أكدت مصادر دبلوماسية في القاهرة ان محادثات الرئيسين حسني مبارك والرئيس الاريتري اسياسي افورقي خلال زيارته الحالية الى مصر تتناول مجمل الاوضاع في القارة الأفريقية والقرن الأفريقي وبصفة خاصة قضايا الصومال والسودان. واوضحت المصادر ان المحادثات بين الزعيمين ستتطرق كذلك الى تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الأوسط وخاصة العراق وفلسطين، والجهود والاتصالات التي تجريها مصر على مختلف الأصعدة لتهدئة الموقف واعطاء التسوية السياسية فرصة اخرى. كما يشارك الرئيس أفورقي في الاحتفال الذي يقيمه أقباط مصر بمناسبة مرور31 عاماً على تنصيب البابا شنودة بطريرك الأقباط الأرثوذكس كما يحتل النصيب الأكبر فى المباحثات بين الرئيسين موضوع توتر العلاقات بين السودان وإريتريا.ومن جهته أكد علي سيد عبد الله وزير خارجية إريتريا أن دور مصر في حل مشكلة جنوب السودان وتحقيق الوفاق الوطني الشامل لا غني عنه ولا يستطيع أحد تهميشه, مشددا علي حرص بلاده علي استمرار هذا الدور لدفع الجهود المبذولة لحل المشكلة السودانية الي الأمام, وحول المباحثات التى يجريها الرئيس اسيلسى افورقى في القاهرة مع الرئيس حسني مبارك أشار الى حرص بلاده علي التشاور مع مصر في كل القضايا ومنها قضية جنوب السودان, وأضاف عبد الله أن دول مبادرة الإيجاد وبينها إرتيريا حريصة علي التشاور والتنسيق مع مصر لما لها من وزن وثقل وتأثير, كما أن كل المبادرات المطروحة في هذا الشأن لابد من أن تتكامل والأبواب مفتوحة, وكذلك بالنسبة لليبيا لما قامت به من جهود ومبادرات, وكلها تلعب دورا مكملا لإتفاقية هاشاكوس الأولي وللمفاوضات الجارية حاليا. وحول احتمالات إنفصال جنوب السودان وتأثيرات ذلك السلبية علي الوضع في القرن الأفريقي, أكد وزير خارجية إريتريا إن احتمال الانفصال ضعيف وإحتمال بقاء السودان موحدا أقوى. وأشار الي أن بلاده تعطي الأولوية القصوي لوحدة السودان.وأضاف أن أريتريا تعمل علي دفع العمل بإعلان المباديء علي أساس أن يقوم التجمع الوطني الديمقراطي بدور أكثر فاعلية في المفاوضات اللاحقة. وحول الفجوة في العلاقات بين بلاده والسودان, أكد الوزير الإريتري أن مساعي أرتيريا واتصالاتها لا تتوقف مع السودان والمشاورات قائمة مع الحكومة في الخرطوم والتجمع الوطني المعارض. وكانت مصر قد بدأت اتصالات مكثفة مع كل من السودان واريتريا لاحتواء الازمة المفاجئة بينهما على اثر الاتهامات التي وجهتها الخرطوم لاسمرة بدعم قوات المعارضة السودانية التي هاجمت مناطق في شرق السودان أخيرا.وقال وزير الخارجية المصري احمد ماهر انه اجرى اتصالات مع الجانبين حيث تحدث مع الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مرتين، كما اجرى اتصالا مع نظيره الاريتري دعاهما الى تسوية الخلافات والمشاكل بين البلدين عبر الطرق السياسية والحوار الثنائي وضرورة تهدئة التوتر القائم بينهما. وقال ماهر ان الجانب الاريتري ابلغ القاهرة ان اسمرة لا علاقة لها بما حدث في شرق السودان. واكدوا بأن "ما يحدث في السودان شأن داخلي ليس لاريتريا أي يد فيه".واضاف ماهر انه يجري ايضا اتصالات مع الحكومة السودانية ومعارضيها من اجل تقريب وجهات النظر بينهم ومساعدتهم للعودة الى طاولة المفاوضات. وأكد ماهر ان "مصر ليست طرفا في مفاوضات ماشاكوس ولكنها على استعداد لتقديم اي مساعدة تطلب منها للمساهمة في الحل السياسي وتحقيق الاستقرار والسلام بالسودان في اطار المبادرة المشتركة" المصرية الليبية. زيارة قرنق وكشفت مصادر سودانية في القاهرة ان زعيم الحركة الشعبية العقيد جون قرنق اجل زيارة كانت مقررة للقاهرة الايام المقبلة نسبة للظروف الراهنة في شرق