، و عدهم بعضهم أتباعاً، وبعضهم تنفذُّوا سياسياً وعسكرياً، وأكثر ما يربط أمتنا بهم تعلُّمهم لغة العرب كارتباط الأخطل الكبير بالمسلمين في العصر الأُموي؛ ففي الفكر القومي ساطع الحصري وميشال عفلق(؟؟!!!)، مات من جميع النواحي وماذا عن الأتباع كما أطلقت عليهم؟ - ومن الأتباع الدكتور عصمت سيف الدولة، والدكتور صفوت حاتم، وزكي الأرسوزي، وصلاح الدين البيطار، ونديم البيطار، ومحمد أحمد خلف الله ، وحاطوم ، وعبدالعزيز الأهواني، وجمال الدين حمدان، وياسين حافظ ، واللواء محمد الجراح، وملحم كرم ، وعبدالله الريماوي، وحسن صعب ، وجمال الدين الأتاسي.. وهناك فكر ماركسي مات عملياً ونظرياً، وبقي الولاء له حميةً لماضي المفكر الثقافي وأنفة من التراجع عند أمثال أمين العالم، وهاني الزعبي صاحب كتيِّب(الذين يحضرون غيابهم ) ويا ليته تذكَّر أنه من الذين يحضرون سقوطهم.. لقد ضاق الناس بشطحات من وصفوا بالرموز الأوائل كشطحات طه حسين، وقاسم أمين ، وعلي عبدالرزاق، ومنصور فهمي، وإسماعيل مظهر.. ومن ورائهم أمثال مرجليوث عدو الملة، ثم استجدت الشطحات ظاهراً وهي مبرمجة أساساً بلغة مفككة، وغمغمة فكرية لدى مدرسة أدونيس بالمشرق؛ فلما فقد هؤلاء جاذبيتهم هبَّ لنجدتهم أدونيسيون من أقصى عالمنا العربي في إفريقيا نفق سوقهم بعد سقوط أدونيس وأصحاب حوار ومواقف وشعر.. لم يراع حرية الأديان بل هو التفاف مغربي غربي لم يراع حرية الأديان وحرمتها، وصار يجرح الإسلام وأهله، ويتكلم في حق الرب سبحانه بما يوجب حكم الردة لو كان للإسلام في بعض البقاع سلطان يحميه.. وشرُّ هؤلاء فتحي بن سلامة المقيم بباريس طبيباً نفسياً ومدرساً بكلية باريس السابقة، ومدير مجلةٍ تجمع نخبة من الماسون عملهم بحث العلاقة بين
الإسلام وأوربا وقضايا الحداثة بمثل طرحه العفن في كتيِّبه « تخييل الأصول/ الإسلام وكتابة الحداثة » يدافع فيه عن الكاتب الآثم مؤلف الآيات الشيطانية مع هجوم غير موارِب على الدين، وتنقُّصٍ للرسالة ومُنزِّلها.. ويتناغم معه في بوق مبحوح شكري المبخوت الذي يُظهر التألم من استياء ذوي العلم والفكر من شطحات ورِدَّاتٍ لدى فرج فودة، وتسليمة نسرين، ونجيب محفوظ، والصادق النيهوم ، ونصر حامد أبوزيد ، ويوسف شاهين. التجديف والتلميع وبعض هؤلاء مغمورون فكراً وعلماً، وإنما شهرهم التجديف والتلميع.. ومن الفكر المغربي كتابات علي حرب ولا سيما «أسئلة الحقيقة ورهانات الفكر/ مقاربات نقدية وسجالية» ، وهو براءة من المذاهب والأصول ؛ ليأخذ بحرية سلوكية لا فكرية راحته فيما يقول من سخام عن الإسلام وأهله.. وكذلك كتابه نقد الحقيقة.. وثمة فكر مغربي أُحسنُ شخصياً الظنَّ بأهله، وأنهم لا يصدرون عن أيديولوجية منظمة للتضليل عمداً، ولكنهم أنفسهم مُضلَّلُون(بصيغة اسم المفعول) ؛ فكان فكرهم عدائياً استفزازياً كثير المغالطة ربما عن غير قصد من أمثال طه عبدالرحمن ، والجابري .. وأما محمد أركون فأنا حائر في أمره، ولا سيما ما يتعلق بالمنهج وتقويم الفكر العربي التراثي .. والجابري كَتَب بكثرةٍ وسرعة تحتاج إلى سنواتِ تأمُّلٍ في أوقات نشاط ذهني؛ فأسفَّ واقتضب وغالط وسطَّح، وقد رأيت له في الكلام عن ابن رشد وعن الخلافة هذراً يُضحك الثكلى، ورأيتُ له في سائر كتبه تمعلماً في استعراض فكرٍ عربي تراثي على غير نسقه ومفهومه.. وثمة فكر لغوي أسلوبي وبنيوي وتفكيكي كابَرَ مسلمات اللغة، وملأ التنظير بتفاهاتٍ وزخم من الاصطلاحات في أوضح الواضحات لا يخرج