قال المستشار النفسي الدكتور ضيف الله العتيبي أن السعي المحموم وراء الشهرة ليصبح نمطاً لحياة البعض ليستخدم فيه كافة الطرق لتحقيق رغباته الشخصية والتي قد تكون مشروعة في بداية الأمر ثم تتحول إلى رغبة ملحة في الظهور بشكل مستمر و بكافة الطرق وذلك للفت الانتباه ونيل المكاسب المادية ليصل بعدها إلى مرحلة الإدمان الذي يعد عرضاً من أعراض الاعتلالات النفسية والمصاحب لبعض اضطرابات الشخصية والعقد النفسية,التي قد تكون ناتجة عن المشكلات الاجتماعية لدى الفرد ؛ ووجدت متنفساً لتظهر على شكل هذا النمط من الهوس المتمثل في (هوس الشهرة). مؤكداً:هذا قد يأخذ صوراً عدة,وما نعنيه هنا هو هوس الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والذي يشعر المصاب به أنه قد وجد الطريقة المناسبة والسريعة لتحقيق ذاته وأهدافه بأي محتوى ولو على حساب القيم والمعايير وصاحب هذا النمط من الهوس يقل لديه الضبط الداخلي ويتميز البعض بالاندفاعية في ما يمارس من سلوكيات. يأتي هذا وسط تسابق ولهث الكثير وراء الشهرة السلبية لكسب الجماهير وضمان الانتشار حتى يُقدمون كقدوات يتأثر بهم الجيل الجديد مع تلويثهم الفضاء الاتصالي ونشر سلوكيات خادشة وصلت لانتهاك الخصوصية الفردية ونسف العلاقات الزوجية،بعضها عدها "العتيبي" ضرباً من الاعتلالات النفسية. وقال "العتيبي" :"يسعى الإنسان دائماً أن يتكيف مع نفسه ومجتمعه وفق معايير معينة (سواءً دينية أو اجتماعية أو نفسية) ,تمثل هذه المعايير الإطار المرجعي لتحديد السلوك المقبول وغير المقبول على مستوى الفرد,وأيضاً وفق إطار عام للمجتمع الذي يعيش فيه,والذي يحكم على السلوك من خلال هذا الإطار,ويقوم بعض الأشخاص ممن يعانون من حب الظهور المبالغ فيه بمسايرة ومحاكاة الآخرين ممن يحملون نفس المعايير لتحقيق أهدافه ولو كلفه ذلك أن يتجاوز ماهو مقبول اجتماعياً وينطلق وفق معاييره الذاتية لتتنامى لديه بعض السمات, ومنها سمات الشخصية النرجسية التي تسعى لأن تكون محط نظر الآخرين ومركز اهتمامهم متضخمةً لديه (الأنا) وأشار:"ونستثني من هذا الصنف أولئك الذين أتت إليهم الشهرة دون سعيٍ لها أو قصدٍ للحصول عليها,فلم تكن هي غايتهم ولا مرادهم وإنما قدموا محتوى ذا قيمة وفائدة واشتهروا من خلاله,وتعاملوا مع هذه الشهرة بأنفسٍ سليمة بعيدة عن كل مايخدش القيم والمعاييرالدينية والاجتماعية,والمجتمع بأفراده ومؤسساته وخاصةً الإعلامية قد يكون لهم دور في تفشي ظاهرة هوس الشهرة وتعزيز مكانة أصحابها الذين جعلوا من الشهرة غاية وليست وسيلة لتحقيق أهدافاً سامية ,وذلك بتقديم وسائل الإعلام لأولئك المشاهير كمادة إعلامية جاذبه بهدف السبق الإعلامي ولتحقيق نسب مشاهدة أعلى ,وبذلك يزيدون من حجم كرة الثلج ويساهمون في تفشي هذه الظاهرة". مؤكداً:"ومن الحلول لظاهرة (هوس الشهره),قيام مؤسسات المجتمع بدورها الفاعل في رفع مستوى وعي الأفراد للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي سواءً مستخدمين لها كمشاهير أو متابعين لأولئك المشاهير ,تعزيز القيم لدى طلاب المدارس في المراحل المختلفة ورفع مستوى وعيهم بخطورة الرسائل الموجهة لهم من خلال وسائل التواصل الحديثة ,وإيضاح مفهوم الشهرة وجوانبها السلبية والإيجابية ,إذ أن البعض في مرحلة الطفولة أو المراهقه يسعى لأن يكون مشهوراً فقط بأي طريقة كانت بسبب متابعته اليومية وانبهاره بالمشاهير". واختتم:"وكذلك تفعيل الضوابط الرقابية لعمل المشاهير من خلال وسائل الظهور الحديثة ,والتي تمثل ضبطاً خارجياً لسلوكهم مما يعيد توازن الضبط الداخلي لديهم ,وتدعيم جانب البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية وخاصةً المتعلقة بسيكولوجيا الشهرة (علم نفس الشهرة) في مجتمعنا للوصول لنتائج واقعية وفق معطيات كمية تقيس وتشخص الوضع الحالي لهذه الظاهرة السلبية في المجتمع,والتي قد تؤدي بالفرد للاضطراب النفسي مما قد يسبب له الإصابة ب (هوس الشهرة) وقد يكون أيضاً هذا الاضطراب نتيجةً له".