دمشق، نيقوسيا، بيروت - «الحياة»، أ ف ب - قال ناشطون وسكان إن القتال في بلدة الزبداني في ريف دمشق، التي يسيطر عليها منشقون، هدأ امس بعد سريان وقف لإطلاق النار بين القوات النظامية والمنشقين عن الجيش النظامي وإن مساعدات غذائية بدأت ترسل إلى سكان المدينة الذين يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة. يأتي ذلك فيما قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن ما لا يقل عن 17 شخصاً قتلوا امس، اغلبهم في حمص وإدلب، متحدثة عن تدهور في خان شيخون ومعرة النعمان في إدلب بسبب مواجهات عنيفة بين الجيش ومنشقين. وحول الهدنة في الزبداني المحاصرة منذ أيام، قال أبو أسعد الخير وهو موظف حكومي متقاعد في الزبداني، التي يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة قرب الحدود اللبنانية «الجميع ينتظر ليرى إن كانت الدبابات ستنسحب لكن يوجد إطلاق نار متقطع من الدبابات على أطراف البلدة وفي مزرعة قريبة». وأضاف إلى رويترز «يبدو أنها نيران للتغطية ليتمكنوا من سحب عربات مدرعة عدة ودبابات أصابها المنشقون أو دمروها». وقال ماهر إسماعيل وهو ناطق باسم «الجيش السوري الحر» انه ما زال يساعد في الدفاع عن البلدة وإنه يعتقد أن النظام وافق على الهدنة «لأنه يعلم انه بسبب الأراضي الجبلية فإن قواته إذا خاضت قتالاً فإنها ستمنى بخسائر فادحة أكثر من المنشقين رغم الفرق في الأسلحة». وأضاف أن حسابات «الجيش السوري الحر» حتى الآن هي أن النظام «سيوقف إطلاق النار لكنه لن يتراجع»، وإنه يتوقع أن النظام ربما يخطط لاستراتيجية جديدة للهجوم. إلى ذلك قال كمال اللبواني، وهو زعيم معارض من الزبداني هرب إلى الأردن في الشهر الماضي، إن الإبقاء على الدبابات على مقربة من المدينة يمثل جزءاً من الضغط من جانب السلطات على السكان ليسلموا أسلحتهم. وقال اللبواني إن النظام «يضغط من خلال وسطاء لكي يسلم المنشقون أسلحتهم»، لكنه لا يعتقد أن هذا سيحدث. وأفاد اللبواني في وقت سابق بأن شخصاً قتل وأصيب 50 في الزبداني أثناء الهجوم. وأضاف أن نحو 30 من الجنود الموالين للنظام قتلوا وكذلك عدد غير معروف من الجنود الذين انشقوا وانضموا للمعارضة. وقال ناشطون من الزبداني إن اتفاق وقف إطلاق النار تم التوصل إليه أول من امس بين زعماء البلدة ونائب وزير الدفاع آصف شوكت زوج شقيقة الرئيس السوري. وبموجب الاتفاق ينسحب المنشقون من الشوارع وتنسحب القوات التي تهيمن عليها الفرقة الرابعة المدرعة التي يقودها ماهر شقيق بشار الأسد. وقال ناشطون إن وحدة من قوات الأمن التابعة للشرطة ستبقى في منطقة المحطة على أطراف الزبداني. وذكر مقاتل في الزبداني اكتفى بقول إن اسمه احمد بينما كان يتحدث قبل سريان وقف إطلاق النار إن المنشقين سيقاتلون ضد الجيش «من شارع إلى شارع» إذا اقتحم البلدة. وتابع «سنقاتلهم حتى الموت وهو أفضل من رؤية ما سيحدث إذا سيطروا على البلدة». ويقول ناشطون في الزبداني -التي ترتبط بطرق تهريب قديمة في الجبال الوعرة التي تفصل بين سورية ولبنان- انه يصعب اقتحامها أكثر من الرستن في ريف حمص التي تحيط بها أراض زراعية مسطحة. وكانت السلطات السورية قد لجأت أيضاً إلى وقف إطلاق نار مع المعارضين في الرستن بسبب صعوبة اقتحامها عندما كانت المواجهات محتدمة مع المنشقين. ولم يرد تعقيب فوري من السلطات السورية ولم تشر وسائل الإعلام الحكومية إلى وقف إطلاق النار في الزبداني أو إلى القتال الذي استمر خمسة أيام سبقت الاتفاق. الى ذلك، نفي «حزب الله» تقارير إخبارية حول قيامه بقصف منطقة الزبداني بصواريخ الكاتيوشا، قائلاً في بيان له أمس إن هذه الاتهامات «لا أساس لها» من الصحة. وأفاد الحزب في بيانه: بأن «بعد إصرار من جهات في المعارضة السورية وبعض وسائل الإعلام العربية ومواقع الإنترنت على توجيه الاتهام لحزب الله حول قصف منطقة الزبداني بصواريخ الكاتيوشا، يؤكد حزب الله أن هذا الاتهام سخيف ومضحك ولا أساس له من الصحة، ويأتي في إطار التحريض المتّبع ضد حزب الله من قبل هذه الجهات منذ أشهر عدة». إلى ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن خمسة أشخاص بينهم سيدة قتلوا وجرح آخرون برصاص القوات السورية بينهم اثنان في حمص وثلاثة في محافظة إدلب التي شهدت مناطق عدة فيها اشتباكات عنيفة بين الجيش ومنشقين. ففي محافظة إدلب ذكر المرصد أن «مواطناً استشهد اثر إطلاق الرصاص عليه من قبل عناصر موالية للنظام على الطريق بين