منه قارئه إلا بالعقم العلمي، وذلك هو المزج بالريح.. بدأ هذا الفكر بأمثال فصول في علم اللغة من تأليف ف. دي سوسير وتعريب الدكتور أحمد نعيم الكراعين.. وهي خزعبلات عبَّ منها ونهل جون كوهن، وياكبسون، وتودروف ، ولوتمان، ولاكوف، وإديت كروزويل ، وجورج مونان ، وجاك دريدا ، ورولان بارت ، وفرانسواز أرمينكو ، وليفين صمويل.. وتلقفها أمثال كمال أبوديب ، وحكمت صباغ الخطيب ، وأمينة رشيد، وهدى وصفي ، ومحمد ناصر العجيمي.. على أن الدكتور عبدالعزيز حمودة تصدَّى لبعض هذه الخزعبلات في كتابه «المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك».. إلا أنه حشد معارف فلسفية حشداً مقتضباً غير مفصل ، وكان التشويش فيه أكثر من الإفادة .. وهناك فكر ميتافيزيقي تكهُّني إزاء الحقائق الشرعية من أمثال (الكتاب والقرآن قراءة معاصرة) للدكتور محمد شحرور وليس هو رمزاً عندهم ولكنه مُلمَّع ، وما كتبه عبدالصبور شاهين عن أبينا آدم عليه السلام.. ولا تنسَ فكر العولمة، وصراع الحضارات، ونهاية التاريخ، ومخاوف القرن الحادي والعشرين وما بعده.. وهناك صليبيون وماسون أظهروا الإسلام وكادوه واحتضنهم بعض الرموز من أصحاب الدراسات المعاصرة عن الإسلام وهمومه، وقمة هؤلاء روجيه جارودي، وكتبه المعرَّبة المضلِّلة زاخرة بالتصورات الخاطئة عن الإسلام والسلفية على قصر عمر علاقته بأهل الإسلام .. لا يعتبر رمزا!! أما الطرح الفلسفي الأجنبي فهو متاع للنخبة الثقافية العربية المعاصرة ، ولا يُعتبر رمزاً نخبوياً من لا يشحن كتاباته بمقولات فلاسفة الخواجات إن كتب عن اللغة أو التاريخ أو النقد أو العقائد .. ولقد أصاب فكرنا العربي بالخبال فلاسفة متأخرون من أمثال سارتر وياسبرز ؛ فإذا بهم يتجددون لدى فلاسفة تمظهروا بالمسيحية واستبطنوا الإلحاد، وأُغرِي بهم النخبيون العرب من أمثال بول تلش ، وكارل بارث ، ورودلف بولطمان .. ولقد أحسن الدكتور وهبة طلعت أبوالعلا بفضح إلحادهم المتستر في كتابه «جذور إلحادية في مذاهب لاهوتية». .وفي الساحة مما يجب استيعابُه بفكرٍ نقدي طرحٌ علمانيٌ أعمُّ يشمل الماركسي والمنتسب إلى الإسلام بتنازل عن بعض حقائق الإسلام لا يملكه (وذلك هو الإسقاط ) ، وبادعاء على الإسلام لا يملكه أيضاً (وذلك هو الزحزحة لحدود المعاني الإسلامية)..وكل ذلك بثقافة بشرية ، وبحرية سلوك قولي وعملي.. وليس ذلك ضرورة فكر، ولا دلالة يقينية أو رجحانية من معاني الخطاب الشرعي.. تجد ذلك عند معاصرين من أمثال عبدالرحمن بدوي ، وحسن حنفي، ونصر حامد أبوزيد، وعزيز العظمة ، وطيب تيزيني ، وصادق جلال العظم، ومحمود إسماعيل، وأبي علي ياسين ، وسيد القملي ، وجابر عصفور.. وكل هذه الوجوه إفراز ظروف تاريخية أليمة ؛ فبعد تتابع استقلال البلاد العربية عن الاحتلال الأجنبي المباشر كان الاستقلال وفق إرادة استعمارية ذات وجوه؛ فمن أقلقه مصير أمته ديانة وكياناً وتركةً واستشرافاً للحق والخير والجمال فليفحص هذه الوجوه ليلتمس الرمز المحموم بهموم أمته !!. • انفعالي مع الشعر المحلي من نصٍّ سمَّوه شعراً للدميني تناوله بالتمعلم والاحتواء معجب الزهراني!! • الشعر السعودي لا يغريني.. والمساحة من حولي أوسع من العطاء المحلي!! • بطن الأرض خير لنا من ظاهرها إن عجزت الأمة عن صَّدِّ مَنْ يسومها في عقيدتها ودينها!! • ذهبت خمسون عاماً من عمري ..