يعاود معرض القاهرة الدولي للكتاب اليوم فتح أبوابه لاستقبال جمهوره بعد إغلاق دام لمدة يومين بسبب احتفالات الذكرى الأولى لثورة ال25 من يناير. وشهد النشاط الثقافي للمعرض في الأيام الماضية مناقشات ساخنة حول جذور محاولات الإصلاح العربي منذ عهد رفاعة الطهطاوي في مصر، وخير الدين باشا في تونس، وصولا إلى الربيع العربي. وقدم المؤرخ التونسي المتخصص في الإمبريالية وحركات التحرير الوطني الدكتور علي المحجوبي، محاضرة بعنوان: (من الطهطاوي وخير الدين إلى الربيع العربي). بدأ المحجوبي محاضرته بمقولة الفيلسوف فيالتوسي "دراسة الماضي تمكننا من بلورة الحاضر لاستشراف المستقبل"، مؤكدًا أن الثورة في كل من تونس ومصر لم تأتِ من قبيل المصادفة، بل إن هناك تاريخًا قديما يعود إلى القرن التاسع عشر، فيه قواسم مشتركة بين مصر وتونس، وبين رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي، تظهر من خلال نظرة في الظروف المشتركة بينهما، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية. كما أكد أن انبهار كل من الطهطاوي وخير الدين بالنهضة الحديثة، وتأثرهما بفلاسفة التنوير، وإعجابهما بالنظام السياسي الغربي، لم يمنعهما من رفض الاستعمار من منطلقات وطنية، فهما يريدان بالانفتاح على الغرب معرفته، واستمداد قوته، لا الخضوع له. وأضاف المحجوبي أن الانفتاح قد تحقق في محور التعليم في عهد محمد على والباي أحمد، فبعد أن كان قائمًا على جامعي الأزهر والزيتونة، وينحصر في التعليم الديني وتجاهل كل العلوم الأخرى إنسانية كانت أو اجتماعية، تأسست مدارس حديثة في كل من تونس ومصر، تدرس العلوم الحديثة والتقنيات العسكرية بواسطة أساتذة من إيطاليا وفرنسا، غير أن ذلك لم يكن كافيًا، لأن كلا من المفكرين كان يعتقد أن النموذج الغربي يستوجب تطبيقه في كل الجوانب. وأضاف أن كلا من المفكرين (الطهطاوي وخير الدين) عاشا بفرنسا، وتأثرا بها كنمط حياة ومؤسسات ومبادئ ثورة ومعاجم فلاسفة، فعاد رفاعة الطهطاوي إلى مصر وسجل انطباعاته في كتاب سماه "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، هدفه أن تستيقظ الأمم من غفلتها. كما ساهم خيرالدين في وضع أول دستور عربي وضع في تونس، وكتب كتابا سماه "المسالك في معرفة أحوال الممالك"، طرح فيه السؤال: لماذا تقدم الغرب؟!، وأخيرا قال إن أفكارا مثل الحرية، المساواة، العدالة، الكرامة، دولة المؤسسات والقانون، وملاءمة الإسلام لقضايا العصر، كانت مبادئ الحركة الإصلاحية في كل من مصر وتونس، فلم تنقطع حركة الإصلاح في كل من البلدين ثورة ضد الاستبداد والاستعمار، وكان الانفجار الحالي نتيجة لأوضاع اقتصادية متردية، خصوصا في منطقتي بوزيد والقصرين، بوعزيزي كان الشرارة، ثم كانت انتفاضة.. كانوا ثائرين (لأنفسهم) فأصبحوا ثوارا (للوطن)، ظلت تتسع الدائرة حتى التحقت بالثورة فئات عدة، القصرين كانت في حدة حتى التحقت بالثورة فئات منها منظمة الشغل، فالأحزاب، ثم المجتمع، فأصبحت ثورة الربط بين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب الفساد والاستبداد، وبعدها قالت تونس لمصر "نعم تستطيعين"، وسيظل البلدان شركاء بنفس الظروف حتى تتحقق الديموقراطية. كما نظم المركز الثقافي الإيطالي، ندوة دارت حول جائزتين الأولى "ستريجا" وهي واحدة من أهم الجوائز الأدبية في إيطاليا تأسست عام 1947، وكان أول من فاز بها هو الأديب الإيطالي فلايانو، ووصل عدد الأعمال الفائزة بها حتى الآن 65 عملا أدبيا لكبار الأدباء الإيطاليين، تتميز الجائزة بأن اختيار الأعمال الفائزة يكون عن طريق التصويت من خلال عدة لجان للقراء، وقد تمت ترجمة عملين من الأعمال الأدبية الفائزة إلى اللغة العربية، الأول مجموعة تضم 60 قصة لدينوبوتزاتي، والعمل الثاني "الوردة" لأمبرتو أيكو. أما الجائرة الثانية التي تحدثت عنها الندوة فهي "فلايانو"، وتمنح لأفضل الأعمال الأدبية أو الأفلام السينمائية أو أبحاث اللغة الإيطالية، وتأسست في عام 1974، ويربط بين الجائزتين أن الفائز الأول بجائزة ستريجا هو الأديب فلايانو، الذي سميت باسمه الجائزة الثانية. من ناحية أخرى، يستقبل المعرض رواده اليوم ببرنامج ثقافي حافل ومتنوع حيث يستضيف المقهى الثقافي "الحكي الشعبي" ويشارك فيه أمين الديب ورضا شيحة وسحر الموجي ومحمد الشحات ومحمد حسين هلال وفرحان صالح ودرويش الأسيوطي، إضافة إلى جلسة شهادات من ميادين التحرير وتتحدث فيها شيماء صلاح وضحى عاصي ومصطفى جاد، وفي الاحتفاليات الفنية يلتقي جمهور المعرض مع الثورة والدراما التلفزيونية ويتحدث فيها الفنان صلاح السعدني والمخرج إسماعيل عبدالحافظ، والمخرج والكاتب عصام الشماع، والكاتب يسري الجندي والناقدة ماجدة موريس. أما نشاط المائدة المستديرة فيناقش السرد العربي بين الإبداع والتلقي بمشاركة أحمد الخميسي وأسماء شهاب وحسين حمودة وحمدي البطران ورضوى عاشور وسلوى بكر.