تحولت سماء المملكة إلى اللون "البرتقالي" بعد أن اجتاحت عاصفة ترابية معظم مناطقها، منذ مساء أول من أمس، متسببة في استنفار عدد من القطاعات الحكومية، وكاشفة عن تباين وخلل في قرار تعليق الدراسة. ففي الرياض، وبالرغم من استمرار موجة الغبار لليوم الثاني على التوالي، إلا أن الدراسة لم تعلق فيها، الأمر الذي واجهه الطلاب بالغياب دون التفات لقرار استئناف الدراسة يوم أمس، حيث سجلت حالات غياب واسعة. أجواء الغبار الكثيف خيمت على طلاب وطالبات مدارس العاصمة أمس، وساهمت في تمتع بعضهم بإجازة منتصف الفصل الثاني مبكرا، حيث رصدت "الوطن" توافد أعداد قليلة من الطلاب في عدد من المدارس الحكومية والأهلية. وصاحب موجة الغبار برودة لافتة، الأمر الذي أعاد سكان العاصمة إلى ارتداء الملابس الشتوية من جديد بعد أن خلعوها منذ الشهر الماضي حينما اعتدلت الأجواء وارتفعت درجات الحرارة. وخلال رصد "الوطن" لوحظ حضور بعض أولياء أمور الطلاب للاستئذان لأبنائهم والعودة بهم للمنازل حفاظا على صحتهم، ومن المرجح أن يصل الغياب ذروته غدا "الأربعاء" آخر يوم للدراسة قبل تمتع الطلاب والطالبات ومعلموهم بإجازة منتصف الفصل الثاني التي ستستمر طوال الأسبوع المقبل. إلى ذلك، تفاوتت مدارس محافظة المجمعة في استخدام الصلاحيات الممنوحة لها في تعليق الدراسة ليومي أمس وأول من أمس، حيث علقت بعض مدارس البنين والبنات الدراسة، وأخرى أخلت مبانيها من الطلاب والطالبات، وثالثة أوقفت منسوبيها أمام بواباتها لتوجيه أولياء الأمور بعدم ترك أبنائهم في المدارس، فيما استمرت مدارس أخرى بمواصلة الدراسة رغم أجواء الغبار والبرودة الشديدة التي تعرضت لها المحافظة. ومن المفارفات تباين قرار التعليق في مدرستين متلاصقتين، حيث قامت إحداهما بتعليق الدراسة فيما الأخرى كانت تقوم بتكريم طلابها المتفوقين الذين تسلموا جوائزهم من يد مدير التعليم بالمجمعة. وفي اتصال ل "الوطن" مع مدير التربية والتعليم بمحافظة المجمعة عبدالعزيز العبدان حول تباين المدارس في استخدام الصلاحية قال إنها تقديرات تخصع لمدير المدرسة. وفي القصيم أعلنت الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة القصيم، مساء أول من أمس، تعليق الدراسة في جميع مدارس التعليم العام في كل مدن ومحافظات المنطقة، نتيجة للتقارير الصادرة عن مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، وتحذير المديرية العامة للدفاع المدني، من موجة الغبار والبرد التي تمر بها المنطقة. وأوضح الناطق الإعلامي بصحة القصيم محمد الدباسي أن مستشفى الولادة والأطفال ببريدة استقبل خلال اليومين الماضيين أكثر من 1000 مراجع، شكل 48% من مرضى الربو الحساسية، فيما وجهت صحة القصيم ممثلة بإدارة الطوارئ برفع درجة الاستعداد بأقسام الطوارئ بمستشفيات المنطقة. تعطل ملاحة 20 سفينة تسببت الحالة الجوية التي أثارت موجة غبار وأتربة في أجواء المنطقة الغربية من المملكة على مدار اليومين الماضيين في تعطيل الدراسة بمنطقة مكةالمكرمةوالطائفوجدةوالمدينةالمنورة والمحافظات التابعة لها، وأوقفت حركة الملاحة الجوية في بعض مطارات المملكة وميناء جدة الإسلامي. وأوضح مدير ميناء جدة الإسلامي الكابتن ساهر طحلاوي، أن الحركة الملاحية تم إيقافها فجر أول من أمس وفتحها مجدد في الرابعة عصر أمس، مما أدى إلى تعطيل حركة دخول وخروج 15 سفينة