فكيف لا أملك مشروعاً ثقافياً أو فكرياً؟!! • كتاب (الله) للعقاد احتواء نقلي بحت من الخواجات ليس فيه روح فكر عربي إسلامي ألبتة!! • الذين نفوا عني التخصص رأوا قلمي كعقرب الساعة لا يرسو على اتجاه واحد!! • هل نسمي مطعم المثلوثة المطعم الإسلامي.. لأن الذبيحة ذُبحت على الطريقة الشرعية وليس فيه لحم خنزير؟! !! طه حسين ذو شطحات تجرح الدّين.. لكنه صادقاً مع نفسه.. والعقاد كاذب وإن تظاهر أنه داعية إسلامي!! لك موقف من بعض الرموز الفكرية المعاصرة، فقد وصفت العقاد بأنه أخذ أكثر من حجم. - بالنسبة للعقاد فنعم، ولكن ليس بهذه الصيغة، ولكن بما هو أذوق وأعنف.. تكلمت عن ذلك عند المقارنة بطه حسين، وكان رأيي: أن طه حسين ذو شطحات تجرح الدين، ولعله إن شاء الله أخلص التوبة، وكان صادقاً مع نفسه لم يكتشف هو نفسَه أنه تحت وطأة أمثال شيخه (مرجليوث)، وأن إيقاعه جميل أخاذ، وأنه حبب الناس في قراءة أدب التراث، وسهَّل خشونته .. وبالمقابل فليس العقاد صادقاً مع نفسه؛ فهو في كتبه متظاهر بأنه داعية إسلامي مع سذاجة فلسفية في فكره، وقد ناقشت تسطيحه في البرهان الأونطولوجي وفي رده على ( ديفيد هيوم) عن برهان المعجزة النبوية.. وكتاب (الله) احتواء نقلي بحت من الخواجات ليس فيه روح فكر عربي إسلامي ألبتة ..هو في كتبه داعية إسلامي ثم يعقد ندوته أسبوعياً قبل صلاة الجمعة إلى العصر ؛ وما أعظم خطر التوالي في هجر الجمع والجماعة لغير عذر !!.. ونبش زملاؤه عما لا يليق كقول أحدهم عن العقاد وروز اليوسف : فيم التكبر يا صعلوك غانية لو أطبقت فخذيها متَّ من سَغَبِ فاء إلى الله وطه حسين نظيف في كل مظهر، وهفواته الاعتقادية والتاريخية عظيمة الخطر لا يمسحها نظافة ما حُفظ له من مظهر، ولكن من تراجعه في طبعات (الأدب الجاهلي) يعظم الطمع أنه فاء إلى الله، وأما تفسير تراجعه بالخوف فحديث خرافة؛ لأن الرجل صلب القناة كثير الأشياع، وتابعت في حديثه آخر عمره ( لغتنا يسر لا عسر) فما سمعت إلا خيراً.. والعقاد رحمه الله عصامي أخذ الثقافة دَحْماً من غير منهجية تامة في التعليم المدني، وكان جاف الأسلوب، وكان متسلِّطاً في حديثه الشفهي وفي ردوده من منطلق قوة حزبه (حزب الوفد)، ومن منطلق نفاذ صوته عند الإخوانيين لما ظهر عنده من تفكير يعدونه إسلامياً جملة وتفصيلاً؛ ولهذا تتلمذ عليه سيد قطب.. واصطدم مع فحول من العلماء مشهود لهم في فنهم من أمثال أمين الخولي المتمكن في البلاغة، وأنستاس الكرملي المتمكن في اللغويات؛ فعاندهم بغير علم، ولم يسكت، بل تفرَّع بهم بذيول المغالطة، وهذا شيئ تسميه العامة ( الطَّهْبَلَة) ، وليس أثره في تثقيف الأجيال كأثر طه حسين، بل والزيات وذي اللوثة الدكاترة زكي مبارك !!.. وأما الرموز الفكرية في العصر الحديث فلا أعد رمزاً إلا مَن خرجتُ من عطائه بإبداع تباركه قيم الوجود الثلاثُ.. وأما مَن اكتسب لقب الرمز بالتلميع وهو قُشَّة سطحي كقاسم أمين قديماً وخلق كثر في لحظتنا هذه، أو اكتسبه أجيراً من أمثال أوزون، أو اكتسبه بحضانة طائفية من أمثال أدونيس، أو اكتسبه بعمل كواليسي كجماعة التثقيف الجنوبي ، ومركز بِن سلامة في باريس: فذلك رمز كيد خارجي لا رمز عطاء حقِّ خيرٍّ جميل يروي ظمأنا . • لا أحرم الغذامي من الموهبة والعلم والتوفيق ولكنه لا يعلم أكثر مما لا أعلم!! • هذا الناقد مِلْءُ العين والبصر.. وهذه الدائرة أشمل من البنيوية وشروط الريادة منعدمة!! • السجال مع الحداثة سجال فكري علمي إلا في مظاهر قليلة أخذت خيوطاً من الرومانسية!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.