في موسم الانتخابات المصرية، ينتعش كثير من الحرف التي يعاني أصحابها من الركود لفترات طويلة؛ مثل الخطاطين الذين يكتبون اللوحات المصنوعة من القماش، والمطابع التي تطبع ملصقات الدعاية الخاصة بالمرشحين. ومما ساعد على ذلك ارتفاع حدة المنافسة بين المرشحين، الذين بلغ عددهم 6591 مرشحاً على المقاعد الفردية، و590 مرشحاً على مقاعد القوائم الحزبية بالنسبة لمجلس الشعب، إضافة إلى 2036 مرشحاً على مقاعد الفردي، و272 قائمة يتنافس أصحابها على مقاعد مجلس الشورى. وبلغة الأرقام فإن موسم الانتخابات المقبلة سيحمل معه الخير الكثير بالنسبة لهؤلاء الحرفيين الذين عانوا من ضيق ذات اليد في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير، لكن الموسم سيشهد أيضاً منافسة حامية بينهم وبين الإعلانات التي سيتم عرضها على القنوات الفضائية، سواء المملوكة لرجال أعمال مثل قنوات "دريم" و"الحياة" و"أون تي في"، أو تلك المملوكة لأحزاب وجماعات سياسية مثل "المصري" الذراع الإعلامي لحزب الوفد، و"مصر 25 " الذراع الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين، أو حتى بالنسبة للقنوات التليفزيونية الرسمية، التي ظلت لسنوات طويلة حكراً على أنصار الحزب الوطني. ويتوقع أن يستغل المرشحون، على اختلاف توجهاتهم السياسية، التليفزيون الرسمي للترويج لأفكارهم مستغلين في ذلك المناخ العام الذي يسود مصر في مرحلة ما بعد الثورة. حيث ستتنافس الجهات الإعلانية على حصد ملايين الجنيهات التي أعلنت بعض الأحزاب الكبيرة عن إنفاقها مؤخراً. والأمر نفسه بالنسبة لحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، حيث تشير التوقعات إلى أنه سينفق حوالي 100 مليون جنيه على الحملات الانتخابية لمرشحيه، ويعتمد الحزب في ذلك على رسم العضوية التي يدفعها أعضاء الحزب و تبلغ 200 جنيه، إضافة إلى الاشتراك السنوي الذي يبلغ 150 جنيهاً، وهو ما يعني أن "الحزب، الذي يضم نحو مليون عضو، بدأ تأسيسه بما قيمته 350 مليون جنيه" حسب قول المستشار أحمد أبو بركة المستشار القانوني للحزب. يقول أحمد سعيد، صاحب محل فراشة بالقليوبية، إن "فترة الانتخابات تمثل سوقاً هائلة لبضاعته، حيث يقبل المرشحون على إقامة مؤتمرات وندوات في الكثير من الأحياء الشعبية والراقية، وتبلغ قيمة ما ينفق على السرادق في الأحياء الشعبية حوالي 10 آلاف جنيه يتم إنفاقها على الكراسي، حيث يتم تأجير 12 كرسياً خشبياً بما قيمته 20 جنيها، والمقاعد المصنوعة من الحديد ب 30 جنيهاً، في حين تتنوع باقي تكلفة السرادق ما بين إقامة الأعمدة الخشبية والأنوار والقماش، إضافة إلى المشروبات التي يتم توزيعها على الحاضرين، والتي تتنوع ما بين الشاي والقهوة والمياه الغازية، أما في الأحياء الراقية فيمكن أن يصل المبلغ إلى 50 ألف جنيه، حيث يتم الاستعانة ب"فراشة" مميزة إضافة إلى تقديم المياه المعدنية للحاضرين". وبالنسبة للقنوات الفضائية، فيختلف السعر من قناة إلى أخرى، ففي قنوات مثل "الناس" و"الحكمة" و"الرحمة" يتم تأجير الساعة بحوالي 10 آلاف جنيه، فيما ترتفع القيمة إلى 10 آلاف جنيه في قنوات مثل "المحور" و"دريم" و"الحياة" مقابل الظهور لمدة لا تتعدى 15 دقيقة. ويقول خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعضو المنتدب بإحدى الشركات المصرية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إبراهيم سرحان إن "المرشحين أدركوا خلال السنوات الأخيرة مدى أهمية استخدام الرسائل القصيرة بالنظر إلى طبيعة المجتمعات التي يعيشون فيها، حيث تتراوح قيمة الرسائل النصية التي يتبادلها المصريون في عيدي الفطر والأضحى بما بين ملياري إلى 2.5 مليار جنيه، وهو ما سبق استخدامه في الانتخابات السابقة". ويعتبر الخطاطون المستفيد الأكبر في الانتخابات، حيث يقبل المرشحون على اللوحات القماشية المخطوطة بنسبة تزيد على 90%، وتكون أسعار كتابة اللافتات بالمتر، ويتراوح السعر ما بين 25 و50 جنيهاً، حسب عدد الكلمات والرسومات التي تكتب على اللافتة" حسب ما يقوله الحاج أحمد محمود الخطاط. ويفضل الغالبية العظمى من المرشحين اللون الأحمر وخط الرقعة في الكتابة، فيما يفضل مرشحو حزب الوفد اللون الأخضر رمز حزبهم، وهو اللون نفسه الذي يفضله مرشحو جماعة الإخوان المسلمون أيضاً.