قادمة ومغادرة ميناء جدة الإسلامي، وأن التأثير على الحركة الملاحية تسبب خلال يومين في تعطل طال 20 سفينة. وأوضح مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة الدكتور سامي باداود أن أعداد المرضى والمراجعين لأقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية بمحافظة جدة، خلال ال 24 ساعة الماضية ارتفعت لأكثر من 400 حالة، غالبيتهم من الأطفال المصابين بأمراض الربو والحساسية، وتم تنويم عدد من الحالات. من جانبها، علقت إدارة التربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة الدراسة وسط تذمر عدد من المشرفات التربويات من عدم شمولهن بقرار التعليق. وأكد مدير التربية والتعليم بمكةالمكرمة حامد السلمي أن قرار تعليق الدراسة الذي أعلن عنه أول من أمس لا يشمل المشرفات التربويات. وفي المدينةالمنورة تسبب تأخير إعلان إدارة التربية والتعليم تعليقها الدراسة فجر أمس الاثنين في توجه عدد كبير من الطلاب والطالبات وأولياء الأمور وبعض المعلمين والمعلمات للمدارس. وعلى الرغم من تكرار حالة الأجواء التي تشهدها المدينة حاليا، إلا أن تعليق الدراسة يعد المرة الأولى، مما دفع الطلاب والطالبات وأولياء الأمور إلى الإصرار على الذهاب للمدارس للتأكد بأنفسهم، حيث تولى الحراس مسؤولية الإبلاغ. ورفعت شرطة المدينةالمنورة أمس حالة الاستعداد القصوى على الطرق المؤدية من وإلى المنطقة، كما كثفت قيادة قوة أمن الطرق من طواقمها الأمنية على الطرق الخارجية المؤدية من وإلى المدينةالمنورة، فيما فرضت عددا من نقاط التفتيش سعيا إلى ضبط السرعة في الطرقات، وهو ما ساهم في تلاشي الحوادث المرورية. وبين مدير شعبة العلاقات والتوجيه بشرطة المدينةالمنورة العقيد فهد عامر الغنام أن كافة أجهزة الأمن العام في المنطقة باشرت منذ الصباح الباكر خطتها الأمنية والمرورية الاستثنائية المتعلقة بالأحوال الجوية لحين تحسن الأوضاع. وأعلنت إدارة التربية والتعليم في المدينةالمنورة، وعلى لسان مدير عام التربية والتعليم الدكتور سعود الزهراني عند الساعة الثانية من فجر أول أمس عن تلقيها توجيهات من الدفاع المدني بتعليق الدراسة يوم أمس لبلوغ الحالة مرحلة "الإنذار المتقدم". وأعلنت المديرية العامة للشؤون الصحية في المدينةالمنورة حالة الاستنفار في كافة مستشفيات ومراكز المنطقة، حيث رفعت من جاهزيتها بتكثيف الكوادر الطبية والتمريضية لاستقبال أي حالة طارئة أو المصابين بأمراض الربو والصدر. وفي تربة توقفت الحركة المرورية في بعض المواقع على طريق تربة - حضن - الطائف، وطريق الخرمة – تربة الذي يمر عبر منطقة صحراوية مفتوحة وكثبان رملية متحركة، كما زادت أعداد مراجعي طوارئ مستشفى الخرمة ومستشفى تربة العام لتأثر مرضى الربو والحساسية بالغبار، فيما أكدت إدارة الدفاع المدني بالمحافظة أن موجة الغبار تتطلب أخذ الحيطة والحذر والتقيد بتعليمات الدفاع المدني وعدم القيادة في مثل هذه الأجواء. تناقض التعليق كما كشفت رداءة الأجواء في حائل تناقضا بين قرار وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، حيث أعلنت الأولى تعليق الدراسة أمس في مدارس التربية والتعليم، وجاء إعلان وزارة التعليم العالي ممثلة بجامعتها باستمرار الدراسة ليوم أمس. وأثارت رسالة بثتها المواقع الإخبارية بحائل مساء أول من أمس أولياء أمور وطلبة وطالبات، وكان مصدرها