السودان. والاحد الماضى القاهرة استضافت اجتماع وزراء الخارجية العرب قال الدكتورمصطفى عثمان اسماعيل الوزير السوداني ان حكومة بلاده لا تريد أي وساطة من مصر في ما يخص المسألة الاريترية سوى ان تطلب مصر ان تبتعد اريتريا عن التدخل في الشؤون السودانية. وانتقد اسماعيل الرئيس الاريتري اسياس افورقي الذي اعلن انه سيبحث خلال زيارته التي للقاهرة حل المشكلة السودانية. وقال اسماعيل "ان فاقد الشيء لا يعطيه". واشار الى ان القيادة الاريترية لا تعترف بالمعارضة ولا التعددية الحزبية وتميل دائما الى استخدام القوة والعنف في حل مشكلاتها. واستشهد بطلب 11 سفيرا اريتريا حق اللجوء السياسي في مختلف دول الجوار "اضافة الى مجموعة الخمسة عشر التي تقبع في السجون الاريترية حاليا" وقال "نحن في السودان نتبع سياسة الحوار مع معارضينا في الحركة الشعبية او التجمع الوطني الديمقراطي والقوى السياسية داخل السودان".وكانت الحكومة السودانية أعلنت في رسالة لمجلس الأمن عن وجود أدلة جديدة حول تورط إريتريا في دعم الهجوم الذي شنته قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان, التي يتزعمها جون جارانج, علي شرق السودان أخيرا. وأكد الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل وزير الخارجية السوداني وجود أسرى إريتريين لدي بلاده كانوا يحاربون إلي جانب حركة جارانج, وطالب الوزير إريتريا بقبول لجنة تقصي حقائق من الاتحاد الإفريقي بينما دعت أسمرة الجامعة العربية رسميا إلي بذل مساعيها لتهدئة التوتر الحالي بين أسمره والخرطوم. كما طالب الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي بقمة عاجلة لتجمع الساحل والصحراء لمناقشة الاتهامات السودانية لبلاده. تحقيق ليبي يأتي هذا في وقت تواصل فيه لجنة ليبية وصلت إلي أسمرة أخيرا التحقيق في الوضع المتوتر بين البلدين. وقال السفير الإريتري في القاهرة محمود عمر إن الاتهامات السودانية لبلاده غير حقيقية, وإنه أكد خلال لقائه بالسيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية حرص بلاده علي تهدئة الوضع مع السودان بما يخدم السلام والاستقرار في المنطقة. بينما أكدت الخرطوم في رسالة سلمها الفاتح عروة مندوب السودان الدائم لدي الأمم المتحدة لرئيس مجلس الأمن أنه قد تأكد للخرطوم لما لا يدع مجالا للشك تورط إريتريا في الهجوم علي شرق السودان. وأوضحت أن الهجوم تم علي جبهة طولها180 كيلومترا, وهو ما يحتاج لإمكانات دولة كاملة, وبمساندة القصف المدفعي الإريتري, وتحت إشراف القادة الإريتريين. وقالت الرسالة السودانية لمجلس الأمن: إن اعترافات الأسرى تثبت مشاركة القوات الإريترية في الهجوم, كما أن الذخائر والوقود ومواد التموين تم جلبها جميعا من داخل إريتريا. وأشارت إلي أنه تم سحب جثث القتلى من القوات الإريترية من أمام المواقع الدفاعية, إلي جانب توفير الدعم الإعلامي لحركة التمرد. وأكدت السودان في رسالته أنه بذل جهودا حثيثة من أجل إرساء دعائم علاقات حسن الحوار والتعايش السلمي مع إريتريا, إلا أن مردود ذلك كان مخيبا للآمال والذي يثير قلق السودان في الفترة الاخيرة هو وجود اتفاقية مع الولايات المتحدة لإقامة قاعدة عسكرية أمريكية في مصوع وهو مادعا اريتريا الىنفى وجود أي اتفاقات مع الادارة الامريكية لاقامة قواعد عسكرية في الموانئ الارترية. ووصفت اسمرة الاتهامات السودانية التي ذكرت ان اريتريا تحاول تسويق ميناء مصوع الاريتري للادارة الامريكية لاتخاذه قاعدة عسكرية، بأنها "مجرد أكاذيب ودجل". وقال مسئول أريتري ان الوجود الاميركي في اريتريا مجرد وجود دبلوماسي فقط، وان وزير الخارجية السوداني الذي أطلق الاتهامات "يعلم ان بلاده قد فتحت ابوابها لمسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي وعناصر المخابرات الامريكية للقيام بإجراء تحقيقات مع عناصر القاعدة والمشبوهين في السودان وسلمت واشنطن عدداً من تلك العناصر كما سلمت كارلوس الى فرنسا من قبل". وكان وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل قال ان "المعلومات التي حصلت عليها بلاده من مصادر مختلفة تؤكد ان اريتريا حاولت تسويق ميناء مصوع الواقع على البحر الاحمر للادارة الأمريكية التي لديها اهتمامات بالمنطقة".