يخوض الكاتب شاكر النابلسي تجربة تأملات وتحليلات للثورة العربية تشمل العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي، ومظاهر غباء الدكتاتوريات العربية، بحسب ما يورد في كتابه الصادر أخيرا (من الزيتونة إلى الأزهر.. أعاصير الثورة العربية) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت وعمان، متناولا الجيش والسلطة والثورة، والثورات والمفكرين والحريات، وثورة المعلومات وانهيار الأيديولوجيات، وعودة الروح للعرب بعد غياب طويل، والتحذير من أن تتحول الثورات إلى نكبات. أهدى النابلسي الكتاب لذكرى الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة. ويحوي الكتاب عبر (310 صفحات) تحليلات سياسية وتاريخية ونفسية للثورة التونسية (18 /12 /2010) والثورة المصرية (25 يناير2011)، اتّبع النابلسي منهاج التحليل التاريخي الأصلي (حسب هيجل). وهو التاريخ الذي يعيش فيه المؤرخ منبع الأحداث، وينقل فيه المؤرخ ما يشاهده، ويسمعه، ويقرؤه، وما ينقله له الآخرون. ويحمل المؤرخ بموجبه الأحداث إلى عالم التصور العقلي. ويصبح التاريخ مستوحىً، كما يستوحي الشاعر الصور المادية التي ينفعل بها، ويحولها إلى صور ذهنية. وقال النابلسي في مقدمة كتابه: إن أخطر ما أصاب دعوة الأديان في العصر الحديث، الاستغلال السياسي والتجاري لهذه الأديان. وتكمن هذه الخطورة في الأفكار الأسطورية الخرافية التي أُلبست لهذه الأديان قسراً، وتعسفاً، وظلماً. ومن هنا، أنتجت جماعات "الإسلام السياسي" لغة دينية سحرية، مُشعوِذَة، خادعة للجماهير، فيها استعمال مكثف للبلاغة والمجاز، ومليئة بالأقوال المأثورة، وبالنصوص الدينية المُحرَّفة و(الملويَّة) أعناقها، والمُهيّجة لعواطف الجماهير، لكي تخدم الغرض السياسي المُستهدَف.