في بادئ الأمر سأضيف لك عزيز القارئ المعلومة التالية: العلاقات الثنائية بين مصر واريتريا متينة ومنذ الأزل، فعلى سبيل المثال، تعد زيارة الرئيس الاريتريي "أسياس أفورقي" لمصر هي ال 23 منذ ترأسه سدة الحكم العام 1993 ، وهي الزيارة الرابعة منذ تولي الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" في 2013. في المقام الأول، تُولي مصر وجاراتها السمراوات، الإهتمام بأمن كل من "البحر الأحمر ومضيق باب المندب والقرن الأفريقي"، وهذا يعني وبشكلٍ جلي أن زيارة " أفورقي" للعاصمة المصرية ليست بمعزل عما يحدث في السودان، أي بعدما قررت الأخيرة استدعاء سفيرها في القاهرة وبدون ذكر الأسباب، كما أنها تعتير الأولى من نوعها بين البلدين، وليس هناك أي شيء جديد يستدعي ذلك، حتى وإن ادَّعت الخرطوم أن تكون قضية "حلايب و شلاتين" هي السبب، زد على ذلك إغلاق الحدود مع اريتريا ونشر قوات سودانية في "ولاية كسلا". هناك من يتسائل .. هل السودان دخلت في ترتيبات إقليمية جديدة تستعدي بعض جيرانها وتحديداً القاهرة!!، وهل كانت لزيارة الرئيس التركي "رجب طيب آردوغان على علاقة بذلك!!، وأسفر عنه المباحثات الثلاثية بين كل من رؤساء أركان جيوش "السودان وتركيا وقطر"، وما تبعه من زيارة لرئيس الأركان السوداني لأثيوبيا. تُعتبر اريتريا من الدول المهمة ذات الموقع الإستراتيجي والمعنية بأمن البحر الأحمر، لذا ليس بمستغرب أن تقوم القاهرة بمنع أي تصعيد يطال مصالحها البحرية من جهة هذه الدولة، والأمنية من جهة السودان، بالإضافة إلى مصالحها المائية من النيل مع أثيوبيا، لذا فإن التعاون مع العاصمة "أسمرة" هي وبلا شك ورقة ضغط سياسي على السودان وأثيوبيا. النتائج التي من الممكن تحقيقها عبر التنسيق بين مصر وايرتريا على مستوى الملاحة في البحر الأحمر، تكمن في مراقبة حركة تهريب السلاح، وكذلك أنشطة وتحركات الجماعات المتطرفة في المنطقة، وأيضاً عمليات تهريب البشر، بالإضافة إلى أنشطة الجريمة المنظمة من غسيل أموال وخلافة، وكل ما يمكن اعتباره خطراً على الأمن القومي المصري. تجمع مصر والسودان علاقات مصيرية ومتجذرة بين شعبيهما، كما وأن الثانية تعتبر العمق الإستراتيجي الجنوبي للأولى، والقاهرة تعتبر العمق الإستراتيجي الشمالي للخرطوم، فلمَ لا تقوم الأخيرة بالشفافية والحوار لرأب صدع، والبدء بحل كل المشاكل العالقة بدلاً من اللجوء لدول بعيدة لغرض وآخر.