مرت الأيام كئيبة وثقيلة، وتتابعت أحداث ما يسمى بالربيع العربي الذي أصبح خريفاً وشتاء قارصاً على المواطن العربي البائس. وفي ظل تلك التموجات السياسية في المشهد العربي أظهر المجتمع السعودي بمكوناته كافة وفاءه لوطنه وقيادته الحكيمة وتميز الشباب السعودي بعقلانيته وعدم انسياقه خلف تيارات دعاوى ربيع العرب المختطف، وشهد واقع الشباب السعودي الواعي المثقف بأنه على درجة كبيرة من النضج، إلا من ندَّ وشرد، والشاذ لا حكم له. ولا أدل على منهج الاعتدال السعودي بجملة أطيافه من حالة الاتزان التي نشهدها إبان الثورات العربية، وفي قلب الأحداث المتفجرة والمستمرة اليوم، والذي يشهد تلاحماً وطنياً منقطع النظير بين القيادة والشعب. تركز بعض وسائل التواصل الاجتماعي وجمعيات حقوقية عالمية وجهات مشبوهة على معزوفة أخطاء السعودية في الحروب الدائرة في سورية واليمن خصوصاً، والتي تصنفها كأخطاء إستراتيجية وسياسية وعسكرية عميقة، وهذا التصنيف لاشك أنه ضمن مؤامرة كبرى تقود حرباً إعلامية وسياسية ضد الكيان والعمق السعودي، والمتابع لحملات الإعلام التي وجهت سهامها لنا من بعض الدول المجاورة الصديقة وحتى الدول الغربية التي تتظاهر بأنها حليفة، ولكنها تدعم حملات مغرضة غير مسبوقة في الصحافة ووسائل الإعلام الغربية، يظهر له بكل جلاء حجم التآمر ضد هذا الكيان الصامد. ومن يحلل واقع الموقف السياسي والعسكري السعودي من الاحتلال الفارسي والروسي والأميركي لسورية والتغلغل الإيراني في اليمن، يجد أن الموقف السعودي وجد نفسه مدفوعاً لخوض حرب وجودية في خضم مشهد سياسي متفجر، وصلت نيرانه إلى حدود السعودية، بل ضربت العمق الداخلي سواء عن طريق حروب الوكالة بخلايا الإرهاب أو التمدد الفارسي في اليمن، والذي كان من أبرز آثاره تفجيرات الإرهابيين وصواريخ باليستية استهدفت حتى مكةالمكرمة والعاصمة الرياض، فكان لا مناص من حماية الداخل والخارج وضبط حدودنا وتأمين المواطن من الأخطار المحدقة، ومن أبرزها ميليشيات الحوثيين الفارسية بثياب يمنية تحاول أن تكوين حزب يضاهي حزب نصر الإيراني في لبنان، لا يكتفي بتأسيس حزب، بل يحاول اختطاف الشرعية في اليمن، وتهديد الأمن القومي السعودي، وينبغي للمنصف إعلامياً كان أو محللاً سياسياً أو متابعاً عربياً أن يلاحظ أن السعودية لم تخض تلك الحرب وحدها منفردة وبمعزل عن قرارات الأممالمتحدة، بل شاركت التحالف الدولي في سورية والعراق والاتحاد العربي في اليمن، وإذا كان من تبعات للحرب فإن دول العالم شركاء في ظروفها وتبعاتها، وكما خاضت السعودية مرغمة حرباً خارجية فهي تخوض أيضا حرباً داخلية على فلول الإرهاب وألوان التطرف ورموزه وهوامير الفساد وأساطينه ضمن عملية إصلاحية شاملة متكاملة كللت بوادرها بالنجاح. وخلاصة القول أنه رغم ما ستسفر عنه الحروب والحملات العسكرية الدولية على الدول العربية من تمزيق وتقسيم وتضحيات جسيمة وتنازلات عربية سياسية كبيرة قائمة وقادمة، فإن السعودية ستبقى رغم الأراجيف والمؤامرات قوية منتصرة وقائدة منصورة.