ترافقت الانتخابات التشريعية التي أرادها النظام في سورية أحد معالم الإصلاح السياسي بعد الانتفاضة الشعبية التي بدأت قبل 14 شهرا ضد الرئيس بشار الأسد، مع تصعيد في الاحتجاجات في معظم أنحاء البلاد في تحد لنظام الأسد. وواجه النظام الاحتجاجات السلمية بمزيد من إراقة الدماء، الأمر الذي عقد مهمة مراقبي الأممالمتحدة الذين يراقبون وقفا لإطلاق النار أعلن في 12 إبريل الماضي. واستمر العنف في أنحاء البلاد بين القوات الموالية للرئيس بشار الأسد ومقاتلي المعارضة لإنهاء حكم عائلة الأسد المستمر منذ 40 عاما. وقال رجل طلب عدم نشر اسمه ل"رويترز" قرب مركز للاقتراع في العاصمة "كل هذا مسرحية. المرشحون رجال أعمال ودمى في أيدي الأقوياء في السلطة." وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه في محافظة إدلب شمالا تحدث سكان عن إطلاق نار وانفجارات وفي مدينة حماة اشتبك مقاتلو المعارضة وجنود القوات الحكومية في وقت مبكر أمس. وأضاف المرصد الذي يقع مقره في بريطانيا أنه في محافظة دير الزور بشرق البلاد قتل ثلاثة معارضين في هجوم شنته القوات الحكومية فجرا مما يبرز تحدي إجراء انتخابات لها مصداقية ويصعّب من مهمة مراقبي الأممالمتحدة الذين يراقبون وقفا لإطلاق النار أعلن يوم 12 إبريل الماضي. وأوضح المرصد أن الرجال الثلاثة كانوا متوارين عن الأنظار ولقوا حتفهم إثر كمين نصبته لهم القوات النظامية بالتعاون مع موالين للنظام. وأكد شهود عيان وجود انتشار أمني كبير من الجيش والشرطة ، وأوضح شاهد من دمشق أنه تم نشر أكثر من مئة نقطة تفتيش في مناطق داخل العاصمة وبالقرب من مراكز الاقتراع. وفي هذا الإطار أعلن المرصد، عن سقوط قتيل وسماع دوي خمسة انفجارات أمس في محافظة إدلب .وقال المرصد في بيان"سمعت أصوات خمسة انفجارات في مدينة إدلب ولم ترد أنباء عن إصابات". وحسب المرصد ،توفي في مدينة أريحا مواطن متأثرا بجراح أصيب بها أول من أمس إثر إطلاق رصاص من القوات النظامية التي اشتبكت مع مقاتلين من المجموعات المسلحة المنشقة في أطراف المدينة وإطلاق نار من قبل حواجز . وقال المرصد إن بلداتٍ وقرى بريف إدلب تشهد مقاطعة للانتخابات البرلمانية. وتحدث ناشطون معارضون عن وقوع قتال بين الجيش والمعارضين في محافظة دير الزور الشرقية وعن هجمات لقوات الأسد أسفرت عن قتل خمسة أشخاص في مناطق أخرى من سورية الأحد من بينهم شاب قتل بالرصاص خلال مداهمات من منزل لمنزل في العاصمة دمشق. وعلى عكس الزعماء المستبدين في تونس ومصر وليبيا واليمن الذين أسقطهم الربيع العربي يحتفظ الأسد بدعمٍ كافٍ بين القوات المسلحة والطائفة العلوية التي تهيمن على الجيش والأجهزة الأمنية للصمود أمام الثورة. ومنذ توليه السلطة خلفا لوالده حافظ الأسد في عام 2000 اعتمد الأسد على برلمان طيّع للموافقة بشكل تلقائي على إرادة العائلة الحاكمة في ذلك البلد الذي تقطنه أغلبية سنيّة. ولا يوجد في مجلس الشعب الحالي عضو معارض واحد وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن نصف المقاعد ستخصص "لممثلي العمال والفلاحين" الذين تسيطر عائلة الأسد على