سحابة صيف.. هكذا يتمنى كل سعودي ومصري وعربي، أن تكون الأزمة التي تجتازها العلاقات المصرية السعودية، على خلفية اتهام مواطن مصري بتهريب حبوب مخدرة محظورة إلى المملكة، وهكذا يتطلع كل مخلص لقضايا الأمة أن تنقشع تلك السحابة سريعًا، حتى تتفرغ الأمة لمواجهة استحقاقات ملحة تتعلق بأمنها وتنميتها ورفاه مواطنيها. ما حدث من إغلاق سفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة وقنصليتي الإسكندرية والسويس، هو إجراء طبيعي لحماية البعثات الدبلوماسية والقنصلية السعودية، من عنف متظاهرين أحاطوا بمقر السفارة بالقاهرة مرددين شعارات عدائية، طالت المملكة ورموزها، وعكست روحًا عدوانيةً، وانفلاتًا بدا أن عناصر تأمين السفارة لا تستطيع كبح جماحه. ومع التقدير الكامل للظروف الاستثنائية التي تجتازها مصر منذ 20 يناير من العام الماضي، وما أفرزته تلك الظروف من حالات انفلات أمني، انعكست على كافة قطاعات الاقتصاد والحياة اليومية في مصر، إلا أن المساس بالمملكة ورموزها وتهديد سلامة بعثتها الدبلوماسية، أمر لم يكن ممكنًا غض الطرف عنه، حماية لطاقم السفارة السعودية بالقاهرة وقنصليتي المملكة بكل من الإسكندرية والسويس من جهة، وحرصًا على تجنب المزيد من التجاوزات المرفوضة لتجنيب العلاقات بين البلدين المزيد من الضرر. مصر في الوجدان السعودي هى وصية الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود لأبنائه البررة، والمملكة في الوجدان المصري هى مهوى أفئدة المصريين على اختلافهم، وقد ظلت علاقات البلدين هي مركز توازن إقليم الشرق الأوسط كله، يستقيم إن استقامت، ويختل إن اختلت. ولا نشك أن أحدًا في البلدين تغيب عنه تلك الحقيقة، ولا أن ثمة في البلدين من يتوانى عن صيانة تلك العلاقات التاريخية العميقة، وحمايتها من كل صاحب غرض. قضية المتهم المصري بجلب حبوب مخدرة إلى المملكة، هي في عهدة قضاء عادل ونزيه، ينبغي النزول على حكمه أيًّا كان هذا الحكم، أما قضية العلاقات بين المملكة ومصر فهي مسؤولية الشعبين والقيادتين، وهي أمانة لا يمكن التفريط فيها صونًا لمكتسبات الأمة ودفاعًا عن قضاياها المركزية. ما حدث في علاقتي البلدين لن يكون بمشيئة الله سوى سحابة صيف، سرعان ما تسطع بعدها شمس الإخاء والتعاون؛ لتعود إلى سابق عهدها ذخرًا للأشقاء وحربًا على الأعداء.