ضمن فعاليات النادي الأدبي بجدة، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، استضاف الصالون الثقافي، الأحد 8 مارس 2020م، عضو مجلس الشورى، الدكتور غازي فيصل بن زقر، في موضوع يرتكز على أهمية، ” حكاية رجل مع المرأة”. تحدث بن زقر قائلا: الموقف الأول لي مع المرأة، في رحم أمي، قال: لو أدركت هذا الموقف لأدركت المرأة، ولكني لازلت أبحث! ثاني موقف لي مع المرأة، يوم ولادتي، هل هي تبكي؟ أم أنها سعيدة؟ هل هذه دموع تذرف من عينيها؟ أم هي ابتسامة على شفتيها؟ لو فهمت هذا التناقض يومها لفهمت المرأة، ولكني لازلت أبحث! قيل لي يوما أنها ضلع أعوج، فظللت عقودا أبحث وأسأل: هل هذا كرم لها؟ هي أمي التي ربتني، وعمتي التي رجلتني، وأختي التي هذبتني، فهل هذا كرم لها؟ حتى جاءتني يوما طالبة أكبر مني بعقود، وأنا معلم يافع في جامعة خارج المملكة، كانت مريضة بمرض آلمها، ثم اشتد عليها فأماتها، كانت قبل موتها حكيمة، صاحبة علم ينتفع به، بصيرتها صافية ونيتها جلية، لها حضور كحضور القمر يضيء بهدوء، تعلم الناس بحضورها الناضج وسلوكها الرفيع، آتاها الله من علمه مالا نعلم، عندما عَلِمَتْ بمرضها، وكان لها ابن سافرت معه لتكون بالقرب منه قبل موتها. من يفعل هذا إلا امرأة! جلست بجانبي يوما تنظر إلى شجرة، قلت لها حتى أنت ضلع أعوج وإن كنت من أحكم الناس. قالت: سبحان الخالق.. ما المشكلة؟ وإن كانت فهي فيك وليست فيني! تعجبت من قولها! سألت كيف؟ قالت: لماذا حكمت بأن العوج عيب؟ أنظر إلى الشجرة، أو ليست كلها اعوجاج؟ أوليس العوج جمالها، قوتها، صحتها، حكمتها، ذكاؤها، أنوثتها؟ الرجل أرادها مستقيمة فكسرها، ولو تركها لبقيت على عوج، والشجرة أجمل ما خلق الله، عاشت قبلي بمئة عام، وأحيت الأرض بألف، وما أنا إلا مسافر استظل تحت ظلها فأحبها. أبكيتها وأبكتني، ضاربتها وضاربتني، ثم عدت إليها، ماذا أنا فاعل الآن؟ إن ابتعدت عنها ضعت، وإن اقتربت منها لخبطتني. إذا ابتسمت سحرتني، وإذا أدمعت عيناها اهتز لها فؤادي وأنا مازلت أبحث! تسابقني اليوم في الميدان وأنا أفرح بها، فخور بعملها، ناظر ماذا تفعل؟ هي اليوم زوجي، مرآة نفسي، صاحبتي، فيها وجدت معنى حياتي، وعمقا لكينونتي، وبراءة ذمتي. في برها متاع، وفي عشقها فلسفة، أُمكنها وتبنيني، روحي معها، وروحها معي، تكملني وأكملها والكمال لله وحده، وأنا في ملكوت الاحسان مازلت أبحث وهذه حكاية رجل مع المرأة. ثم تحدث بن زقر عن أصالة الماضي والتكامل الفطري الذي جبل عليه الانسان بين الرجل والمرأة وضرورة دعمه في واقع الحياه العصرية بالتكامل العلمي المبني على إدراك الذات وإدراك الآخر وتسخير العلوم السلوكيه والإنسانية والاجتماعية لبناء فرد ومجتمع أفضل، كذلك تحدث عن الميزان الاجتماعي الذي بني على مر قرون وكان له دور في تنظيم الأسرة والقبيلة والمجتمع وبالتالي تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، وكيف أن هذا الميزان مر بتحدي كبير مع دخول مجتمعنا الى ظروف حداثة سريعة وقوية مع الطفرة، كذلك تحدث عن الميزان والتوازن بين حاجة الرجل والمرأة في تحقيق الذات مع الحاجة لتحقيق التعاضد والتكامل والتناغم بينهما ودور الميثاق المقدس ” الغليظ” في هذا التوازن. كذلك تحدث: عن ضرورة رقي الحوار بين الرجل والمرأة لرقي الحوار مع الأبناء لمواجهة حياة أكثر تعقيدا مليئة بالتحديات من العالم الحقيقي والافتراضي الذي يعيشه الجيل الجديد اليوم، وأهمية الأسرة عوضا عن الفرد كلبنة البناء الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة المتناغمة. ثم أسهب المتحدث عن جمال الرؤية الجديدة للمملكة وشموليتها في إحداث تحول اجتماعي اقتصادي ثقافي لتحقيق رؤية وطن طموح، ودور المرأة والرجل في هذه الرؤية، كذلك تحدث عن ما بعد التمكين والحاجة إلى الرجولة المسؤولة والأنوثة المسؤولة والتناغم بينهما. وأكد على أن التناغم الوجداني العميق بين الرجل والمرأة هو أساس بناء مجتمع ووطن متناغم، كما سرد قصص الماضي والحاضر والمستقبل عن جدات وعمات وخالات وبيئة مليئة بنماذج قيادية للمرأة في وسط الحياه اليومية التي يعيشها الطفل ذكر أو أنثى ويتربى عليها فتصبح جزء من مكونه. ثم تطرق إلى الحاجة إلى آليات حديثة مثل مجلس شؤون الأسرة لدعم مؤسسة الأسرة التقليدية في البناء الاستراتيجي لغد أمثل للجميع، وتخطي الآنية ونظرة إطفاء الحرائق إلى نظرة إستباقية إستراتيجية مبادرة في التعامل مع قضايا الرجل والمرأة، كذلك أكد على ضرورة تمكين الرجل وكذلك المرأة؛ لأن الرجل الممكن الناضج المحب هو خير شريك لها في رحلتها لتحقيق ذاتها وتلبية نداءها وعروجها إلى الحق. كذلك أكد على ضرورة البناء على أصالة الماضي، ” مع تصحيح أخطائه”، حين التحليق إلى آفاق جديدية ومستقبل واعد بإذن الله، مع ضرورة عدم رسم صورة مثالية للماضي أكثر مما كان عليه. كذلك قدم وصفة لعلاج التبعية التي تكمن في التعاضدية والتكاملية بين امرأة ورجل بينهما مودة وسكينة. وأن في ذلك ميثاقا غليظا يتخطى مفهوم العقد. وأوضح بن زقر مفهوم “الجدارة” الحقيقية لوضع الانسان الأفضل في المكان الأمثل بغض النظر عن كونه امرأة أو رجل أو لأي اعتبار.