أكد عدد من كبار المستثمرين السعوديين في مصر أن الأزمة الحالية وإن تسببت في بعض الأضرار لن تدفعهم إلى الخروج من السوق المصرية أو مراجعة خطط توسع مشروعاتهم هناك، وقالوا إن مصر تعد عمقا استراتيجيا لاستثماراتهم في المنطقة. وقدر رئيس المجلس السعودي المصري للأعمال عبدالله صادق دحلان حجم الاستثمارات السعودية في مصر بين 27 30 مليار جنيه (4.55 5.06 مليارات دولار). وذكر أن عدد المواطنين السعوديين المقيمين أو شبه المقيمين في مصر أو لديهم استثمارات فيها يقدر بمئات الآلاف لكن لا تتوافر أرقام أو تقديرات لحجم نشاطاتهم التجارية في مصر. وأوضح دحلان أن أصول الشركات والاستثمارات السعودية في مصر لم تتضرر جراء حوادث الشغب التي صاحبت المظاهرات قائلا إنها كانت تحت حماية السلطات المصرية وإن كان نشاط تلك الشركات تأثر كثيرا بسبب الركود التجاري الذي صاحب الأزمة. وتتوزع رؤوس الأموال السعودية في مصر على العديد من الخيارات الاستثمارية أبرزها قطاع الخدمات والسياحة والطيران والقطاع العقاري والزراعي إلى جانب بعض الأنشطة المالية. وتوقع دحلان امتداد تأثير الأزمة لعدة أشهر فيما يتعلق بعمليات الإنتاج ولعامين فيما يتعلق بالمناخ الاستثماري في البلاد مشيرا إلى أن الأزمة قد تؤثر على بعض الاستثمارات الصناعية التي ستستغرق وقتا طويلا لعودة إنتاجها إلى المستويات الطبيعية وتعويض أيام توقفها. وقال رئيس مجلس إدارة الراجحي الدولية للاستثمار محمد بن سليمان الراجحي إن استثمارات مؤسسته تضررت جراء انخفاض سعر الجنيه المصري وتوقف عمليات النقل والموانئ في الأيام الأولى من الأزمة. وأضاف أن استثماراته في مصر تضررت أيضا من ارتفاع سعر التأمين على المحاصيل القادمة عبر قناة السويس بنسبة 10% من 300 إلى 330 دولارا. وأوضح الراجحي أن قيمة استثمارات مؤسسته في مصر تقارب خمسة مليارات جنيه وتتوزع بين استثمارات زراعية في توشكى جنوب البلاد واستثمارات في الدواجن في منطقة وادي النطرون. وقال "نحن نؤمن بأن وجودنا في مصر وجود استراتيجي من حيث الفرص الاستثمارية وتأمين الأمن الغذائي". وقال عبد المحسن الحكير رئيس مجلس إدارة شركة عبدالمحسن الحكير القابضة التي تعمل في مجال الخدمات والأسواق التجارية "تراجعت عملياتنا بنسبة تراوحت بين 30 و40% إلا أن استثماراتنا خارج القاهرة لم تلحقها أي أضرار.. خططنا في العمل مستمرة وثقتنا في السوق المصرية عالية جدا". وامتنع الحكير عن تحديد حجم استثماراته في مصر. وأكد مدير إدارة تطوير الأعمال في شركة مواد الإعمار الدولية (CPC) فيصل ابراهيم العقيل أن استثمارات شركته في مصر "آمنة ولم تتأثر بسبب الأحداث". ولم يكشف عن حجم تلك الاستثمارات. وشركة مواد الإعمار الدولية تابعة لشركة مواد الإعمار القابضة السعودية وهي بدورها الذراع الصناعية لمجموعة بن لادن السعودية. وأضاف العقيل "العمل في مجمع (CPC) الصناعي والواقع في محافظة 6 أكتوبر لم يتوقف خلال الأيام الماضية بسبب الأحداث وما صاحبها