"حجرتان وصالة" الكتاب الصادر عن دار الشروق في القاهرة عام 2009، وصدرت طبعته الثالثة عام 2010، بغلاف للفنان محيي الدين اللباد، الذي اختار صفحة الوفيات في صحيفة مصرية كخلفية لمفردات من المتتالية، كانت آخر إبداعات إبراهيم اصلان، متوالية سردية ضمت ثمانيا وعشرين حكاية منزلية عن زوجين متقاعدين. أودع فيهما أصلان عصارة خبراته الكتابية، التي تلتقط التفاصيل الصغيرة، لتخلق منها سردا مميزا لا تكاد تبدأ قراءته حتى تكتشف في الكاتب والكتابة والحياة اليومية درجات من الدهشة ربما لم تلتفت إليها أبدا". لكن المفاجأة التي ستسعد القارئ كثيراً تأتي من موجات المرح الذي يجري وئيداً، فيلدغ بضحكة وابتسامة، وبلغة الشعب البسيطة التي لا تضع فاصلاً بين العامية والفصحى حتى في السرد، ناهيك عن الحوار، فكم من مشهد يتراكب فيه الحزن والفرح، حين تمتزج الدمعة بالابتسامة، بل والضحكة، على عادة الشعب المصري الذي يضحك من نفسه، حتى في أشد حالات الحياة تراجيدية. عبر بطلي العمل، العجوز وزوجته، يمكن الزعم بأن أصلان الذي حاز جائزة الدولة التقديرية في مصر عام 2003،قدم شكلا سرديا من أفضل ما أنتجه مجموع ممثلي الكوميديا في التاريخ السينمائي المصري، ونشك أن أحداً من أحيائهم يستطيع تجسيد ما كتبه أصلان على الورق من كوميديا الموقف بسهلها الممتنع. وهذا يقودنا إلى توقع أن تتحول "حجرتان وصالة" إلى فيلم سينمائي، إذا لم يتهيب المخرجون ذلك التحدي. ففي "الرجل الذي كسر الطبق"، نقرأ كيف حاول العجوز مداراة جريمته حين كسر الطبق في المطبخ، في حوارية مبثوثة بين مفردات سرد موجز "يعني يكون عفريت خده يا ربي؟. وأطل عليها من باب الحجرة وقال باستنكار: يعني هو العفريت مالقاش غير الطبق ده بالذات اللي ياخده". وفي "كان يعتقد"، نقرأ "ولما وقفت أمام مدخل الحجرة الجانبية وسألته إن كان يريد أن تضع له الطعام الآن أو ينتظر حتى تنتهي من ترتيب الغسيل؟ فكر قليلاً وقال: عموماً، أنا مش جعان قوي، وإن كنت أعتقد.. وهي قاطعته: هو انت ليه حتعتقد؟. إزاي يعني؟ يعني ما زهقتش من الكلمة دي؟... هو أنا بقولها كتير والا إيه؟.. كتير. إنت كل كلامك أعتقد.. كل حاجة لازم تعتقد. قدام التلفزيون أعتقد. فلوس الإيجار أعتقد. العيش أعتقد. فاتورة الكهرباء أعتقد.. التلفون أعتقد. نور السلم أعتقد. الزبال أعتقد. البواب أعتقد. يعني ما فيش حاجة تحصل إلا وأنت أعتقد".