كثير من الأزواج والزوجات يشتكون من الملل الذي سرعان ما يتسرب إلى الحياة الزوجية بسبب تفاصيلها المرهقة، فالزوج العائد من عمله يشكو من مديره وتعليماته المشددة، والزوجة هي الأخرى إما أن تعود من عملها لتروي تفاصيله المملة، أو أن تقضي يومها في البيت تتابع الفضائيات، ولا تهتم هي الأخرى بمشاكل الزوج، فيزيد الجليد بينهما.. وفي هذا الجو المشحون بالملل يستسلم الأزواج لمتابعة الفضائيات التي تستأثر باهتمام الجميع، بما تقدمه من وقائع وقصص غارقة في الرومانسية والخيال، فتبادر الزوجات بتقليد فتيات الفضائيات أمام أزواجهن طمعاً في نيل الرضا. بعضهن يصبن بخيبة أمل وإحباط من ردة الفعل تجاه المحاولة، وبعضهن ينجحن أخيرا في لفت نظر الزوج، وينتصرن على فتيات الفضائيات. عدد من الزوجات أكدن أن العيب ليس فيهن، وأنه يكمن في الأزواج البعيدين عن الرومانسية، وطالبن أزواجهن برومانسية أكثر. شعار التغيير بادرت حورية بارتداء ملابس مختلفة، ووضع مساحيق تجميل من أرقى الشركات العالمية، لإرضاء زوجها الغائب طوال اليوم في العمل، في محاولة منها لكسر الملل والروتين المعتاد للحياة الزوجية، في الوقت الذي انشغل فيه الزوج بمشاهدة مسلسل خليجي يعرض على إحدى القنوات الفضائية، معلناً من حين لآخر استنكاره لما تقدمه هذه المسلسلات التركية المدبجلة التي تفسد النساء. حاولت حورية رفع شعار التغيير، ولفت نظر زوجها بعدد من المحاولات اليائسة، لكنها أصيبت بخيبة أمل كبيرة في الزوج الذي تعلقت عيونه بشاشة القناة منشغلا بالمتابعة والتندر، ولم يلتفت ولو لحظة على حد قولها للتغيير الذي أحدثته في شكلها. حياتي "ثلاجة" "ثلاجة، حياتي مع زوجي في ثلاجة لمدة 10 سنوات"، بهذه الكلمات عبرت إحدى الزوجات عن تفاصيل حياتها الزوجية، مشيرة إلى أنها حاولت أن تفهم زوجها مرارا بأنها تحتاج إليه، وقد وصلت هذه المحاولات إلى مشاجرات، دون جدوى وبعد أن يئست استسلمت لواقعها وحياتها الزوجية "المجمدة". أما أم عبدالله المتزوجة لأكثر من عشر سنوات أيضاً، فتتهم زوجها بأنه نسي تماماً جو الرومانسية، فبعد السنوات الأولى غرق في الاعتياد، ولم يعد يهتم إلا بنفسه، ويعيش لنفسه فقط، دون أي التفات لمشاعرها، ورغم أنها نبهته أكثر من مرة إلا أنه لم يلتفت إليها، الأمر الذي دفعها للصراخ في وجهه قائلة "شاهد المسلسلات وتعلم كيف يتعامل الأزواج مع زوجاتهم". نور، زوجة ترفض هذه الاتهامات التي يكيلها البعض للرجال، وتتهم الزوجات بأنهن سبب الملل، وانشغال الأزواج، وقالت "في ظل ارتفاع الأسعار والمشكلات التي لا تنتهي يكون من الذكاء البحث عن الأزواج الأكثر تعقلاً وتحملاً لتكاليف الحياة الزوجية"، مشيرة إلى أن الفضائيات تقدم واقعا رومانسيا مختلفا عن الواقع. جو من الرومانسية يقول عميد كلية الدراسات الاجتماعية بجامعة أم القرى سابقا أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمد مسفر القرني إن "العلاقات التي تطول غالبا ما يصيبها الملل، سواء أكانت بين الأزواج أو غيرهم، والمسلسلات المدبلجة لعبت على هذا الوتر في ظل انشغال الأزواج بجمع الماديات وتوفيرها للأسرة". وأضاف أن هذه المسلسلات استغلت مساحة الفراغ التي تركها الزوج، ولعبت لعبتها، فشعرت الزوجات بالملل، وبدأن يبحثن عن حياة أكثر رومانسية مع الأزواج. ونصح الدكتور القرني باستيعاب هذا الأمر، وتوفير جو من الرومانسية التي تبحث عنها الزوجة في المسلسلات، على أن يكون ذلك في جو أسري سليم حفاظا على الحياة الأسرية.