يتابع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني جهوده لإتمام عقد لقائه الجديد تحت عنوان "القبلية، والمناطقية، والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية"، في محافظة جدة على مدى يومين بدءا من الثلاثاء المقبل بمشاركة نحو 70 مثقفاً ومثقفة، سيتصدون للإجابة عن أسئلة القبلية، والمناطقية، والتصنيفات الفكرية، وكيفية تفاعل المجتمع معها، وأثرها في الوحدة الوطنية باعتبارها من القضايا التي لم تأخذ حقها من النقاش والحوار في وسائل الإعلام المحلية طبقا للمركز. ويذهب بعض المثقفين إلى ضرورة طرح هذه القضية على طاولة الحوار، وإعادة صياغتها حتى لا تخرج عن سياقها الوطني، وتتحول من عوامل بناء إيجابية إلى ظاهرة سلبية ترسخ التفرد والإقصاء والانحياز إلى فئة دون أخرى على حساب المصالح الوطنية. وقال محمد صالح الدحيم: إنه لا بد من بحث هذه الموضوعات بكل شفافية وإن تجاهلها لا يعني عدم وجودها، غير أنه أكد على أن يكون تناولها ليس بهدف الإلغاء أو استعراضها من الجانب السلبي، فإن ذلك يعمق المشكلة ولا يحلها، حيث إن الوطن هو نسيج اجتماعي متنوع. وأضاف الدحيم: إن ظاهرة التطرف والتعصب مرفوضة سواء كانت لقبيلة أو منطقة أو لتيار فكري معين، ولكن في الوقت ذاته يجب ألا يكون هناك أيضا طرح متطرف ومتعصب عند عرض هذه المواضيع للنقاش بهدف إلغائها فالإلغاء غير وارد وباق إلى يوم القيامة كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون"، ولكن هناك إمكانية لترشيدها وجعلها ضمن الدعائم الوطنية. وفي رأي الدكتور محمد السعيدي، أن المناطقية والقبلية والتصنيفات الفكرية بدأت تظهر بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة، وإن لم تتمكن من الظهور في الصحافة لوجود الرقابة فقد تجاوزتها لمنتديات الإنترنت والمجالس الخاصة، وإن أي موضوع يصبح حديث المجالس يتحول إلى ظاهرة تجب معالجتها قبل أن تستفحل وتأخذ منحنى آخر، يؤثر في النسيج الاجتماعي. بينما يلفت الدحيم إلى أن موحد المملكة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله تعالى، كان مدركا لهذه القضية، وجعل من القبائل عوامل في دعم الوحدة الوطنية، وهو الوجه الإيجابي لموضوع القبلية، غير أن هناك وجها سلبيا وهو الانتماء للقبيلة أو الإقليم أو التيار الفكري على حساب الوطن، ولذلك فإنه لابد أن يتكرر طرح مثل هذه المواضيع في وسائل الإعلام وأن تتحول إلى برنامج عمل. واعتبر الزميل هاشم الجحدلي أن القبيلة بدأت استعادة حضورها بشكل سلبي وليس بالشكل الإيجابي، باعتبارها حاضنة للفرد، كما تشكل في المقابل تعصب مضاد قائم على أساس إقليمي، ليتكون في المقابل ما يسمى بالمناطقية، وكذلك تم تفعيل التصنيفات الفكرية والأيدلوجية بشكل حاد، وهي بدون شك اختراقات للوحدة الوطنية ومنبثقة من التفرد والبحث عن إطار خارج الوحدة الوطنية، ومهما كانت المبررات فهي غير مقبولة. وأشار إلى أن الحل الجذري ليس بالمنع ولا بالترهيب ولا بالمقاطعة ولكن بتفعيل دور أجهزة المجتمع المدني، التي لديها القدرة على دفع المجتمع ليكون أكثر انفتاحاً وقبولاً بالاختلاف.