المرشح الذي ضرب على وتر المثاليات كثيراً في حملته الانتخابية سيعرف إذا انجلى الغبار أفرس تحته أم حمار،لأن الحديث بمبالغة كبيرة عن التغييرات دون معرفة الصلاحيات هو خداع لذات المرشح قبل أن يكون خداعاً للناخبين ، فالمرشحون قد استنسخوا كل ما وضعته البلدية لهم من مهام ووعدوا بتنفيذها على الأوجه الأمثل ، دون إدراك منهم لحدود إمكاناتهم الشخصية ودون معرفة للصعوبات والعوائق التي واجهها المجلس في الانتخابات السابقة ،والتي كان من أبرزها عضوية رئيس البلدية وتعيين بعض رجال الأعمال وعدم وجود الصلاحيات ،و هذا الأخير تحديداً وعدت البلدية بتحديده بعد عملية الاقتراع ! ، فعلى أي أساس بنى المرشحون أهدافهم إذن ، وعلى أي أساس كانت برامجهم الانتخابية ؟! ... الله أعلم ! ،و كذلك فإن وزارة البلدية والشئون القروية قد اتخذت قراراً بزيادة عدد مقاعد المجلس البلدي في بعض المحافظات قبل موعد الاقتراع بثلاثة أيام !، ( ولله الأمر من قبل ومن بعد ) ... ساعات وسأختار واحداً من المرشحين لعضوية المجلس البلدي ،ومن المؤسف أن يكون هذا الاختيار ليس خاضعاً لمعايير الكفاءة والأحقية وإرادة التغيير ، بل سيكون من باب ( الفزعة ) لا أكثر ، فالمجلس – بشكله الحالي – ما هو إلا وسيلة من وسائل توظيف العاطلين ،والمشاركة في عملية الانتخاب ما هي إلا شفاعة من أجل عاطل ،وهو في أحسن الأحوال نشر لثقافة الانتخاب ، فلا زال نصف المجلس غير منتخب ،و لا زال الأعضاء المنتخبون يمارسون دور ال( كومبارس )،ولا زال رئيس البلدية هو صاحب البطولة المطلقة في المجلس ،كما أن طريقة تعيين الأعضاء لا زالت غامضة ولا تخضع لمعايير واضحة، فهي تقول بأن الأعضاء المعينين يجب أن يكونوا من ذوي الكفاءة والأهلية ،و هو تعبير فضفاض يعني كل شيء مما يدل على أنه لا يعني أي شيء، ففي محافظتنا على الأقل كل الأعضاء الذين تم تعيينهم في دورة الانتخابات السابقة هم من فئة رجال الأعمال ،و رجال الأعمال – كما هو معروف – هم أكثر المستفيدين من العقود التي تبرمها البلدية ، فإذا كان الهدف من المجلس البلدي هو مراقبة أعمال البلدية من إيرادات ومصروفات واقتراح مشاريع و ترسية عقود ؛ فرجال الأعمال هم أولى الناس بالإبعاد عن المجلس ،و كذلك من غير المعقول أن يقوم رئيس البلدية بالرقابة على نفسه ،و مادام الأمر كذلك فقمة التفاؤل أن يُنظر إلى هذه الانتخابات نظرة جادة على أنها مشاركة في صنع القرار،لأن المجلس في أحسن الأحوال سينقسم إلى قسمين ،قسم يعمل مع البلدية وقسم يعمل ضدها، ولو افترضنا جدلاً أن الناخبين ما أوصلوا إلى المجلس إلا أنزه الناس وأكثرهم أمانة وإخلاص ،فلا يعني ذلك مشاركتهم في صنع القرار ،لأن القرار محسوم بيد البلدية ،و حين يدرك الأعضاء المعينون هذا الأمر سيجدون أن رئيس البلدية ( ما من صداقته بد ) ، فمع الوقت ستضعف المقاومة ، و سيبدأون بتقديم التنازلات تلو التنازلات إن لم يكن من أجل مصالحهم الشخصية فلأجل ناخبيهم ، فالمجلس لا يحتاج أكثر من أن يستميل واحداً من الأعضاء المنتخبين لتمرير كل القرارات، حتى إذا مضت الأيام وتبعتها الأيام سيجد أكثر الأعضاء تمسكاً بالمباديء من يقول له ( بُص الأمانة عملت فيك أيه !) ...