الحنادي، حسب لهجة أهل جنوب السعودية هي القصص والملاحم الشعبية، التي تروى على لسان الأجداد والجدات، بأسلوب سردي ممتع متماسك غني، لا يكاد يمل القارئ من استعادة مفرداتها، والتمعن بين دقة حروفها، والتفاعل مع ما تحتويه من معاني حب الثرى، والوطن، والحنين إلى الماضي وعبقه. الدكتور شاهر النهاري، استثمر هذا الموروث، ليصدر عن نادي أبها الأدبي (حنادي ونقوش من عبق أبها القديمة)، ناثرا في (240) صفحة، من القطع المتوسط، عددا من الخواطر، والقصص القصيرة، على شكل (حنادي)، مصحوبة برسومات الفنان التشكيلي سعيد عليان. يستعرض النهاري في كتابه الذي أهداه (إلى محبي أبها القديمة) تراث مدينة أبها القديمة، وما يجاورها من القرى، بداية برصد عدد ضخم من المفردات العسيرية القديمة، والأمثال الأبهاوية، ومعانيها، وصور من الإرث الإنساني الاجتماعي، ساردا الكثير مما كان يدور في الماضي من تراث إنساني حميم، وطقوس شعبية، ومواسم، ومراسم، وأسواق، ومناخ، وعادات، وتقاليد، وصور اجتماعية، قد لا تكون في الغالب موجودة في عصرنا بشكلها القديم. إضافة إلى ذلك لا يخلو الكتاب من الالتفات إلى التراث المكاني العمراني، حيث يصور الشوارع والحارات والقرى القديمة، ويجعل القارئ يتجول بينها، ببيوتها الحجرية والطينية، وبسددها، وبسطاتها، وجبالها، وأوديتها، وغدرانها، ومزارعها. كما يضم الكتاب الكثير من الصور التاريخية التي تبرز المعالم، والمواقع الأثرية، والمهن، والأزياء، والثروة الحيوانية، وصور الحياة القديمة كافة، مستحضرا قوالب الماضي بجلاء، يضعها بين أيدي الجيل الجديد، بصدق وأمانة في النقل، وأسلوب يتميز إلى جانب السلاسة، بخفة الدم. فيما أضفت الرسوم المغرقة في المحلية والواقعية عنصرا آخر من عناصر الجذب للنقوش، والحنادي الجميلة.