من شغب.. العمل مستمر واستثمار الشركة آمن"، وتابع "السوق المصرية لها أهمية كبرى لاستثمارات (CPC).. مجلس إدارة الشركة واثق ومتفائل جدا في أن الأزمة الحالية ستزول قريبا ثم ستعود مجريات الأمور إلى طبيعتها نظرا لأهمية مصر للمستثمر المصري والخليجي والأجنبي". لكن من ناحية أخرى قال ناصر الطيار الرئيس التنفيذي لمجموعة الطيار للسفر والسياحة الذي يبلغ حجم استثمارات شركته في مصر 100 مليون ريال (26.7 مليون دولار) وذلك في مجال الطيران والخدمات إن الشركة كانت تعتزم إطلاق رحلات النيل للطيران العارض في مارس المقبل لكنها قررت تأجيل الأمر إلى أجل غير محدد بسبب تداعيات الأزمة. وقال "عملياتنا تراجعت بما يقارب 30% نفكر جديا في أن نوقف صرف الرواتب في حال طالت الأزمة". وتوقع تقرير كريدي أجريكول سي.آي.بي أن يكون قطاع السياحة أول القطاعات المتضررة من الأزمة الراهنة وقال "استمرار حالة عدم اليقين السياسية وأعمال العنف سيكون له أثر مدمر على عائدات السياحة هذا العام". وخلال الأزمة الجارية غادر السياح البلاد بأعداد كبيرة بالفعل في ذروة الموسم السياحي في مصر. وقال التقرير إن استمرار الاضطرابات السياسية سيؤثر على عدد السائحين الوافدين إلى البلاد وكذلك على الفترة التي سيقضونها مشيرا إلى أن نقص عائدات السياحة سيتطلب دعما إضافيا في موازنة الدولة. والسياحة وتحويلات المغتربين المصريين مصدران رئيسيان للعملة الصعبة في مصر. من جانبه قال صالح التركي رئيس مجلس إدارة شركة نسما التي تعمل بشكل رئيسي في مجال الطيران والملاحة البحرية عبر شركتي نسما للطيران ونماء للملاحة ويبلغ حجم استثماراتهما في مصر 250 مليون ريال إن توقف عمل البنوك أثر على التدفقات النقدية للشركة. وأضاف "أكثر خسائرنا حاليا في طيران نسما حيث ارتفعت طلبات عودة الركاب إلى بلدانهم كما تم إلغاء العديد من حجوزات الأسابيع المقبلة فأصبحت رحلاتنا تذهب ممتلئة إلى أوروبا لكنها تعود إلى مصر خالية". وأضاف التركي أنه في حال استمرت الأزمة طويلا فمن المحتمل أن يفكر في تسريح بعض العمال ولكن ذلك سيكون آخر خيار له. وأكد أن السوق المصرية سوق استراتيجية لمجموعته ولن يبتعد عنها أو يغير خططه حول العمل فيها. من ناحية أخرى أشاد مستثمرون سعوديون بقرارات وزارة المالية المصرية بإنشاء صندوق للتعويضات بقيمة خمسة مليارات جنيه مؤكدين أنهم سيستفيدون من دعمه حالما تتطابق أنظمته وشروطه مع أوضاعهم. وقال عبد الله دحلان "هذه الخطوة من شأنها ترسيخ ثقة المستثمرين". لكن بعيدا عن صندوق التعويضات فإن ثقة المستثمرين السعوديين في مصر تعززها أسباب كثيرة فكما يقول عبدالعزيز الجاسر رئيس مجلس إدارة شركة العربية للعود والذي يستثمر أيضا في السوق المصرية "مصر عمق استراتيجي للعالم العربي سياسيا واقتصاديا وثقافيا ولا يمكن أن نكون بعيدين عنها.. سنعمل على التوسع أكثر في قطاع التجزئة وفي ضخ المزيد من الأموال في سوق الأسهم المصرية بعد انقشاع الأزمة عن مصر".