ألقى نائب الرئيس للآثار والمتاحف في الهيئة العامة للسياحة والآثار، الدكتور علي بن إبراهيم الغبان محاضرة بعنوان "الحضارات القديمة في المملكة العربية السعودية"، ضمن البرنامج الثقافي الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار على هامش معرض روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور، الذي انطلقت فعالياته في متحف الأرميتاج بمدينة سانت بطرسبيرج في جمهورية روسيا الاتحادية الاثنين الماضي، ولمدة أربعة أشهر. وتحدث الدكتور الغبان في محاضرته عن البعد التاريخي والحضاري للمملكة العربية السعودية، مؤكدا أن الموقع الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية بين قارات العالم قد أسهم في جعلها موطنا للعديد من الحضارات التي ازدهرت داخل حدودها، ومنها حضارات مدين، وثمود في العلا، والأخدود في نجران، وفيها انتشر الإسلام، وامتد منها إلى سائر أرجاء العالم، على مدى عصور ازدهار دولة الخلافة الإسلامية. وقال الغبان: إن الجزيرة العربية كانت ممرا تجاريا مهما وطريقا للقوافل، وهو ما أتاح لها إقامة علاقات مع الحضارات المختلفة، وجعل حضارات شبه الجزيرة العربية تمتد إلى خارج حدودها الجغرافية، مشيرا إلى أن الإنسان الأول استوطن أرض الجزيرة العربية على نطاق واسع، حيث تدل المواد الأثرية المكتشفة حتى الآن على وجود مستوطنات العصر الحجري القديم في الجزيرة العربية منذ أكثر من مليون سنة قبل الميلاد، مثل موقع الشويحطية بالقرب من مدينة سكاكا، كما عثر على دلائل لمستوطنات أخرى تعود للعصر الحجري المتوسط، ومن أمثلة ذلك "بئر حما"، في منطقة نجران. وتناول الغبان في محاضرته مراكز الاستقرار المدنية في الجزيرة العربية إبان الألف الثالث قبل الميلاد، والعلاقات التجارية في الألف الثاني قبل الميلاد، وقيام عدد من الممالك العربية، وبروز مسمى العرب على مسرح الأحداث العالمية في مطلع الألف الأول قبل الميلاد، وممالك القرون الأخيرة من الألف الأول، ونهاية الممالك العربية الوسطى، وظهور الدولة الإسلامية وما شهدته من تطور حضاري. وقدم نائب الرئيس للآثار والمتاحف سردا تاريخيا حول أهم الشواهد الأثرية للحضارة الإسلامية في العصور الإسلامية وصولا إلى الدول السعودية: الأولى والثانية والثالثة. ومحاضرة الدكتور الغبان هي واحدة من بين ثلاث محاضرات، يتم تنظيمها ضمن البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض، حيث يلقي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل، المستشار في الهيئة العامة للسياحة والآثار، الدكتور مشاري النعيم محاضرة حول "التراث العمراني في المملكة العربية السعودية"، ومدير المتحف الوطني بالرياض، الدكتور عبدالله بن سعود السعود محاضرة عنوانها "مواقع التراث العالمي في المملكة العربية السعودية". إلى ذلك، شهد المعرض إقبالا جماهيريا كبيرا، كالذي حظي به في محطتيه السابقتين، ومع افتتاح المعرض للجمهور اعتبارا من أول من أمس، بدأ المعرض باستقبال المئات من الزوار والمتوقع ارتفاع أعدادهم خلال الأيام المقبلة، كما سترتفع أعداد الزوار بدءا من الاثنين المقبل، حيث نسقت إدارة المعرض زيارات لطلبة المدارس. وقد ساهمت التغطية الإعلامية للمعرض في وسائل الإعلام الروسية في تعرف الكثير من سكان سانت بطرسبرج وزوارها على المعرض والرغبة في زيارته. وتوقعت إدارة متحف الأرميتاج أن يستقبل معرض الآثار السعودية أعدادا ضخمة من الزوار؛ نظرا للإعداد الجيد للمعرض، والصور اللافتة التي تم توزيعها عنه، ولأن آثار الجزيرة العربية ما زالت مجهولة لدى الكثيرين. ويمضي الزوار وقتا طويلا في هذا المعرض الذي يقدم لأول مرة نماذج من القطع الأثرية النادرة من حقب زمنية مختلفة. وأكد الكثير من الزوار أنهم دهشوا بما رأوه من قطع أثرية تبرز الحضارات المتعاقبة التي مرت بالجزيرة العربية، وأنهم لم يكونوا يعتقدون أن هذه الأرض كانت موطنا لهذا الكم من الحضارات، ولهذا القدر من التطور الاقتصادي والثقافي.