يذكر ان قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال تومي فرانكس والمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر قد نفيا في تصريحات لهما مؤخراً امكانية التوصل الى اتفاق مع السلطات الاريترية بشأن القواعد العسكرية الأمريكية المزعومة في كل من مصوع وعصب واعتبر فرانكس التصرياحات الصحافية في هذا الشأن مجرد تخمينات.وأكد المسؤول الاريتري على سيادة بلاده على كافة اراضيها ومياهها الاقليمية بيد انه أشار الى عدم وجود مقارنة في علاقات واشنطن مع البلدين "أي السودان واريتريا" واصفا علاقات بلاده مع واشنطن بأنها في اطار الوجود الدبلوماسي فقط.واتهم الخرطوم بدعم جماعات اريترية معارضة مرتبطة ب"القاعدة" وقال ان قيادات ما يسمى التآلف الوطني الاريتري المعارض تضم عناصر حركتي الخلاص والجهاد الاسلامي وان محمد طاهر شنقب نائب الامين العام للتحالف ورئيس المؤتمر الشعبي هو احد قادة الجهاد كما ان مسؤول الشؤون السياسية بالتحالف حامد تركي يعتبر الزعيم لحركة الخلاص الاسلامي وان هاتين الحركتين لديهما علاقات وطيدة بجماعة القاعدة في السودان وافغانستان. وأضافان الخرطوم وأديس أبابا قد أعلنتا صراحة دعم التحالف المذكور وافتتاح مكاتب له للعمل في اسقاط الحكومة الاريترية.واتهم الخرطوم وأديس أبابا وصنعاء بتشكيل محور للقيام بأعمال معادية ضد بلاده واستدل بتصريحات السفير السوداني لدى اثيوبيا عثمان السيد والتي اكد فيها ان بلاده لا تستبعد اندلاع حرب مع اريتريا وذلك عقب اجتماعات وزراء خارجية الدول الثلاثة في اثيوبيا الاسبوع الماضي.ويقول عطية عيسوى المحلل السياسىانه فيما يتعلق بخلفات الصراع بين السودان واريتريا فوجود المعارضة لها أثر كبير وخاصة بعد سقوط مدينة همشكوريب فى شرق السودان علي الرغم من أهميتها الاستراتيجية فيبدو أن الحكومة ركزت كل جهودها علي الجنوب وبالغت في التعويل علي الخلافات التي دبت في التجمع المعارض وافترضت أنها شلت قدرته العسكرية, وبالتالي لم تتوقع هجوما ينتهي بسقوط المدينة, وساعد علي ذلك فتح جبهة جديدة في غرب دارفور حيث استولي التحالف الفيدرالي لأول مرة علي مواقع في تلك المنطقة التي لم يسبق أن شهدت تمردا علي الحكومة في السنوات الأخيرة.ويؤكد ان تبرير الحكومة السودانية لسقوط همشكوريب بأنه تم بمساعدة مباشرة من إريتريا المجاورة فيبدو أنه مبالغ فيه ويهدف إلي إعفائها من الحرج أمام الرأي العام. فقوات المعارضة موجودة في مناطق كثيرة في شرق السودان, وهناك خط إمدادات عسكرية شبه دائم بين قوات جارانج في الجنوب وبقية قوات التجمع في الشرق, وليس حتميا أن يحتاجوا إلي الانطلاق من إريتريا أو الحصول علي السلاح عبر أراضيها لشن هجوم, ومع ذلك فكل الاحتمالات واردة, فهجمات المعارضة كانت دائما سببا ونتيجة لتوتر العلاقات بين البلدين, فلكل منهما معارضة سياسية وعسكرية لدي الآخر يتم استخدامها للحصول علي مطالب معينة, فضلا عن التقارب السوداني مع إثيوبيا العدو الأساسي لإريتريا حاليا, وسيبقي الشد والجذب حتي يتم التوصل إلي حل نهائي للمشكلات الأمنية المعلقة بين البلدين وتصفية قضية المعارضة.