يسود الاعتقاد اليوم في العالم بأنه مقدم على استقبال ثروة هائلة ، ستدر أضعاف ما تدره الثروات المعدنية ، فقد أصبح الاعتماد الكلي على المخزون النفطي، كوسيلة دخل أساسي ، استثمار العقل البشري هو محل تنافس العالم أجمع ، فلقد أصبحت الدول الكبرى تنفق الأموال الطائلة لكسب عقول الناس ، لماذا كل هذا الحرص على قطعة وزنها جرامات من الجسم ؟ هذا السؤال يجعلنا نعود مئات السنين للوراء ، فالبعض سمع بالعصور الوسطى المظلمة التي عاشتها أوروبا ونخر الطاعون لجسدها المتهالك ، في المقابل كان هناك أمة تعيش في عصر أضاءت العلم ، وفتحت له أبواب الحضارة ، والرقي المعرفي ، والاجتماعي ، ما يعيشه الغرب في وقتنا الحاضر ليس سوى نتاج أفكار علماء المسلمين ، ومؤلفاتهم التي ألفوها في شتى العلوم التي سبقناهم بها ، وإن أنكروا ذلك، فقد برع علماء المسلمين ، وألفوا الكتب في الفلك والأحياء والجبر والكيمياء ، فعلماء الغرب عالة على هذه المؤلفات، لقد عاش العالم الإسلامي حضارة لم يشهد لها مثيل، وحكمنا العالم بفضل هذا الدين ، وهذا المنهج الرباني الصحيح ، فلقد أثبتنا لهم في تلك العصور ، وبكل فخر وعزة " نحن هنا أيها العالم " نعم نحن هنا بما وصلنا إليه من علم ، ومعرفة ، وسبقنا به غيرنا واليوم نبكي على أطلال أمجاد مضت قامت على رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، رجال لا تلهيهم تجارة ولا لهو عن ذكر الله ، لقد ملك الغرب عقول أصحاب من يبحثون عن قذارة الدنيا عند مالكيها ، وصانعيها وتركوا من هم أحق من أن يسخروا ما برعوا فيه لمن اكتنفهم في أحضانه، سرقت العقول وما أقبحها من سرقة، وما أذل سارقها عندما يتكئ على ملك غيره ليصنع مجدا ظن الغير به حسن البناء ، وما علموا أننا نهدم بعضنا البعض، ولكن يظل في الأفق بصيص أمل.