على مدي ثمانية فصول يستعرض حمدي الحسيني مشوار الجنوبيين مع حلم الاستقلال عن الشمال منذ منتصف القرن الماضي، وترويض نظام الإنقاذ للجنوبيين وإغرائهم بالوحدة ، والتركيز علي دور الزعيم الجنوبي الراحل جون جارنج، كما يتناول مصير حركة تحرير السودان بعد رحيل زعيمها الروحي والصراع المكتوم بين قادتها. خصص الكاتب فصلاً كاملاً عن دور المخابرات الإسرائيلية "موساد " في دعم حركات التمرد بجنوب السودان، وخطط تل أبيب لحصار مصر عبر بوابة الجنوب، ومحاولات التغلغل المستمر في دول شرق إفريقيا من أثيوبيا إلى أوغندا ،كما يتناول فضيحة تهجير يهود الفلاشا عبر الأراضي السودانية في عهد الرئيس جعفر النميري. الكتاب يركز على أزمة الإسلاميين في السودان منذ وصول جبهة الإنقاذ إلى السلطة في الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق عمر حسن البشير، بالإضافة إلى رصد تطور الصراع على السلطة بينه وبين الشيخ الترابي، وحيل كل منهما للتخلص من الآخر للانفراد بالسلطة ،إلى جانب تتبع دور حزب الأمة وزعيمه الصادق المهدي في الأحداث التي عاشها السودان . توقع الكتاب أن تندلع الصراعات في عموم السودان علي خلفية انفصال الجنوب، بعد أن اختار أبناء إقليم دارفور وجبهة الشرق السير على خطى الجنوبيين في المطالبة بالاستقلال والانفصال، مما يؤدى إلي ظهور أربع دول في السودان، فضلاً عن التوقعات بعودة الاقتتال بين الشمال والجنوب من جديد بسبب عدم حسم ملفات الحدود والبترول. والكتاب الصادر عن مركز الأهرام للترجمة والنشر في 212 صفحة من القطع المتوسطة ، يصل إلى استنتاج هام حيث يتوقع المؤلف أن تواجه الدولة الجديدة في الجنوب تحدياً خطيراً بسبب تفجر الصراعات القبلية بين الدينكا التي تحتكر الثروة والسلطة وباقي قبائل الجنوب الأخرى. يغوص الكتاب في جذور العلاقة الشائكة التي تربط مصر بالسودان منذ حملات محمد علي باشا العسكرية لتوحيد القبائل والسلاطين في عام 1820 ، وصولاً إلى إصرار السودان على الانفصال عن مصر عام 1956 ، مروراً بالنزاع على مثلث حلايب، وانتهاء بانهيار علاقات البلدين في أعقاب تورط بعض المسؤولين السودانيين في محاولة اغتيال الرئيس المصرى السابق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995.