تظاهر حوالى 400 شخص من حركة "الغاضبين" المناهضة للرأسمالية في وقت متأخر مساء أول من أمس في لا ديفانس، حي الأعمال الشهير قرب باريس، بينما راح بعضهم يستعد لتمضية ليلة جديدة في مخيم أقاموه في المكان. على الجانب الآخر من الأطلسي دعت السلطات الأميركية ناشطي حركة المناهضة للرأسمالية "احتلوا وول ستريت" - والتي رأت النور في نيويورك منتصف سبتمبر - إلى تفكيك مخيماتهم في ولايات عديدة . وقبل منتصف الليل في باريس كان ما بين 100 و200 متظاهر يعدون العدة للمبيت في الساحة الكبيرة عند أقدام الغراند آرش أو القوس الكبير، المعلم الشهير في حي الأعمال هذا؛ حيث أقام مناهضو الرأسمالية مخيماً من الورق المقوى وأكياس النوم لا يبارحونه منذ أسبوع. وجرت التظاهرة بهدوء في ظل انتشار عناصر الشرطة الذين ظلوا بعيدين عن الأعين، في حين لم يعلن أي مصدر رسمي عن عدد المشاركين في التظاهرة. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "كن التغيير الذي تريده في العالم" و"أنا قادر إذن أنا أزعج" و"نجاح اجتماعي = فشل أخلاقي". وفي إحدى زوايا المخيم انبرت مجموعة من الناشطين تعمل في ما أطلق عليه اسم "المطبخ" حيث يتم إعداد الطعام والقهوة لزوار المخيم. وقال كريستوف (25 عاما) الخبير في التسويق عبر الإنترنت لوكالة فرانس برس إن "الهدف هو إقامة مخيم لائق، مزود بخيم، لأن الطقس بارد، ولكن هذا صعب". وتردف ناشطة خمسينية بتأفف "الشرطة تنزع كل ما يساعد على جعل حياتنا هنا أسهل". ويوضح ناشط آخر يدعى غاري (25 عاما) والذي تابع هذه الحركة الاحتجاجية منذ بدايتها أن سلوك عناصر الشرطة مع المتظاهرين يتبدل تبعاً للأوامر التي يتلقونها، فحينا يكونون متساهلين ويتحاورون مع المتظاهرين وحتى أنهم يقبلون منهم القهوة، وحينا آخر يعتمدون معهم القسوة. و"الغاضبون" حركة عالمية لا زعيم لها انطلقت في الخريف في نيويورك للتنديد ب"جشع" وول ستريت، وهي تحتل منذ 17 سبتمبر ساحة في حي المال الأهم في الولاياتالمتحدة، وسرعان ما كسبت التأييد وامتدت إلى العديد من المدن الأميركية وحتى إلى خارج الولاياتالمتحدة. من جهة أخرى طلبت السلطات الأميركية من ناشطي الحركة تفكيك مخيماتهم بعدما شهد هذا الأسبوع مقتل أربعة أشخاص على الأقل في هذه المخيمات. وأكد الموقع الإلكتروني للناشطين مقتل الرجل بالرصاص، ولكن من دون توضيح ملابسات الحادث. ولكن صحيفة لوس انجليس تايمز نقلت عن الشرطة أن القتيل ليس من أعضاء المخيم. وإثر هذه التطورات دعا رئيس بلدية اوكلاند جان كوان المتظاهرين إلى أن يبادروا "طواعية إلى إخلاء المخيم"، في دعوة كررتها الشرطة. وقالت نقابة الشرطة في بيان موجه لمناهضي وول ستريت "لقد أرسلتم إلى العالم رسالة قوية الآن حان الوقت للعودة إلى دياركم". وأضافت "إذا غادرتم بهدوء، بملء إرادتكم، تبرهنون عن احترام لمدينتكم وسكانها". وشهدت اوكلاند التي تقع في الجهة المقابلة من الخليج الذي تطل عليه سان فرانسيسكو، في الأسابيع الأخيرة صدامات بين الناشطين والشرطة. وأغلق موقتاً مرفأ المدينة الذي يعد من أهم موانىء الولاياتالمتحدة. وفي اوريغون (شمال غرب) حيث لم تسجل أي وفاة، حذر رئيس بلدية مدينة بورتلاند المتظاهرين من أن الشرطة ستقتحم المخيم ما لم يتم إخلاؤه . وقال في بيان أن "شرطة بورتلاند تستعد لإخلاء المكان وتشاطرني هدفي القيام بعملية إغلاق منظمة وبلا مواجهات". وأضاف "أقول بشكل واضح إنه ليس تحركاً ضد حركة احتلوا بورتلاند وآمل أن تتقدم الحركة باتجاه مرحلة ثانية، مرحلة تتركز فيها طاقتنا على العدالة الاقتصادية والاجتماعية وليس على مخيمات عشوائية".