سحابة صيف عابرة عكرت الصفو الدائم في العلاقة السعودية المصرية الأيام الماضية، لم تلبث تلك السحابة أن تنقشع بفعل هبوب رياح العقلاء المصريين الذين أكدوا أنهم الأغلبية الساحقة والكبيرة في كنانة العرب. العلاقات السعودية المصرية ليست مجرد علاقات شكلية تغلفها الدبلوماسية المعروفة، بل هي علاقات دين ودم ولغة ومصير واحد مشترك، لذلك يكون التوافق والانسجام هو النتيجة الحتمية والمرجوة من هذه العلاقات. سحائب الصيف القليلة جدا اعتادت أن تظهر بين الفينة والأخرى في سماء العلاقات الأخوية بين البلدين، ولحسن الحظ أن تلك السحائب تظهر بين فترة وأخرى لتكون الترياق الذى يحصن هذه العلاقة ويزيدها متانة ورسوخا في قلوب وأفئدة الشعبين، صحيح أن هذا الترياق يصاحبه ارتفاع في درجات توتر الشارع وغليان غوغائي محدود وبسيط لكنه لا يلبث أن يزول وينتهي بمجرد أن تنشط العقول المضادة في الجسدين الشقيقين لتئد كل فكر تآمري يستهدف عمق العلاقات. نحن في السعودية ننظر لمصر بصفتها العمق الاستراتيجي والاجتماعي والثقافي لكل العرب، فتاريخها الحضاري وأسبقيتها في الريادة والتمكين كل ذلك يخولها لعب أدوار حضارية وإنسانية كبيرة، بحجم كثافة السكان وعظم الإمكانيات ورسوخ الولاء للعرب والمسلمين، كل هذا يجعلها مع المملكة منطلق الحلول وتشكيل السياسات في الشرق الأوسط. السعودية ومصر بلدان عربيان إسلاميان تجمعهما قواسم كثيرة على مستوى السياسات العربية والإسلامية والإقليمية، وهذا يؤكد أن الشراكة مع مصر لا ترتبط عرى وثائقها بشخص أو حزب أو فئة، بل هي شراكة مع أمة وشعب. كثيرة هي المواقف التاريخية التي برزت وظهرت وتشكلت من خلال التوافق السعودي المصري، ومن خلال ذلك التوافق تشكلت رؤى استراتيجية ومواقف دبلوماسية أعادت تشكيل الخارطة السياسية والدبلوماسية داخل المنطقة الإقليمية التي نعيش فيها، فحرب أكتوبر المجيدة كانت بعد الله نتاج إرادة مصرية خالصة وإيمان ومؤازرة سعودية باستعادة كل الحقوق المسلوبة والمغتصبة، ومثلها حرب تحرير الكويت، حيث كان الدور المصري فيها محوريا وهاما نتج عنه وحدة الموقف العربي في شجب العدوان وفرض الشرعية الدولية في حل الأزمة الكويتية. السعودية ومصر وجهان لعملة واحدة، ترتفع قيمة تداولها في سوق الدبلوماسية العالمية تبعا لمتانة العلاقات بينهما وترسخ جذورها على مستوى الحكومتين والشعبين الشقيقين، لتبقى السعودية ومصر على الدوام "يدا واحدة".