تحول الأطفال سلعة لكسب الأموال، في ظاهرة أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع، بعد استغلال هذه الفئة في وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة تجارية، في حين حذرت النيابة العامة من هذه الجريمة، ووجهت برفع الدعاوى الجزائية ضد المخالفين، بمن فيهم أولياء أمورهم، وأكدت هيئة الإعلام المرئي مراقبتها للمحتوى الرقمي. ويوما بعد يوم تتزايد حالات استغلال بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي لأطفالهم لتحقيق مزيد من الشهرة والانتشار واستغلال ذلك ب"التكسّب" المادي من خلال الزج بهم في عالم الإعلانات في سن مبكرة ، ورأى بعض رواد مواقع التواصل أن "الهوس" في اجتذاب أكبر عدد من المتابعين من خلال اللعب على وتر عاطفتهم، طغى على مشاعر الأبوة والأمومة لدى كثير من الراغبين في الشهرة من الجنسين، ودفع ببعضهم إلى تحويل طفله ل«سلعة» لزيادة أعداد المتابعين، والتكسّب المادي جراء ذلك لاحقاً، مؤكدين أن هذا السلوك بمثابة جريمة "منسية" مطالبين بمحاسبة مرتكبي مثل هذا التصرفات "البشعة" والتجاوزات "الشنيعة" لردعهم ومنع تفشي السلوكيات السلبية المشابهة. ويرى الإعلامي بشير الزويمل، أن ما يتعرض له بعض الأطفال على مواقع التواصل يمثل انحرافاً صارخاً لقيم المجتمع، مبيناً أن حقوق الطفل انتهكت من قبل بعض المشاهير الذين فضلوا الكسب المادي على حساب التنازل عن الأخلاق والقيم التي يجب غرسها في الأطفال والحفاظ على مشاعرهم وحمايتها، مناشداً الجهات المختصة بالتدخل ب"حزم" لوقف استغلال براءة الأطفال للتسويق وجني الأرباح، موضحاً أن لتلك السلوكيات آثاراً نفسية وأخلاقية "وخيمة" وينبغي منع انتشارها وتفشيها في المجتمع لحماية الأطفال من الأفعال غير المسؤولة من قبل أولياء أمورهم، لافتا الى أن بعض مشاهير مواقع التواصل يتعمدون نشر الأمور "السلبية" وغير المقبولة اجتماعياً لكي يتداولها المتابعون في ما بينهم، مبيناً أن الأسباب النفسية وراء هذا الفعل هو هوس الشهرة والاستعداد لعمل أي سلوك ل"لفت الانتباه" وزيادة المتابعين، مبيناً أن النساء يمارسن هذا السلوك أكثر من الرجال. من جهتها قالت الأخصائية الاجتماعية ابتسام الفهد أن وجود الطفل كنجم في سن مبكرة، يؤثر على نفسيته وتكوينه العقلي، لأنه غير مهيأ للتعامل مع الأضواء والشهرة واتخاذ القرار، إذ ستتداخل مراحل حياته وسيتخذ القرارات التي لا تتناسب مع عمره". وأضافت الفهد: "إن الطفل سيدخل في مرحلة التوتر والعصبية والقلق والخوف وعدم الأمان والضغط الدائم من الأهل والمتابعين، ليبقى ضمن دائرة المنافسة وحتى لا تتأثر شهرته ليزيد الربح، وكأن بالأهل يسمحون باغتيال طفولة أطفالهم". العقوبة يعتبر استغلال الطفل أحد عوامل الإيذاء، وفقاً لما جاء في تعريف الإيذاء في نظام حماية الطفل، حيث عرف النظام "الإيذاء بأنه كل شكل من أشكال الإساءة للطفل أو استغلاله أو التهديد بذلك". وقال المحامي محمد الصعب ، بأن قانون حماية الطفل في لائحته التنفيذية شدد على حماية الأطفال من الاستغلال وتمكينهم من حقوقهم وعدم السماح لمن يقوم على رعايتهم من استغلالهم بهدف التكسب المادي أو تحقيق الشهرة، مبيناً أن استغلال الأطفال من خلال وسائل التواصل بغرض التكسب أصبح ظاهرة "سلبية" تهدد الاستقرار النفسي والاجتماعي للأطفال، ومجتمعنا ليس باستثناء، حيث ينتهك الوالدان أو من يقوم على تربية الأطفال حقوق الأبناء بعرضهم أمام الكاميرات بهدف الشهرة والترويج والتسويق من أجل مكاسب مادية، ما يؤدي إلى فقدان الأطفال براءتهم وانتهاك خصوصيتهم وما يتبع ذلك من آثار سلبية فادحة مشيرا الى ان الجهات المختصة فور تلقيها البلاغات تقوم بالتحرك سريعاً من خلال اتخاذ الوسائل الكفيلة بحماية الأطفال، وحول العقوبات التي تنتظر الوالدين المتورطين باستغلال أطفالهم. يشار الى أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية قد أعلنت مؤخراً، عن تجريم «ظاهرة المشاهير من الأطفال المستغلين بطريقة غير جيدة لأغراض الشهرة والتكسب»، ووضعت عقوبات رادعة للمخالفين، وعلى الرغم تجريم هذا السلوك المشين ، إلا أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في حالات استغلال لأطفال من قبل والديهم أو أشقاءهم بهدف جني الأموال، كما أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية قد طالبت في وقت سابق بالإبلاغ عن أي حالات استغلال للأطفال بغرض التكسب على الرقم 1919.