توقعت مجموعة الأزمات الدولية انهيارا مفاجئا للأمن والجيش في سورية، مشيرة في دراسة بعنوان "كيفية تقصير أمد معاناة الشعب السوري"، إلى أن رهان النظام السوري على الولاء المطلق من قبل القوات المسلحة لقرار مواصلة القمع العنيف للمتظاهرين وللسلطة قد يكون رهانا خاسرا بسبب طبيعة تكوين تلك القوات وطبيعة النظام نفسه. وذكرت المجموعة في بحثها أن "الولاءات السورية تأسست على أساس مزيج من الخوف والوصولية في أغلب الأحوال. إلا أن هذا النوع من الولاء في الأجهزة الأمنية بما في ذلك القوات المسلحة برهن دائما على صعوبة الاعتماد عليه في أوقات الشدة. ففي يوم ما تظهر تلك الأجهزة وكأنها قوية إلا أنها تنهار فجأة في اليوم التالي. إن قوات صدام حسين فرت تاركة بغداد في يومين لتكذب بذلك كافة التوقعات عن معركة بغداد التي توقعها كثيرون. ورجال الرئيس زين العابدين بن علي انفضوا من حوله أيضا خلال أيام. كما أن قوات الأمن المصرية اختفت تماما من الشوارع دفعة واحدة. وفي ليبيا قاوم أنصار القذافي لبعض الوقت إلا أنهم انهاروا فجأة ليدخل الثوار طرابلس بسرعة أدهشت العالم. إن هناك منطقا يجمع هذا الانهيار السريع في كل تلك الحالات". وتابعت الدراسة أن "الحالة السورية ليست مختلفة. فثمة عوامل كثيرة تدعو إلى الاعتقاد بأن الأمن السوري سينهار دفعة واحدة وعلى نحو مفاجئ. فهناك أزمة قاسية في السيولة المالية يعاني منها النظام وهناك انشقاقات يومية يتواتر إيقاعها كل يوم داخل القوات المسلحة واضطرار النظام لاستخدام عصابات من المسلحين لقمع المتظاهرين وهم من يسميهم السوريون بالشبيحة يدل على درجة التماسك المنخفضة لقدرة النظام على مواجهة ما يحدث وليس العكس". وقالت الدراسة إن سبب توقع الانهيار المفاجئ يرجع في الأساس إلى أن اللحظة التي يدرك معها رجال الأمن وقادة الوحدات العسكرية أن المعركة يمكن أن تكون معركة خاسرة هي لحظة فرارهم من الميدان. وأضافت "إن الدعم الذي يحصل عليه النظام من تلك الوحدات يرجع إما إلى المصالح الذاتية أو إلى الخوف. ويمكن لذلك أن يكون مؤثرا حتى اللحظة التي يبدو واضحا فيها أن النظام يوشك أن ينهار. وهناك سؤالان لا يمكن الإجابة عنهما بسهولة. الأول هو: ما هو الأمر الذي يمكن أن يحمل أولئك العاملين في أجهزة الأمن على إدراك أن النهاية تقترب؟. ما الذي يمكن أن يسبب تلك اللحظة من الوضوح في حساباتهم؟ أما السؤال الثاني فإنه يتعلق بمدى الدمار الذي يمكن أن يخلفه الأسد قبل أن يرحل لاسيما في مجال الاقتصاد السوري الذي يدرك الجميع الآن أنه لن يتعافى تحت حكم الأسد". وحذرت الورقة من الإفراط في فرض عقوبات اقتصادية على سورية إذ إنها يمكن أن تؤدي إلى ردة فعل معاكسة حين تقدم للنظام شماعة يمكن أن يعلق عليها مسؤولية التدهور الكبير الذي يحدث الآن في الاقتصاد السوري. وأضافت "الخطأ الثاني الذي يمكن أن تقع فيه المجموعة الدولية هو التفاوض مع المعارضين السوريين في الخارج بدعوى إقامة مشروع بديل. إن من الضروري التمييز بين حركة الاحتجاج في الشارع التي برهنت على أنها محلية صرفة وتتسم بقدر متزايد من التماسك وقدر مشابه من التنظيم والقدرة على ضبط النفس في وجه استفزازات النظام ومن الشعور بالمسؤولية، والمعارضة الخارجية التي تتشكل من مثقفين منشقين لم يقاتلوا النظام إلا بالكلمات والذين يظهرون الآن بدرجة كبيرة من عدم التنظيم والفوضى على عكس المتظاهرين في الشوارع السورية".