لا تكاد تنقضي ليلة من ليالي بطولة كأس أمم آسيا المقامة حالياً في العاصمة القطرية دون أن يمر أحد من الوفود الرسمية أو الإعلامية أو الجماهيرية الموجودة في الدوحة بسوق واقف الشعبي القديم. فهذا السوق الذي تمتزج فيه أصالة الماضي بعبق الحاضر يحتشد فيه جمع غفير من الناس بمختلف جنسياتهم وميولهم ومهنهم عقب انتهاء المباراة الثانية للبطولة أي بعيد قليل من التاسعة مساء. وتم تطوير هذا السوق القديم الذي يحتوي على محلات تجارية لبيع التحف الأثرية والمستلزمات اليومية بحيث يحتفظ بتصميمه الشعبي وأضيفت له لمسة حضارية جديدة عليه تضمنت عدداً كبير من المقاهي العالمية وأيضاً العربية المتميزة بجلسات خاصة لتناول الأرجيلة (الشيشة أو المعسل). ويشهد سوق واقف حركة غير عادية من خلال تواجد أعداد هائلة من الجماهير والزوار لمتابعة الفعاليات التي يحتضنها السوق على هامش نهائيات كأس أمم آسيا التي انطلقت في 7 يناير الجاري وتستمر حتى ال29 منه، فقد تحول السوق واقف إلى خلية نحل لمتابعة الفعاليات والالتقاء وتبادل الآراء حول منتخبات البطولة. وتحرص كثير من القنوات الفضائية على التواجد لتغطية تجمعات الجماهير الغفيرة التي تتابع المباريات على شاشات تلفزيونية عملاقة بحماس منقطع النظير، وكذلك للتحاور مع روابط المشجعين في مختلف المنتخبات والاستمتاع بأهازيجها. وتبدأ الفعاليات في سوق واقف من الخامسة عصراً وتستمر حتى وقت متأخر من المساء، حيث تتنوع الأنشطة المصاحبة لهذا الحدث الآسيوي الكبير، فتغص المقاهي الشعبية بالجماهير والزوار ويتجول في السوق عدد من الشخصيات الفكاهية التي ترتدي زي المهرجين لإضفاء روح المرح والدعابة على وجوه الحاضرين. ولوحظ في السوق تواجد كبير لزوار وسياح أوروبيين أبدوا إعجابهم الشديد بطبيعة السوق والمتسوقين فيه. وفي سوق واقف المميز في الدوحة تجتذبك تحف فنية جميلة ومنتجات شعبية عديدة بين أزقة عبقة بعطور شرقية فواحة، بالإضافة إلى مجسمات رياضية مثل كأس أمم آسيا وشعلة الألعاب الأولمبية وكأس العالم وكؤوس ودروع كروية. ويتخصص كثير من البائعين في السوق ببيع المنتجات التقليدية واليدوية والصور الأثرية والفنية التي تعبر عن تاريخ قطر وتراثها والتي يمكن الحصول عليها بأسعار رمزية. وكان القائمون على سوق واقف أعدوا برنامجاً فنياً طوال ليالي البطولة يتعاقب عليه عدد من فناني الدول الخليجية الذين يتراقص الحاضرون على أنغام أغانيهم كل ليلة مستمتعين بأوقات سعيدة لا تتكرر كثيراً. وأقامت إذاعة "صوت الريان" بالتعاون مع اللجنة المنظمة في البطولة عدداً من ليالي الطرب الشعبي شدا فيها الفنانون عزازي وخالد الملا وعمر عبد اللات وحسين العلي وعلي العيساوي وصالح أحمد وعلي الديك، ويستمر هؤلاء بصحبة الفرقة الفنية حتى بزوغ ساعات الفجر الأولى في تفاعل رائع يجمع جنسيات عربية أجنبية، على أن تستمر هذه الفعاليات الفنية حتى نهاية منافسات البطولة. وأخيراً، فسوق واقف يعد أهم معلم تراثي وسياحي يقصده المواطنون والمقيمون نظراً لمميزاته البنائية المستمدة من العمارة الإسلامية التي بني منها منذ قرن من الزمان، والتي أدخلت عليه العصرنة دون أن تخل بنظامه كمكان يتنفس التاريخ ويحكي قصة قطر وعادات أهلها وتقاليدها لتقريب صورة البلد الذي يرفل اليوم في ثوب النهضة الاقتصادية والعمرانية من غير أن يتخلى عن إرث الأجداد.