أمام متحف آيا صوفيا، وعلى امتداد أهم شوارع إسطنبول "بايزيت"، كان يقف مازن الحسيني الذي يعمل في أحد القطاعات الخاصة ببغداد بمعية أهله ينتظرون دورهم للدخول إلى هذا المعلم التاريخي، يقول إنه قرر قضاء إجازته في تركيا خلال أجواء الشتاء الباردة التي لها جمالية مختلفة عن بقية فصول السنة"، وتعتبر هذه الزيارة لمازن وعائلته في هذا التوقيت الرابعة على التوالي. لا يغيب عن حديث مازن الشتوي كلام السياسة إذ يقول ل"الوطن": "سحرتنا تركيا رجب طيب إردوغان بطبيعتها الجغرافية وأجوائها الشتوية، وبمواقفها السياسية المؤيدة للقضايا العربية"، مستكملاً حديثه بالقول: "هناك نكهة خاصة في قضاء إجازتي في هذه الأجواء الباردة". ورغم أن الأتراك يعانون كثيراً من دخول فصل الشتاء المصاحب بتساقط الثلوج من حيث التهيؤ له عبر الاحتياطات المالية التي يتكبدها المواطن التركي لحماية نفسه وأسرته من الأجواء الباردة التي تصل فيها درجات الحرارة إلى 5 درجات مئوية فوق الصفر، وتستمر تلك الأجواء حتى أبريل المقبل. إلا أن ذلك كان له وقع مختلف على السعوديين خاصة والعرب عموماً. ويفسر نديم الملاح وهو سوري يدير أحد المكاتب السياحية العربية في منطقة تقسيم الشهيرة بوسط إسطنبول ذلك الإقبال بقوله: "من خلال طلبات السياح السعوديين والعرب نلحظ تركز الطلبات على المناطق التي تكثر فيها الثلوج، والتي عادة ما تصاحب الفترة الحالية، وحتى أبريل المقبل". ويضيف أن الأجواء الباردة المصاحبة لتساقط الثلوج في بعض المدن التركية لا تفقد هذه المدن كاريزما السياحة، حيث يقبل العرب على السياحة في تركيا خلال هذه الفترة بزيادة تفوق ال 25 %، وهي نسبة ليست بالهينة وتأتي في غير فصل أو الإجازات المدرسية. منتديات المواقع الإلكترونية العربية التي تهتم بالقطاع السياحي أضحت هي الأخرى محل تسويق غير رسمي "للأتراك"، من خلال كميات الصور الهائلة التي تعرضها عن المدن التركية الشهيرة بالمواقع السياحية، والمكتسية بثوب الثلوج البيضاء، والتي خصصت جزءا كبيرا من مساحة منتدياتها لإعطاء تفاصيل دقيقة عن السياحة التركية في أشهر الثلوج خاصة في "إسطنبول" و"بورسا" و"طربزون". جنسيات عربية مختلفة.. سعوديون، وخليجيون، وجزائريون، ويمنيون، وعراقيون، وليبيون، وجدوا لهم مكاناً فسيحاً لقضاء تفاصيل سياحتهم في عالم الشتاء التركي، وقضاء الأعياد بين ثنايا التاريخ. وفي منطقة "تشاملجا" أو تل العرائس التي يطلق عليها الأتراك لقب "عروس إسطنبول" المطلة على بحري مررة والبسفور في القسم الآسيوي منها، روى السائح السعودي محمد العوضي حكاية بدت مختلفة عن شقيقه العراقي، ولكنها تقاطعت في بعض التفاصيل، قائلاً: "تركيا تحمل في داخلها مخزوناً لا ينضب من الأماكن السياحية التي تناسب العائلة العربية عموماً". ويشير العوضي - الذي يعمل موظفاً في إحدى الجامعات السعودية- بالقول: "تتزين هذه المدينة جمالاً وروعة في الشتاء، حيث يجد العرب فيها مكاناً مميزاً في أجواء البرد الساحرة". بساحة جامع أيوب سلطان كان الحضور العربي مميزاً أيضاً، ربما لعلاقة خاصة ربطتهم بها كما يقول الباحث اليمني عبدالرحمن بن صالح القادم من حضرموت، ويقول في حديثه إلى "الوطن": "لهذا المكان علاقة خاصة تربط العرب به، ففيه جامع الصحابي الجليل خالد بن زيد المكنى بأبي أيوب الأنصاري". مدينة "بورصة" أو كما يحب أن ينطقها الأتراك بحسب لهجتهم "بورسا" أول عاصمة للإمبراطورية العثمانية، وهي رابع أكبر مدن تركيا، وهي مركز محافظة بورصة، وتقع في غرب البلاد بين مدينتي إسطنبول وأنقرة، حيث كان لا يزال للعرب فيها تواجد كبير أيضاً. في هذه المدينة وعلى ارتفاع أكثر من 2000 قدم فوق مستوى سطح البحر، وتحديداً في جبال الألدوداغ كان الليبيون ينفضون غبار أربعة عقود من حكم العقيد معمر القذافي، قال ذلك الليبي بوحمدان القريتلي الذي يقضي هو وعائلته أول إجازة بلا "معمر القذافي"، ويضيف: "الجبال هنا مكسوة في أعاليها بالثلوج والأجواء باردة هنا جداً، حيث نتمتع وعائلتنا بركوب التلفريك وتأمل الثلوج، خاصة أن هذه الجبال تحظى بشهرة واسعة على مستوى العالم".