لم يختلف الباحثون مثلما اختلفوا حول تحديد موقع "سوق عكاظ"، حيث تباينت آراؤهم حول مكانه ووصلت إلى أربعة آراء، تتجدد كل عام، قبيل المهرجان الذي ينطلق اليوم. ويؤكد الباحث في التاريخ والآثار، عضو الجمعية التاريخية والجمعية السعودية للدراسات الأثرية الدكتور فرج يوسف ل"الوطن" أن هناك أربعة آراء؛ الأول يقول إن السوق يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الطائف، على بعد يتراوح بين 35 كيلو مترا، أو 40 كيلومترا تقريبًا من ملتقى وادي شرب ووادي الأخيضر "وادي المبعوث" وجبيل "الخلص"، ومن أصحاب هذا الرأي عبد الوهاب عزام، ومحمد بن بليهد، وحمد الجاسر، وعبد الله بن خميس، ورأي ثان يرى أن السوق يقع ناحية "السيل الصغير"، ومن أصحاب هذا الرأي ناصر بن سعد الرشيد، حيث يري أن السوق يقع شمال الحوية وجنوب غربي السيل الصغير، بينما الرأي الثالث يرى أن السوق يقع في السيل الكبير"ميقات قرن المنازل"، ومن أصحاب هذا الرأي خير الدين الزركلي، وسعيد الأفغاني، وذهب الرأي الرابع إلى أن السوق يقع غرب السيل الكبير، وهو رأي عبدالله الشايع، ويرى الرأي الخامس أن السوق يقع فيما بين مشرفة والسيل الصغير، وهو رأي محمد سلطان العتيبي. وبين يوسف أن الموقع الأثري يعتقد أنه موقع سوق عكاظ من بقايا قصر وأسوار مرتبطة به من الجهات الشمالية والجنوبية والغربية، ويقع القصر في شمال غرب موقع السوق، ويصف خليل المعيقل ما تبقى من القصر بقوله "القصر متداع وشبه مهدم، حيث تغطي أكوام الحجارة أجزاءً كبيرة من المبنى، إلا أن بعض الجدران الخارجية لا تزال قائمة بارتفاع يصل إلى 3 أمتار، إضافة إلى ذلك فإن أحد عقود القاعة الكبرى في الجناح الرئيس للقصر لا يزال قائمًا، وأرضيات القصر تغطيها أكوام من الرديم المكون من الحجارة والتربة، وبقايا اللياسة الجصية الساقطة التي كانت تغطى جدران المبنى من الداخل، حيث يتضح من ارتفاع المداخل الحالية أن أرضية القصر تغطيها طبقة من الرديم ربما يصل سمكها إلى أكثر من متر واحد، ويوجد بجوار بقايا القصر مجموعة من التلال الأثرية تنتشر على سطحها كسر من الفخار والخزف والزجاج، إلى جانب ذلك توجد بعض الآبار القديمة منها بئر دائرية مطوية بأحجار سوداء، ولو أجريت في هذه التلال تنقيبات أثرية ربما ساعدت في حسم الخلاف على موقع السوق مع الأخذ في الحسبان الرأي القائل إن سوق عكاظ كان يعقد في خيام، والرأي القائل إن سوق عكاظ تحول من سوق سنوي إلى سوق دائم مستقر شيدت به مبان، وأن هذه المباني ترجع إلى العصر الإسلامي. وأشار يوسف إلى أن سوق عكاظ يبدأ في أول ذي القعدة، وينصرف الناس إلى سوق مجنة في العشرين من ذي القعدة، وكانت المفاخرة والمباهاة والمدح والهجاء والشعر والخطابة إلى جانب التجارة من أهم فعاليات السوق، ومن الشعراء والخطباء الذين كانوا يفدون إلى السوق النابغة الذبياني، وقس بن ساعدة الإيادي، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بسوق عكاظ قبائل العرب للدخول في الإسلام فقال: "أيها الناس قولوا لا اله إلا الله تفلحوا وتنجحوا". استمر سوق عكاظ بعد ظهورالإسلام، وتوقف تمامًا بعد أن نهبه الخوارج الحرورية بقيادة المختار بن عوف الذي سيطر على مكة سنة 129/747.