اطلعنا على ما اثير في الاعلام في الأسابيع الماضية بخصوص هاكرز -مخترقين- اخترقوا بيانات بطاقات ائتمانية لبعض المواطنين السعوديين- Credit Cards- في إحدى الدول رد على ادعاء بوجود هاكرز سعودي حصل على بيانات بطاقات ائتمانية وتسريبها لمواطنين تلك الدولة ونشرها على شبكة الانترنت. وللتذكير فقد حدث تبادل اختراق لمواقع الكترونية على شبكة الانترنت بين هاكرز سعودي وهاكرز دولة عربية بعد مباراة قدم العام الماضي وكان على مستوى تغيير واجهات المواقع على شبكة الانترنت. الا ان ما يحدث في الوقت الحالي – كما يدعى-هو درجة متقدمة في عملية الاختراق وخطيرة لكونه يمس الجانب الاقتصادي . الاختراق – hacking- هو ضريبة من ضرائب التقدم في الاتصالات وتقنية المعلومات والحاسوب المفيدة في كثير من المجالات، وهو عملية مستمرة وتتطور مع تطورها. والاختراق يكون على مستويات مختلفة اما تغيير واجهة موقع على شبكة الانترنت او الدخول للانظمة التقنية وقواعد البيانات لجهة معينة لغرض التدمير او التغيير او السرقة، و تتنوع اهدافه من هواية وتحدي الى دوافع اقتصادية وسياسية، ومن عمل فردي او افراد غير معروفين الى عمل منظم وممنهج تقف وراءه جهات مشبوهة وغير معروفة. والهاكرز ليس بالضرورة ان يحمل مؤهلا عاليا، فمنهم من يحمل شهادات متوسطة، لكن قدرتهم على تكرار التجربة والخطأ والتفرغ لذلك، يصل بهم في كثير من الأحيان، إلى ما يُريدون. فضلا عن وجود تبادل للخبرات في مجالات الاختراق عبر شبكة الإنترنت. وقد طمأنت البنوك السعودية عملاءها على سرية معلوماتهم البنكية، وانها في مأمن ولديها حماية قوية كما صرح الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية. الا ان ما يهم توضيحه هو ان امكانية الاختراق- غالبا- تحدث في نقاط البيع او مواقع الشراء اوالتسوق الالكتروني او عبر شركات الوساطة في المدفوعات ما بين المتاجر والبنوك او ومن مواقع شركات اجنبية ليست عليها حماية كافية او ربما اختراق المواقع الالكترونية التي توفر بيانات البطاقات عبر شبكة الانترنت. ليس هناك ادنى شك، انه كلما زادت عدد المواقع والخدمات الالكترونية، كلما زاد عدد المنافذ وبالتالي ازدياد عدد الثغرات واحتمالية حدوث اختراقات يكون بنسبة اعلى. والمملكة من اكثر الدول عرضة لعمليات الاختراق والبرمجيات الخبيثة على مستوى العالم كما ذكرت بعض التقارير والدراسات الدولية المتخصصة، وبناء على ماسبق، فان هناك بعض النقاط الجديرة بالاهتمام، والتي منها: 1- التقنية وبرمجياتها تتطور بتسارع وفي الجانب الاخر تتطور عمليات الاختراق وألياته، وليس هناك مأمن مطلق من مخاطر الاختراق مهما كانت قوة الحماية، لذا يجب اخذ الحذر الدائم واستجلاب التقنيات المتطورة واستقطاب الكفاءات الوطنية المتميزة والمهرة في مراكز امن المعلومات وتطويرهم ودعمهم ماديا ومعنويا والتي تعتبر من اصعب المهارات واكثرها طلبا بين تخصصات تقنيات المعلومات. 2- المملكة تعمل على التوسع في البنية التحتية للتعاملات والخدمات الالكترونية سواء في القطاع العام او الخاص وتضخ المليارات لهذا الغرض وبنيتها التحتية، لذا يجب الاهتمام بأمن المعلومات وحمايتها وان تكون مواكبة لهذا التوسع. 3- اهمية استحداث جهاز او مركز وطني مستقل يهتم بامن المعلومات من تشريع ورسم سياسات ومراقبة التسوق الالكتروني والتاكد من الاسواق المحلية وتطبيقها لمعايير امن المعلومات وحمايتها وتوفير الدعم الفني الاستشاري، ومكان احتواء للهاكرز السعوديين المتميزين، وايضا يكون هو الجهة المسئولة على الرد على مثل هذه الادعاءات وجهة مطمئنة للمواطن والمقيم. 4- وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات تعكف حاليا- مشكورة- على اعداد استراتيجية عامة لامن المعلومات بالتعاون مع بعض الجهات ذات العلاقة، ومن الأهمية بمكان الإسراع في انجازها للحاجة الملحة في خضم التوسع في التعاملات والخدمات الالكترونية. 5- على الجانب الاعلامي المحلي توخي الحذر عند نقل مثل هذه الاخبار التي لا تتأكد حقيقتها وانما تسبب تشويشا وبلبلة للمواطنين وقد تؤثر سلبا على جدية التوجه للتحول للتعاملات والخدمات الالكترونية مستقبلا- لا سمح الله. 6- العمل على التوعية ونشر ثقافة أمن المعلومات لدى المواطنين والمُقيمين. ويشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، حثهم على الحفاظ على سرية مُتطلبات نفاذهم إلى خدمات هذه التقنيات سواء البنكية أو الحكومية أو غير ذلك و تشجيعهم على إبلاغ الجهات المعنية عن أي حالات طارئة تستحق الاهتمام. مع التاكيد على ضرورة وجود كتاب وصحفيين مُتخصصين في القضايا العلمية لنشر الثقافة العلمية في المُجتمع. 7- هناك مراكز وكراسي علمية بحثية وطنية لها ارتباط مباشر بامن المعلومات وحمايتها، يشرف عليها نخبة من خيرة ابناء هذا الوطن في مجال امن المعلومات، لذا ارى اهمية الاستفادة من خبراتها وابحاثها ودعمها معنويا وماديا. اضافة لذلك، اهمية تشجيع ودعم الشركات الوطنية المتخصصة في امن المعلومات. اخيرا، نود التذكير ان متخذي القرار في هذا البلد الكريم – بحمد الله- واعون لأهمية امن المعلومات وحمايتها وقد اصدرت جملة من الانظمة والقرارات ذات العلاقة التي تحد من سلبيات تلك التقنيات. مع التاكيد على ان عملية الاختراق تتطور ادواتها بشكل مستمر، وان ما حدث هو مؤشر تحذيري اولي، يحتم التنبه واخذ الاحتياطات المناسبة له واستباق حدوثه، وان امن المعلومات وحمايتها هو جزء مهم من الامن الوطني وتاثيره اكبر في الجانب الاقتصادي بشكل خاص، الذي هو مرتكز رئيسي لأي بلد...حفظ الله مملكتنا الحبيبة، والله من وراء القصد. د. حامد الورده الشراري- عضو مجلس الشورى