اتحاداتهم. وعرضت القنوات التلفزيونية الحكومية لقطات من مراكز الاقتراع في أنحاء البلاد لأشخاص وهم يضعون علامات على بطاقات الاقتراع ويدخلونها داخل صناديق بلاستيكية. وعلى الرغم من التغطية الإعلامية المكثفة في الأيام القليلة الماضية فليس هناك نقاش يذكر لسياسات المرشحين أو التوجهات السياسية. وفي مركز للاقتراع بدمشق قالت السلطات لرويترز إن 137 شخصا أدلوا بأصواتهم في الساعات الثلاث الأولى. لكن الصحفيين لم يروا سوى ثلاثة أشخاص يدلون بأصواتهم هناك خلال 40 دقيقة. وتقاطع شخصيات المعارضة التي فر كثير منها إلى خارج البلاد أو اعتقلت خلال الانتفاضة، الانتخابات قائلة إن الدستور السوري المعدل الذي سمح بإنشاء أحزاب سياسية جديدة هذا العام لم يغير شيئا. وعلقت ملصقات انتخابية معظمها لمرشحين مؤيدين بقوة للأسد في وسط دمشق ومناطق مازال الأسد يحتفظ فيها بسلطة قوية ولكن يوجد منها عدد أقل في المناطق النائية التي تشكل أساس الثورة. وقال الناشط لؤي حسين الذي يرأس تيار "بناء الدولة السورية" إن هذه الانتخابات شكلية ولن تغير توازن القوى في سورية.وأضاف أنه ليس من المهم من الذي يدلي بصوته فهي انتخابات مزورة ضد إرداة الشعب السوري دون مشاركة شعبية. وقال إن البرلمان السوري لا يملك سلطة على ضابط مخابرات واحد وليس لديه سلطة في البلاد على الإطلاق. وفي المناطق الوسطى بدمشق عرضت صور المرشحين في الشوارع ومن بينهم رجال أعمال ومخرجون سينمائيون ومقدمو برامج في التلفزيون الحكومي. وقال بسام إسحاق الذي رشح نفسه للبرلمان عامي 2003 و2007 دون أن يحالفه التوفيق وفر من البلاد العام الماضي إن الانتخابات لن تغير شيئا يذكر. وأضاف أن النظام السياسي السوري مازال فاسدا تماما وأن نتائج الانتخابات ستتقرر سلفا.وقال إن هناك مقاعد قليلة جدا للمستقلين وإن هذه المقاعد ستؤول إلى الأسهل انقيادا. وزار وزير الداخلية السوري محمد نضال الشعار مدينة حلب الشمالية أول من أمس، وقال إن المدينة التجارية والصناعية المهمة مستعدة للانتخابات. وتقول السلطات إن عدد الناخبين يبلغ 14 مليون نسمة من بينهم السوريون في الخارج وإن هناك 7195 مرشحا. وقال الشعار الذي كان يحيط به مسؤولو الانتخابات لوسائل الإعلام الحكومية إنه يجب توفير كل الموارد لضمان إجراء العملية الانتخابية بشكل سلس. وزادت المظاهرات المناهضة للأسد في حلب بعد أن قتلت قواته أربعة طلاب من المحتجين على الأقل في جامعة حلب الأسبوع الماضي. ويقول ناشطون أيضا إن الاحتجاجات زادت في شتى أنحاء البلاد منذ وصول المراقبين. وفي بلدة مضايا السنية وهي مركز ريفي للثورة تقع على بعد 30 كيلومترا شمالي دمشق لم تظهر أي علامة على وجود حملة انتخابية. وفي بلدة الزبداني القريبة كان هناك عدد قليل من صور مرشح. وقال ياسر وهو من سكان الزبداني إن هذا الشخص هو المرشح الوحيد وهو سيفوز بالطبع حتى إذا لم يصوت له الناس. وعلقت صور شبان قتلتهم قوات الأسد على المتاجر المغلقة وواجهات البنايات. وكتب على ملصق يسخر من الانتخابات "انتخبوا مرشحكم للانتخابات البرلمانية الشهيد نور عدنان الدلاتي".