اتهمّ الرئيس السوداني عمر البشير دولتي مصر وجنوب السودان بتسليح حركات التمرد الدارفورية، وتزويدها بالعتاد والعربات القتالية المصفحة، على خلفية المواجهات التي دارت في في الهجوم الأخير علي مناطق في شمال وشرق دارفور، بعد توقف نسبي للقتال استمر قرابة العامين، أعلنت خلاله الخرطوم، دارفور خالياً من التمرد. وقال البشير لدى مخاطبته منشطاً لمتقاعدي القوات المسلحة في الخرطوم أمس (الثلاثاء)، إنّ القوات المسلحة السودانية غنمت (7) عربات مصرية قتالية مدرّعة، إضافة إلى (180) عربة مسلحة شاركت في معارك شرق وشمال دارفور يومي السبت والأحد الماضييْن، متسللة من دولتي ليبيا وجنوب السودان. وسخر البشير من داعمي الحركات المسلحة وطالبهم بإرسال المزيد من الدعم لمتمردي دارفور، وقال: "هذه ليست عمليات حربية، بل مجرّد تمارين لقواتنا". وتجدّدت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" المنسوبة له من جانب، وحركة جيش تحرير السودان – جناح مني أركو مناوي الدارفورية من جانب آخر، بعد هدوء نسبي شهده دارفور طوال الأشهر الماضية. وقال الجيش السوداني أنه صدّ هجوماً متزامناً من محورين، شنه متمردون تسللوا من دولتي ليبيا وجنوب السودان، وألحق بالقوات المهاجمة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وقتل وأسر عدداً من كبار قادة التمرد. واستنكر البشير دعم القاهرة للمتمردين السودانيين، في الوقت الذي امتنعت فيه عن دعم السودان في قتاله ضد التمرد وقال: "حاربنا في جنوب السودان عشرين سنة ولم يزوّدنا المصريون برصاصة واحدة، معتبرين الأمر شأناً داخلياً"، وأضاف: "قاتلنا مع المصريين في حربي 1967 و1973، ولم يزودونا برصاصة واحدة كذلك، وحتى الذخائر التي اشتريناها منهم كانت فاسدة". وسخر البشير من الهجوم الذي دعمته الدولتين، واعتبره تشويناً وتسليحاً لقواته، وتابع: "نقول للطرفين: أرسلوا المزيد من الأسلحة والسيارات القتالية، لأن مثل هذه المعارك بالنسبة لنا، تمارين وليست عمليات حربية. يكفي أن قواتنا استلمت في نصف ساعة فقط (180) عربة حيّة مسلحة، و(7) عربات مدرعة مصرية". وتفاخر البشير بصمود جيشه أمام ما أسماه "الكيد والتآمر" الذي لم تواجهه دولة في العالم. وقال: "جيوش كثيرة انهارت من حولنا، وصمدت القوات المسلحة رغم الكيد والتآمر". وأضاف متباهياً: "البلد في أيدٍ أمينة". من جهته، ألمح مفوض رئاسة الجمهورية السودانية للاتصال الدبلوماسي والتفاوضي لملف دارفور، أمين حسن عمر أمس الأول (الإثنين)، إلى تورط مصر في الأعمال القتالية في دارفور، وقال إنّ القوات القادمة من الخارج كانت تستخدم مركبات ومدرعات مصرية. وأضاف: "مصر تدعم قوات الليبي خليفة حفتر وهو أمر لا غبار عليه، مع علمها أنّ المتمردين السودانيين يقاتلون مع حفتر، والمدرعات الحربية التي استخدمت في الهجوم كانت مصرية". وقال عمر، إنّ الهدف من هجوم الحركات المتمردة الأسبوع الجاري، "نسف قرار رفع الحظر عن العقوبات الأمريكية عن السودان". ويتواصل القتال في دارفور منذ العام 2003، إلى أن أعلنت الحكومة السودانية أخيراً حسم التمرد، وإعلان المنطقة خالية من التمرد. وقالت إن ما تبقى القوات المتمردة فرتّ إلى دولتي ليبيا وجنوب السودان، وإنّها تقاتل إلى جانب قوات الجنرال الليبي خليفة حفتر، ك "قوات مرتزقة". ويخشى على نطاق واسع أن يؤثر تجدد المعارك في دارفور على مساعي رفع العقوبات الأمريكية على السودان، بعد انتهاء المهلة المحددة في الثالث عشر من يوليو المقبل. لاشتمال خطة المسارات الخمسة التي اشترطتها الإدارة الأمريكية للرفع الكلي للعقوبات، تتضمّن وقف الحرب في دارفور، وهو ما دفع وزير الخارجية السودانية إبراهيم غندور أمس الأول (الأحد)، الطلب من سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ومجموعة الترويكا، والاتحاد الأوروبي، لإدانة الهجوم الذي شنّته قوات المتمرد (مناوي). وتقاتل حركات "العدل والمساواة" بزعامة جبريل إبراهيم، و"جيش تحرير السودان" بزعامة أركو مناوي، و"تحرير السودان"، بقيادة عبد الواحد نور، تقاتل الجيش السوداني في دارفور منذ اندلاع النزاع في المنطقة، ورفضت توقيع "وثيقة الدوحة لسلام دارفور" التي رعتها دولة قطر في يوليو 2011، بينما وقعتها "حركة التحرير والعدالة، بقيادة "التجاني السيسي"، بيد أنها لم تفلح في وقف القتال. ونشرت حسابات للقوات المسلحة السودانية وجهاز الأمن والمخابرات على الوسائط الاجتماعية، "تويتر وفيس بوك"، صوراً لما وصفته ب "مدرعات وأسلحة شاركت في معارك دارفور الأخيرة"، قالت إنّها مصرية، فضلاً عن خرائط تكشف عن محاور دخول المتمردين من دولتي ليبيا وجنوب السودان، فيما نصبت القوات المسلحة السودانية أمس (الثلاثاء)، معرضاً لما غنمته في الهجومين من أسلحة ومتحركات حربية ومدرعات، في منطقة (عشيراية) شرق دارفور، أوفدت له العشرات من الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء من الخرطوم.