إدلب ومعرة مصرين، كما استشهد مواطن اثر إصابته بالرصاص في راسه من قبل قوات الجيش السوري على طريق سراقب». وأضاف المرصد أن «ثلاثة مواطنين أصيبوا بجروح بينهم طفل اثر إطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الأمن السورية في مدينة خان شيخون» في محافظة إدلب. وفي المحافظة نفسها، «وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش ومنشقين شمال معرة النعمان حيث جرى قصف من رشاشات ثقيلة باتجاه المعرة من جهة مدينة أريحا من قبل الجيش السوري ما أدى إلى سقوط شهيدة وثمانية جرحى». وكان المرصد أفاد صباح امس «بأن قافلة عسكرية تضم عشر آليات عسكرية ثقيلة وشاحنة تنقل جنوداً وصلت إلى مداخل معرة النعمان وتمركزت عند مدخل المدينة من جهة أريحا». كما أشار إلى اشتباكات بين الجيش ومجموعات منشقة في كفرتخاريم «اثر إصابة أربعة متظاهرين برصاص قوات الأمن السورية في البلدة كما جرى إطلاق نار من رشاشات ثقيلة ومتوسطة في قريتي حنتوتين وبنين في جبل الزاوية وذلك اثر انشقاق مجموعة من الجنود مازال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة». وفي محافظة إدلب أيضاً، دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش والأمن النظامي السوري ومجموعات منشقة في مدينة خان شيخون استخدم فيها الجيش النظامي الرشاشات الثقيلة. وأكد المرصد أن «الآليات العسكرية من ناقلات جند ودبابات لا تزال منتشرة في معظم المراكز التي كانت متواجدة فيها منذ ستة أيام في الزبداني (ريف دمشق)». إلا انه أشار إلى أن امس «لم يشهد قصفاً خلافاً لما حدث خلال الأيام الماضية» في هذه المدينة حيث «تكبد الجيش خسائر بالعتاد والأرواح»، على حد قوله. ولم يتمكن المرصد من أن يؤكد ما إذا كان ذلك يعود إلى اتفاق جرى بين الجيش ومنشقين ينص على «انسحاب الدبابات من محيط الزبداني والإفراج عن الأسرى على ألا يقوم المنشقون بضرب الحواجز التي أقامها الجيش في الزبداني». وفي حمص، اكد المرصد «مقتل مواطن برصاص الأمن في حي الوعر وآخر من حي دير بعلبة» مشيراً إلى أن ذوي شاب اعتقلته الأجهزة الأمنية في 5 أيار (مايو) تسلموا جثمان ولدهم بعد أن قضى تحت التعذيب». من جهة أخرى، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) انه تم العثور على جثمان طبيب في حي البياضة في حمص «كانت اختطفته مجموعة إرهابية مسلحة قبل أيام»، مشيرة إلى وجود «آثار للتنكيل والتعذيب وأنه توفي خنقاً على أيدي الإرهابيين الذين اختطفوه». كما أشارت الوكالة إلى مقتل مهندسة في محردة التابعة لريف حماة «متأثرة بجروحها التي أصيبت بها امس جراء تعرضها لطلق ناري في الرأس من قبل مجموعة إرهابية مسلحة امس». كما شهدت درعا وصول تعزيزات أمنية جديدة دخلت المدينة وسط إطلاق نار كثيف مع تمشيط كامل للمنطقة. وقصفت قوات الجيش مدينة القورية ودارت مواجهات بين القوات النظامية والمنشقين عنها. كما شهدت المدينة تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي اخترق جدار الصوت. إلى ذلك واصل المراقبون العرب تحركاتهم في المدن السورية. وبث التلفزيون السوري أمس تقريراً عن تحركات المراقبين ضمن مهمتهم في أنحاء البلاد. والتقى فريق من المراقبين بعدد من رجال الدين الإسلامي والمسيحي في العاصمة السورية منهم مفتي دمشق الشيخ بشير عيد الباري ومساعد بطريرك الروم الأرثوذكس المطران لوقا الخوري. وفي الرقة زار فريق المراقبين المستشفى الوطني وإدارة الأمن الجنائي والسجن المركزي حيث التقى ببعض المعتقلين الذين اطلق سراحهم بموجب مرسوم عفو صدر في الآونة الأخيرة وكذلك رجال دين مسلمين ومسيحيين وبعض أقارب الذين قتلوا في الاضطرابات. أما في اللاذقية فقد تجول الوفد في عدد من المناطق. وزار فريق آخر من المراقبين حلب والتقى برجال الصناعة والسكان وأسراً من قتلى يزعم أنهم لاقوا حتفهم بيد «جماعات إرهابية مسلحة» وفق وصف التلفزيون السوري. وتجمعت حشود من المؤيدين للحكومة خارج مقر المراقبين العرب ليطالبوا بالوحدة الوطنية وعدم التدخل الأجنبي في سورية. وقالت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان إن المراقبين العرب الذين غادروا سورية خلال اليومين الماضيين خضعوا لتفتيش دقيق من قبل المخابرات السورية في مطار دمشق. وأضافت الرابطة أن السلطات السورية صادرت أوراق المراقبين وعمدت إلى محو كل البيانات والصور الموجودة على أجهزة الحواسيب والكاميرات والهواتف الشخصية الخاصة بهم.