جامعة حائل، حيث أفادت أن الدراسة مستمرة ليوم غد ولا صحة لتعليقها. وقد جاءت الرسالة بعد ساعة من إعلان مدير التعليم بحائل عن تعليق الدراسة في جميع مدارس حائل. وناشد أهالي المحافظات والقرى البعيدة مدير جامعة حائل بأخذ تقلبات الأجواء بالحسبان، والتي تؤثر على مرتادي الطرق البرية، وخاصة طلاب وطالبات الجامعة، حيث يخرجون فجرا ويقطعون نحو 300 كلم للوصول إلى الجامعة. توقف الملاحة الجوية وتسببت موجة الغبار الكثيفة التي اجتاحت سماء منطقتي نجرانوعسير، أمس وأول من أمس، في شل حركة الملاحة الجوية في مطار نجران تماما، بينما لم يؤثر الغبار على حركة الطائرات في مطار شرورة. وقال المتحدث الرسمي للهيئة العامة للطيران المدني خالد الخيبري، إن سوء الأحوال الجوية في منطقة نجران ومحافظة بيشة منذ ساعات الصباح الأولى أمس، تسبب في تأجيل الرحلات القادمة والمغادرة من هذين المطارين حتى تحسن مدى الرؤية الأفقية. واستقبلت مستشفيات نجران عددا من حالات مرضى الربو والحساسية وخاصة الأطفال، وأدت الموجة إلى إصابة 1600 حالة في عسير بتبعات مختلفة، وبين الناطق الإعلامي لصحة نجران خالد آل بلابل أن عدد الحالات التي استقبلتها مستشفيات المنطقة ومحافظاتها بلغ أكثر من 600 حالة من المرضى الذين يعانون من مرض الربو والحساسية، كما علقت إدارات التربية والتعليم الدراسة في كافة مدارسها في نجرانوعسير. من جانبه أكد مدير مرور منطقة عسير العميد سعيد مزهر أن إدارته عملت على تكثيف الدوريات المرورية على مختلف التقاطعات والميادين بهدف تنظيم حركة السير. وفي منطقة الباحة تواصلت موجة الغبار مما أدى إلى تعليق الدراسة، حيث أصدر مدير التربية والتعليم بالباحة سعيد مخايش توجيهاته بتعليق الدراسة أمس. وأكد الناطق الإعلامي لصحة الباحة ماجد الشطي أن أقسام الطوارئ بجميع مستشفيات المنطقة استقبلت 316 حالة أمس بسبب موجة الغبار التي اجتاحت المنطقة. بدورها، علقت جامعة الملك خالد أمس الدراسة في كليات البنين والبنات أسوة بمدارس التعليم العام بسبب الغبار، وبينّ الناطق الإعلامي للجامعة عوض القرني أن قرار تعليق الدراسة جاء نتيجة للتقارير الصادرة عن مصلحة الأرصاد وحماية البيئة وتحذير المديرية العامة للدفاع المدني بسبب موجة الغبار والتقلبات الجوية التي تمر بمعظم مناطق المملكة. "الإعلام الجديد" يواكب الحدث واكبت وسائل الإعلام الجديد موجة الغبار التي شهدتها المملكة، واستعان عدد من الأهالي بالخدمات التي توفرها تلك الوسائل، حيث تناقلوا عبر "الواتس أب"، ومواقع "الفيس بوك"، و"تويتر" إعلان قرار تعليق الدراسة بمنطقة القصيم بين طلاب وطالبات التعليم العام وحتى الجامعي، قبل أن تتلقف ذلك الخبر المواقع والصحف الإلكترونية ومحطات التلفزة. ولعبت التقنية الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي ليلة أول من أمس دوراً جوهرياً وحاسماً في نشر خبر تعليق الدراسة ليوم أمس في كافة مدارس مدن ومحافظات ومراكز منطقة القصيم، بعد أن انتظر المتابعون بيان التعليق حتى الساعة 11 ليلاً، والذي اعتمده المدير العام للتربية والتعليم بالمنطقة الدكتور عبد الله الركيان. ولجأت بعض المدارس في المجمعة إلى استخدام رسائل نصية غير رسمية قامت بإرسالها باجتهادات شخصية على الهواتف النقالة الخاصة بأولياء الأمور، تنصح بعدم إحضار أبنائهم، أو اصطحابهم إلى المنازل.