غادرت مجموعة من المسلحين مساء أمس الجمعة الغوطة الشرقية معقل المعارضة المسلحة المحاصر قرب دمشق حيث دخلت في وقت سابق قافلة مساعدات رغم القصف المتواصل الذي يشنه الجيش السوري منذ نحو 3 أسابيع. وبحسب وسائل إعلام سورية رسمية والمرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، تم إخلاء مجموعة صغيرة من المقاتلين، وعرض التلفزيون السوري مشاهد لمقاتلين في حافلة واحدة، دون تحديد عددهم أو انتمائهم، في الممر الذي حددته الحكومة لعمليات الإجلاء. وقال مراسل التلفزيون إن "الحافلة كانت تقل 13 مسلحاً، فيما أفادت الشبكة في شريط عند أسفل الشاشة أن المسلحين كانوا برفقة عائلاتهم"، وقال المرصد إن "الأمر يتعلق ب 13 مسلحاً من هيئة تحرير الشام (القاعدة سابقاً) وأسرهم". وكان "جيش الإسلام"، أحد أبرز الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، أعلن في وقت سابق في بيان أن الدفعة الأولى من المسلحين المعتقلين لديه سيتم إجلاؤها من المنطقة، دون أن يحدد عددهم، وأضاف أن "هؤلاء العناصر تم اعتقالهم خلال العملية الأمنية التي أطلقها جيش الإسلام في 28 أبريل(نيسان) 2017 لاجتثاث هذا التنظيم وتم الاتفاق على أن تكون وجهتهم إلى إدلب بناءً على رغبتهم". استسلام مقابل ممر آمن وفي مناطق أخرى مثل حلب، استسلم مقاتلو المعارضة في نهاية المطاف مقابل الحصول على ممر آمن للوصول إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة مع أقاربهم ومدنيين لا يريدون العودة لحكم الأسد. وتشن قوات النظام منذ 18 فبراير الماضي هجوماً عنيفاً على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، تسبب بمقتل أكثر من 930 مدنياً بينهم نحو 200 طفل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. ودخلت أمس 13 شاحنة تحمل مواد غذائية إلى مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، بعدما تعذر إفراغ حمولتها جراء القصف الإثنين الماضي، حين كانت في عداد أول قافلة مساعدات دخلت المنطقة منذ بدء التصعيد. وتعرضت أطراف دوما ل 5 غارات على الأقل وفق المرصد بعيد دخول الشاحنات، وقتل 6 مدنيين على الأقل في جسرين جراء غارات طالت كذلك بلدات أخرى، وخلال إفراغ المساعدات، كان الطيران يحلق في الأجواء على علو مخفوض وينفذ غارات عدة في أرياف دوما. تحذيرات وحذر منسق الأممالمتحدة المقيم في سوريا علي الزعتري في بيان من أن القصف قرب دوما يعرض قافلة المساعدات المشتركة بين الأممالمتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري للخطر، على رغم ضمانات السلامة من الأطراف وبينها روسيا. وفاقمت الحملة العسكرية المستمرة منذ نحو 3 أسابيع معاناة نحو 400 ألف شخص تحاصرهم قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013، ولم تحمل قافلة المساعدات أي مستلزمات طبية. وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق إنجي صدقي "لدينا أيضاً بعض المؤشرات الإيجابية على أن إدخال قافلة أكبر مع إمدادات إضافية تتضمن مواد طبية قد يحصل الأسبوع المقبل". وكانت السلطات السورية منعت القافلة الإثنين الماضي من إدخال بعض المواد الطبية الضرورية، وطالبت منظمة أطباء بلا حدود في بيان جميع الأطراف المتنازعة ومؤيّديها بالسماح بإعادة إمداد الأدوية المنقذة للحياة والمواد الطبية دون عوائق، وعدم إزالة المواد المنقذة للحياة من قافلات المساعدات. وأفادت بتعرض 15 مرفقاً طبياً للقصف من إجمالي 20 مستشفى وعيادة تقدم لها الدعم في الغوطة الشرقية، ويحتاج 700 شخص وفق ما أعلنت الأممالمتحدة قبل أقل من أسبوعين إلى إجلاء طبي عاجل، وتعاني الكوادر الطبية من نقص هائل في المستلزمات الطبية، ومع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات، يعمل الأطباء لساعات طويلة بلا توقف. يأس وفقدان الأمل وقالت المديرة العامة لمنظمة أطباء بلا حدود ميني نيكولاي "بشكل يومي نلاحظ شعوراً متزايداً باليأس وفقدان الأمل، وما يفعله زملاؤنا الأطباء يفوق حدود ما يمكن لأي شخص القيام به، فقد استُنزفوا إلى درجة الانهيار إذ لا يحظون إلا بأوقات قليلة من النوم. ويأتي تجدد القصف بعد هدوء هو الأول من نوعه منذ بدء الهجوم البري على المنطقة، جراء توقف الغارات وتراجع وتيرة المعارك إلى حد كبير، بحسب المرصد. ووضع مدير المرصد رامي عبد الرحمن تراجع حدة الهجوم في إطار بادرة حسن نية، على خلفية مفاوضات محلية تجري بين ممثلين عن قوات النظام ووجهاء من الغوطة الشرقية للتوصل إلى حل لوقف سفك الدماء، إما عبر إخراج المدنيين أو إخراج المقاتلين. وقال شيخ عشيرة المعامرة في سوريا ناصر المعامري للصحافيين عند معبر مخيم الوافدين "نتواصل مع أهلنا في الغوطة"، لافتاً إلى أن أكثر من 300 عائلة يتحدرون من كفربطنا وسقبا وحمورية يرغبون بالخروج. وعند معبر الوافدين، توقفت حافلات نقل خضراء وبيضاء وسيارات إسعاف أمس بانتظار خروج المدنيين على وقع أغان وطنية بثت عبر مكبرات الصوت، وأفادت عن دوي قصف قريب أدى إلى تصاعد سحب دخان، ونقل الإعلام الرسمي السوري أن المجموعات الإرهابية تستهدف الممر الإنساني في مخيم الوافدين بالرصاص المتفجر. وأوردت وسائل إعلام حكومية تقارير عن رفع أشخاص في الغوطة الشرقية للعلم السوري الرسمي وتنظيمهم احتجاجات صغيرة مؤيدة للأسد، وذكر المرصد حدوث احتجاجات في قرية واحدة تطالب بوقف القصف ومغادرة مقاتلي المعارضة. وقال مسؤول في الأممالمتحدة إن عشرات الآلاف من الأشخاص فروا إلى عمق الجيب هرباً من المعارك وقال سكان في دوما إن الملاجئ اكتظت بالوافدين الجدد إليها.