إن المقولة الشريفة التي وصفت المرأة بأنها مخلوقة من ضلع أعوج ماهي إلا كناية عن سمة رهافة التكوين النفسي لها وتحكيمها لعواطفها وأنوثتها فكما أن آدم خلق من طين فالمرأة خلقت من ضلع آدم وصفة الضلع أعوج ليس من لفظ الاعوجاج المعنوي بقدر ما يعني الرهافة واللين .وبقدر ما يعني الجمال ، وهناك عبارة مشهورة تشير إلى أن سعادة الرجل تكمن في التراب أي في المادة والبناء والتعمير وسعادة المرأة تكمن في تحقيق الاستقرار والأمن مع رجل يحترم أنوثتها ويكبر وظيفة التأنيث فيها .. والضلع الأعوج جزء من جسد الإنسان لا يمكن أن يستقيم وإن استقام انكسر وانعطب وتشوه الكائن البشري وتعطلت الوظائف الأساسية التي يؤديها الضلع الأعوج والتي فيها حماية القلوب من الصدمات .فإذا حمينا قلوبنا من الصدمات حمينا مشاعر الآخرين وأفئدتهم من الأوجاع .. فهل الاستواء للضلع يعني الإيجابية لوضع المرأة وارتقاءه أم يعني الهزائم المتتابعة في وجدانها ؟.كثيرة هي الرموز التي اقتحمت عالم المرأة وكيانها بكل محتواه الثقافي والإنساني والاجتماعي وكأنها تتنادى لتدعو إلى استواء الضلع كما تدعو إلى التمرد على تلك النظرة العوجاء حين سيء فهم عبارة الضلع الأعوج وتكرس التوهم بأن المرأة كائن معوج في طبعه وطبيعته وبذلك وضعت في مرتبة تصبح من خلالها تحت وصية وهيمنة ومتابعة الرجل المستمرة ..وضمن هذا التشابك الفكري تتثاءب المرأة في نهاية القرن العشرين وتخرج بكل شجاعة لتواجه مشكلاتها وتبحث عن ذاتها وتقرر وبدون دعوة أن تكون الغصن الذي تزهر فوقه عصافير الفرح فيريدها بل يدعوها أن تكون شجرة شوك .. فهل يستوي الغصن المائل الريان بغصن استقام من حرارة الشمس وندرة الماء وجفاف الهواء ..وهل يستوي غصن يؤلم وغصن يتألم .. غصون كثيرة ومتنوعة أبرزها عصر الانفتاح والقوة .. غصن في فلسطين تتحول بالتهجير والتشرد إلى غصن مسلوب الأحلام والآمال .. وغصن في عمان تنتهي بها المعاناة إلى الدخول المبكر إلى دار العجزة .. وغصن في مصر تدفن زهرة شبابها مع رجل مسن لكنه ثري يستعير من عمرها جسرا يمتد به إلى أزمنة جديدة تنقذه من زمنه الآيل في الانهيار .. وغصن في الحبشة تعمل خادمة لتجمع مبالغا من الأموال تهدئ بها زوجها المحروق وتحترق .. وغصن من جنوب الجزيرة تحلم بالزواج من رجل المدينة لتخرج إلى المدينة وتحقق أحلامها فتتحول إلى امرأة مهملة تفقد حبها للحياة وللأمل .. وصور أخرى لغصون كثيرة حفرت الصعوبات في حياتهن استواء أوصلهن إلى الانكسار .. فرغم اختلاف البيئات إلا أن النهايات متشابهه متوحدة .. نهايات معطوبة نسمع بها دندنة عود خاصة يترنم فيها صوت المرأة في زمنها وفي قلقها ..الذي تولدت منه رغبة مدججة بخطاب جديد لعهد جديد ينشر شذرات من جدلية ( الضلع حين استوى ) الضلع هو المرأة و(حين ) هو صوتها عندما أرادت أن تكون وأن تحيا في زمانها ( استوى ) المرأة حين أدركت حقوقها وتوافرت احتياجاتها وتوحدت الصفوف معها ونضجت .. حين استمرت في القيام بوظائفها الأساسية دون افتعال أو تكلف وهذا مالا يقوى أن يؤديه الضلع حين يستقيم .. لازالت المرأة تحتاج إلى المزيد من التثاؤب الذي يعينها على التخلص من رغبتها في إخفاء الأنثى التي تعيش بداخلها والمخبئة بين نظراتها ونبضاتها والتقليل من محاربتها أو تجاهلها فتلك الأنثى هي مصدر جمال لا ضعف ، مصدر خير لا خوف ، مصدر ثبات يحدث معجزة فإن صمتت المرأة حركت موجة من المواقف الشامخة وإن ابتسمت المرأة حرضت موجة من اغتالت الأوجه المعيبة بين الوهم والحقيقة ، وإن أحبت المرأة تمردت موجة من العطاء والتعقل دون أن يستوي الضلع حتى ينكسر .