ما بين مطالبات بتطوير المنطقة، ودعوات للحفاظ على البيئة، انقسمت الآراء حول مصير غابة أشجار "المانجروف" الممتدة على سواحل الخليج العربي بمحاذاة مدينة تاروت التابعة لمحافظة القطيف في المنطقة الشرقية، التي لم يتبق من أشجارها سوى 15% فقط، بعد أن قضت أعمال الردم على نحو 85% من مساحة وأشجار الغابة. فمن جهة، تسارعت عمليات الردم في الخليج لتلبية المطالب المنادية بتطوير المنطقة بما يتوافق مع متطلبات المرحلة، حيث تتسابق الجرّافات على امتداد خليج تاروت لردم ما تبقى من غابة أشجار المانجروف بعد تفريغ الشاحنات لحمولاتها من مخلفات البناء والأنقاض بالقرب من الشريط الساحلي، مع تأكيد بلدية محافظة القطيف على حصول المشاريع المقامة حاليا في السواحل البحرية على موافقة من الجهات المختصة. أما في الجهة الأخرى، فيخشى ناشطون في مجال البيئة، من تدمير ما تبقى من غابة أشجار المانجروف الممتدة على خليج تاروت في المنطقة الشرقية، باعتبارها إحدى المواطن الحقيقية للكائنات البحرية الأولية التي تبدأ فيها دورة الحياة في البحر، حيث تضم مبائض وحاضنات الأسماك الصغيرة والروبيان والأحياء البحرية الأخرى والطيور القاطنة والمهاجرة. وقال نائب رئيس جمعية الصيادين بالمنطقة الشرقية جعفر الصفواني ل"الوطن": إن أعمال الردم التي طالت منطقة خليج تاروت قضت على أكثر من 85% من سواحل وأشجار المانجروف أو ما يعرف ب"القرم"، وإن استمرار عمل الجرّافات والشاحنات في المنطقة سيؤدي إلى القضاء التام على آخر موطن غذائي للكائنات البحرية في المنطقة. وأشار الصفواني إلى وجود لجنة رباعية تتولى النظر في أي طلب للقيام بأي مشروع على السواحل؛ وذلك للحفاظ على السواحل والبيئة البحرية، وهي مكونة من أمانة مدينة الدمام رئيسا للجنة وهيئة الأرصاد وحماية البيئة، ومهمتها مراجعة الدراسات المقدمة من قبل الشركات التي حصلت على موافقة مبدئية بالعمل في الساحل أو في البحر، ووزارة الزراعة متمثلة في الثروة السمكية، وحرس الحدود ومهمة اللجنة المحافظة على الحدود المائية وعدم التجاوز عليها من خلال الردم أو التعديات الأخرى. وقال الصفواني: على الرغم من وجود هذه اللجنة والجهود الكبيرة الذي تبذل لحماية البيئة، إلا أن عمليات الردم لا تزال قائمة على قدم وساق. متوقعا أن تكون غابة المانجروف من ذكريات الماضي إذا لم يتخذ قرار صارم من الجهات المعنية يقضي بالحفاظ على البيئة البحرية. أما الناشط البيئي داود سلمان السعيد، فذكر أن شجر المانجروف الموجود في الخليج العربي الذي يسمى القرم الأسود هو من أفضل وأقوى الأنواع صمودا ومقاومة للحرارة ولملوحة مياه البحر، وذلك من بين أكثر من 75 صنفا منتشرة على مستوى العالم. مبينا أن الغابة الموجودة في خليج تاروت تعتبر إحدى المواطن الحقيقية للكائنات البحرية الأولية التي تبتدئ فيها دورة الحياة في البحر. مطالبا بالحفاظ عليها. من جانبها، ترى بلدية محافظة القطيف أن المشاريع المقامة حاليا على الساحل البحري، لم تقم إلا بعد حصولها على موافقة جهات الاختصاص، وهو ما أكده مدير العلاقات العامة والإعلام بالبلدية جعفر المسكين، حيث قال ل"الوطن": إن المشاريع المقامة الآن على السواحل حصلت على موافقة من الجهات المختصة. مؤكدا عدم سماح البلدية برمي الأنقاض أو مخلفات البناء بطريقة مخالفة سواء على السواحل أو في المخططات. وقال: إنه في حالة رصد مخالفة من هذا النوع فإن البلدية ستقوم بمجازاة المخالفين وفق ما تنص عليه الأنظمة والتعليمات.